مجلس الأمن يمدد مهلة وقف العنف لصباح الغد والمعلم يصف تركيا بأنها جزء من الأزمة
اعلن مجلس الامن الدولي، في بيان رئاسي امس، تأييده طلب مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان من الحكومة السورية والمعارضة وقف العنف عند السادسة من صباح غد الخميس، وذلك بعدما أبلغ انان المجلس ان السلطات السورية لم ترسل «إشارة السلام» التي ينص عليها الاتفاق معها، ورفض القول إن خطته فشلت، مشيرا الى انها لا تزال على الطاولة لأنه ليس لها بديل.
في هذا الوقت، ابلغ وزير الخارجية السوري وليد المعلم نظيره الروسي سيرغي لافروف، في موسكو، ان دمشق بدأت سحب قواتها طبقا لخطة انان، لكن لافروف اعتبر ان على النظام السوري تطبيق المبادرة بشكل «اكثر حسما»، على الرغم من تحميله المعارضة والدول الداعمة لها مسؤولية في وقف العنف ايضا. واتهم المعلم تركيا بأنها «تحتضن مسلحين» وتسمح لهم بخرق الحدود وتهريب السلاح الى سوريا.
وفي تصريح قرأته مندوبة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة سوزان رايس اعلن مجلس الامن تأييده طلب انان من السلطات السورية وقف المعارك قبل 12 نيسان في الساعة السادسة صباحا، بتوقيت دمشق.
وكان انان قد وجه رسالة من ثلاث صفحات إلى مجلس الامن يندد فيها بعدم تنفيذ النظام السوري تعهداته الكاملة بالانسحاب العسكري في 10 نيسان ويطالب فيها المجلس بدعوة السلطة والمعارضة فورا الى «احترام المهلة المحددة في 12 نيسان» لوقف اعمال العنف بالكامل. وكرر انان في رسالته القول «انني مقتنع بضرورة بذل كل ما يلزم من اجل وقف العنف بجميع اشكاله في 12 نيسان عند الساعة السادسة صباحا» بتوقيت دمشق.
واعلنت رايس أن «أعضاء المجلس أكدوا ضرورة انصياع النظام السوري بشكل كامل لخطة النقاط الست التي وضعها أنان، وتنفيذ بيان مجلس الأمن الاخير، وأن تقوم القيادة السورية بإجراء تغيير هيكلي في موقفها»، مؤكدة أن «أعضاء المجلس في مشاوراتهم شددوا على ضرورة التزام قوات المعارضة بوقف العنف بحلول بعد غد الخميس وفقا لخطة النقاط الست».
ورفضت رايس، في حديثها مع صحافيين، فكرة ان يكون المجلس حدد مهلة جديدة الخميس بعد انقضاء المهلة الاولى امس. وقالت «لا ارى كيف يكون ذلك مهلة جديدة، فالمهلة انتهت اليوم (امس)»، مضيفة «المهلة انتهت واعمال العنف استمرت».
وأضافت «لكن هناك فسحة من الوقت أمام قوات الرئيس السوري حتى بعد غد الخميس كي توقف أعمالها العدائية. ولقد رأينا مرة اخرى الحكومة السورية وهي تخلّ بوعودها، ونحن سنواجه لحظة الحقيقة قريبا للغاية، وسنرى هل ستفي الحكومة السورية بالتزاماتها أم أن العنف سيستمر، وعلينا في مجلس الأمن أن نقرر ما إذا كنا سنظل متحدين خلف مهمة انان أم أننا مستعدون لاستمرار العنف ولعدم التزام الأسد، وهل سنمارس ضغوطا جماعية على نظام الأسد ونقوم بعمل جماعي أم لا».
واضافت ان «الولايات المتحدة ترى انه من المشين ان تكون الحكومة (السورية) قدمت وعودا ولم تحترمها، لكنه غير مفاجئ». وتابعت «سنصل قريبا الى لحظة الحقيقة»، موضحة ان «المرحلة التالية تقضي بمضاعفة الضغوط» على النظام السوري.
ووصفت رايس، التي تترأس بلادها مجلس الامن لهذا الشهر، مطالب دمشق بالحصول على ضمانات بشأن التزام المعارضة بخطة أنان بأنها «شروط إضافية». وقالت «كانت هناك اليوم مناقشة عامة بشأن الشروط الإضافية، لكن أعضاء مجلس الأمن لم يكونوا مستعدين للاستجابة لأي شروط إضافية لتنفيذ خطة أنان لوقف العنف في سوريا».
