معهـد أميـركي: لو أراد «الناتـو» التدخـل.. فغـالباً لن يستطيـع

20-04-2012

معهـد أميـركي: لو أراد «الناتـو» التدخـل.. فغـالباً لن يستطيـع

على الرغم من التصويت بالإجماع في مجلس الأمن على إرسال فريق المراقبين الدوليين إلى سوريا للإشراف على وقف إطلاق النار، لا تزال أسئلة كثيرة تتزاحم حول ما يمكن القيام به لوقف الصراع. وخلال الأسبوع الماضي، أثار القتال الدائر على الحدود مع تركيا احتمالاً آخر للتدخل: حلف شمال الأطلسي. فقد أثار رئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان، رداً على إطلاق النار من الجانب السوري، إمكانية اللجوء إلى المادة الخامسة من ميثاق «الناتو» والتي تنصّ على أن الاعتداء المسلّح ضدّ أي دولة عضو في الحلف يمثل اعتداء على جميع الدول الأعضاء، وبالتالي يستجيب هؤلاء وفقاً لذلك عبر سبل عدة بما فيها اللجوء إلى القوة المسلّحة. تلميذات يقدمن التحية والورود إلى عناصر من القوات السورية في أكاديمية للجيش في دمشق أمس (أ ب أ)
أثيرت المادة الخامسة بعد اعتداء 11 أيلول، حيث أن الصراعات السابقة بين اليونان وتركيا في قبرص على سبيل المثال لم تصل لحدّ إقرار هذه المادة. وإن لجأ أردوغان فعلاً إلى إثارة هذه المادة، وحصل على موافقة أعضاء «الناتو» الآخرين، فتلك ستكون سابقة لاستخدام ميثاق الحلف من أجل الانخراط في حرب أهليّة.
لا بدّ من الإشارة، بداية، إلى ضرورة أن يتوخى «الناتو» الحذر. الوثائق التي سُرّبت من ليبيا كشفت المشاكل التي رافقت تنفيذ عملياته الجوية. فعلى الرغم من المساعدة الأميركية، فإن التحالف ناضل لإيجاد طائرات كافية لاعتراض الاتصالات اللاسلكية بين أعضاء نظام القذافي، كما افتقر لأنظمة الاستخبارات المشتركة المناسبة وللمخططين والمحللين الذين يضمنون فعالية أكبر للعمليات التي ينفذها. ولنكن واضحين هنا ونكرّر ما هو بديهي: الصراع في ليبيا أسهل بأشواط من التدخل في سوريا. ومع ذلك، لم يؤثر هذا الواقع على رغبة أردوغان في إيجاد دعم دولي، إلا أن أسباباً كبيرة تدعو للتشكيك في نجاح أي محاولة لتدخل «الناتو» في سوريا.
في الواقع، يتحول الحلف في مستوياته الأساسية وعلى نحو متزايد إلى مجرّد نمر من ورق. خلال الحرب الباردة، خضعت أميركا للمساءلة بشأن إنفاق حوالي 50 في المئة من ميزانية الدفاع، الآن يصل الإنفاق إلى أكثر من 75 في المئة.
وفي هذا الإطار، من الجدير ذكره أن كل بلد في أوروبا قد اقتطع من ميزانية الدفاع لديه، وحتى ميزانية الدفاع الأميركية المتنامية لم تعد معطى ثابتاً. وعليه، سيكون من الجنون، في ظلّ الميزانيات المتناقصة والقدرات المتقلصة والموارد المتضائلة، الدخول في حروب على حوض المتوسط.. وهو بالضبط ما كان يريده أردوغان.
الحقيقة المؤسفة هي أن قدرة الحلف على التأثير في معادلة الحرب والسلم خارج أوروبا باتت محدودة. فاثنان من مشاريعه الكبرى خلال العقدين الماضيين، أفغانستان وليبيا، لم يحققا النجاح الذي استبسل مناصرو التدخل لتحقيقه، أما مشروعه الرئيسي، كوسوفو، فما زال غير آمن وغير مستقر بعد 13 عاماً من الاحتلال المستمر.
ما يعني ذلك بالنسبة لتركيا؟ لا شك أن أردوغان سيحظى بدعم بعض الدول الأوروبية لرفع مستوى الأمن على طول الحدود التركية ـ السورية. ولكن بغض النظر عن خطر استفحال الأزمة في سوريا وتهديد انتـقالها إلى تركيا، فإن قـدرة «النـاتـو» على التأثير في مـسار الأزمة بشـكل فاعـل، في أحسـن الأحـوال، محدودة للغاية. والموجة السائدة في أوساط الحلف حالياً من خفض عدد القوات وتقليص الميزانيات وغيرها، تعني أنه لو أراد «الناتو» التدخل حقاً، ففي أغلب الظن أنه لن يستطيع.
ما وصل إليه «الناتو» يترك تداعيات كبيرة على أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط. فالحلف كان دعامة للاستقرار العالمي منذ تأسيسه في العام 1949 بعد انتهاء الحرب الباردة. الآن، ها هو يتأرجح بين الطموحات الكبرى للاستراتيجية الجديدة التي أقرتها معاهدة لشبونة في العام 2010 وبين الواقع الفوضوي لميزانيات دفاعه المتقلصة وشهيته المحدودة على المغامرة.
والنتيجة النهائية: عندما تواجه دولة عضو كتركيا تهديداً معيناً، فلو أراد الحلف مساعدتها لن يقدر على حشد القوى للدفاع عنها. ولكن قد لا يعني ذلك نهاية الحلف الأطلسي بقدر الحاجة إلى التفكير الجدي والتخطيط الاستراتيجي لمواءمة طموحاته مع قدراته. وكما هي الحال عليه الآن، فإن أي الطرفين غير متوازن ما يعني أن الحلف بوضعه الراهن لا يعود بفائدة على أحد.

السفير نقلاً عن  «مجلس العلاقات الخارجية» ـ جوشوا فوست

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...