وأبلغ انان مجلس الأمن أنه ينبغي بذل كل جهد ممكن لضمان التزام الحكومة والمعارضة في سوريا بمهلة تنتهي غدا لوقف إطلاق النار. وقال، في رسالة إلى المجلس، «ينبغي للقيادة السورية الآن انتهاز الفرصة لتغيير النهج بشكل جوهري. من الضروري أن تظهر خلال الساعات الثماني والأربعين القادمة علامات على تغير فوري وواضح في الوضع العسكري للقوات الحكومية في أنحاء البلاد». وأضاف انه ينبغي للمعارضة أيضا وقف القتال من أجل «عدم إعطاء الحكومة ذريعة لعدم تنفيذ التزاماتها».
وقـــال انان، في الرسالة، إن القوات السورية النظامية «واصلت شن العمليات العسكرية» ضد أهداف مـــدنية في الأيام التي سبقت مهلة 10 نيسان التي كان يجب أن يتم سحب القوات والأسلحة الثـــقيلة من المدن السورية بحلولها. وأضاف ان القوات السورية انسحبت من بعض المدن قبل المهلة، لكن أصــبحت لها أهداف جديدة.
وتابع انان، الذي سيتحدث غدا امام مجلس الامن، ان «الايام التي سبــقت العاشر من نيسان كانت تمثل فرصة للحكومة السورية لترسل رسالة سياسية قوية للسلام، وفي الايام الخمسة الماضية اصبح واضحا ان مثل هذه الاشارة لم تصدر».
واضاف «من الضروري ان تجلب الساعات الـ48 المقبلة مؤشرات واضحة للتغيير الفوري والاكيد في الوضع العسكري للقوات الحكومية في جميع انحاء البلاد» بما يتماشى مع خطة النقاط الست التي وافق عليها الاسد.
واضاف انه «في هذه اللحظات الحاسمة، سأكون ممتنا اذا سجل المجلس متحدا قلقي العميق بشأن وضع تنفيذ الحكومة السورية لالتزاماتها المباشرة». وقال ان المجلس «يجب ان يؤكد على الاطراف اهمية الالتزام بمهلة 12 نيسان». واضاف ان «وقف العنف بجميع اشكاله هو خطوة اولى، لكن مهمة. ويجب الا تتأخر بسبب شروط جديدة. يجب ان يتوقف العنف الآن».
وكان انان قال، في مؤتمر صحافي بعد زيارته مخيمات للاجئين السوريين على الحدود بين سوريا وتركيا، «اناشد الحكومة السورية والاطراف السورية مرة اخرى وقف العنف طبقا للخطة، واعتقد ان وقف العنف يجب الا يرتبط بأي شروط مسبقة».
واعلن انان، في مؤتمر صحافي في مطار في اقليم هاتاي (إقليم اسكندرون السليب) ، ان القوات السورية انسحبت من بعض المناطق لكنها انتقلت إلى أخرى لم تكن مستهدفة من قبل وأن الوضع ليس كما كان يأمله. وقال «الجيش السوري ينسحب من بعض المناطق، لكنه يدخل مناطق اخرى لم تكن مستهدفة في السابق»، مضيفا «أعتقد أنه من السابق لأوانه القول إن الخطة فشلت. الخطة ما زالت مطروحة على الطاولة». واضاف «إنها خطة نقاتل جميعا من أجل تنفيذها. خطة ايدها جميع السوريين ويتضح من تعليقات المعارضة أنها مستعدة أيضا للالتزام بها إذا أوفت الحكومة بالتزاماتها بسحب القوات».
وقال انان «أعتقد أنه لا ينبغي وضع شروط مسبقة لوقف العنف. هذا أمر ينبغي أن نفعله من أجل الناس ومن أجل البلد». واضاف «كنت آمل أن نكون قد قطعنا بحلول الوقت الحالي شوطا أطول بكثير في طريق التزام الحكومة السورية تعهداتها وبدء جميع الأطراف اتخاذ خطوات لإنهاء جميع اشكال العنف». وتابع «ما زال لدينا وقت من الآن وحتى 12 (نيسان) لوقف العنف».
ووصل انان الى طهران لاجراء مشاورات مع المسؤولين الايرانيين بشأن الوضع في سوريا، كما افادت وكالة الانباء الايرانية الرسمية. وكان نائب وزير الخارجية حسين امير عبد اللهيان في استقباله في المطار.
وأعلن مستشار رئيس مجلس الشورى الايراني (البرلمان) للشؤون الدولية حسين شيخ الاسلام ان «ايران اجرت اتصالات مع المعارضة السورية نظرا إلى سمعتها لدى الجماعات والحكومة السورية». وقال شيخ الاسلام، في حديث لوكالة «مهر»، ان «زج انان بالقضية السورية يدل على ان محاولات اميركا واسرائيل واثنين من الانظمة الملكية في المنطقة لإضعاف خط المقاومة قد فشلت لان حضوره يعني فشل الحل العسكري في سوريا».
وتابع ان «السوريين قبلوا بمهمة انان بضغوط من الروس لانهم بحاجة الى الفيتو الروسي، لكن ايران ايضا تدعم انان، كما ان انان يدرك ان ايران دولة مؤثرة في سوريا والمنطقة ولهذا السبب فإننا طرف في المشاورات».
ودعا لافروف الموفد الدولي الى تكثيف الضغط على المعارضة السورية خلال محادثة هاتفية. وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، «شدد لافروف خصوصا على ضرورة اتخاذ المعارضة السورية والدول التي تدعمها تدابير عاجلة للتحقق من وقف العنف داعيا انان الى تكثيف العمل معها للتوصل الى ذلك».
واطلع لافروف انان في المحادثة الهاتفية على مضمون الحديث الذي اجراه مع نظيره السوري وليد المعلم مشيرا الى «توافر حسن النية لدى سوريا لمواصلة تطبيق خطة» انان.
وابلغت سوريا روسيا بان انسحاب قسم من الجيش من حمص بدأ. وقالت وزارة الخارجية في بيان «خلال المحادثات نقل وزير الخارجية السوري لموسكو المعلومات الرسمية التي تلقاها من دمشق ومفادها ان قسما من القوات السورية في حمص عاد الى الثكنات». واضافت ان «الجانب الروسي رحب بهذه التحركات التي قامت بها سوريا ودعت دمشق الى خطوات اخرى لتطبيق خطة انان».
ودعا لافروف، خلال مؤتمر صحافي مع المعلم، المسؤولين السوريين «الى الالتزام بكامل واجباتهم طبقا لخطة كوفي انان»، مضيفا «نعتقد انه كان يجب ان تكون اعمالهم اكثر فاعلية واكثر حسما بالنسبة الى تطبيق الخطة».
ودعا لافروف «جميع الأطراف والقوى الدولية إلى الضغط على المعارضة المسلحة والسياسية في سوريا للوصول إلى وقف إطلاق نار شامل ومتكامل من قبل جميع الأطراف». وأكد أن «المعلومات المتناقضة من جميع الأطراف تبرز الأهمية الكبيرة والمحورية لوصول فريق المراقبين إلى سوريا، وخاصة في هذه الأوضاع»، مذكرا بأن «بنود خطة أنان تقول ان الخطوات الأولى هي سحب القوات المسلّحة للحكومة السورية من المدن السورية على أن يليها وقف العنف المتبادل من قبل جميع الأطراف على أساس التبادل وبمراقبة دولية».
وأشار لافروف إلى أن «الفريق الأممي الخاص بهذا الموضوع كان يعمل في دمشق لتنسيق العملية مع الحكومة السورية، ودار الحديث كخطة أوليّة حول نقل مجموعة صغيرة من المراقبين تضم كوادر من القوة الأممية والمراقبين الموجودين في الجولان، لذلك من الممكن القيام بهذه العملية سريعا»، موضحا أن «روسيا وافقت على الاقتراح الذي تلقته من الأمانة العامة للأمم المتحدة للموافقة على نقل الكوادر الروسية الموجودة في الجولان إلى مراقبين في سوريا».
واعلن المعلم، من جهته، ان بلاده قامت «بسحب بعض وحدات الجيش من بعض المحافظات تنفيذا للبند الثالث من خطة انان». وأكد «ان وقف العنف المستدام يجب ان يكون متزامنا مع وصول بعثة المراقبين الدوليين» الذين تنيط بهم خطة انان مهمة مراقبة وقف اطلاق النار. وتابع «سنواصل خطوات حسن النية تجاه انان وسنعمل كل جهد لانجاح المحادثات مع وفده الفني (الذي زار دمشق اخيرا) للوصول الى بروتوكول (ينظم عمل المراقبين). ونأمل ان يتمكن الامين العام للامم المتحدة من تشكيل فريق مراقبين دوليين توافق سوريا على الدول الممثلة به. ونرحب سلفا بالمراقبين الروس».
وأوضح المعلم ان بلاده لم تطلب من انان «ان يوافينا بضمانات مكتوبة من الجماعات المسلحة ولا ممن يدعمها من الاطراف الاقليمية». وقال «نحن لم نطلب من مجموعات ارهابية مسلحة تمارس القتل والخطف وأخذ الرهائن ان توافينا بضمانات. نحن طلبنا من انان ان يتصل بهذه المجموعات ويوافينا» بالضمانات.
وعن قراءة دمشق للنيات التركية حول إقامة مناطق عازلة على الحدود السورية تحت حماية الجيش التركي في حال فشل خطة أنان، قال المعلم إن «سوريا دولة ذات سيادة ومن حقها الدفاع عن سيادتها ضد أي خرق، ومن المؤسف أن تركيا هي جزء من مشكلتنا الآن ويجب أن تعلن التزامها بخطة أنان التي تقوم على أساس احترام جميع الدول للسيادة الوطنية السورية».
وأضاف المعلم إن «تركيا لا تستقبل فقط مهاجرين يجبرون على ترك منازلهم من قبل المجموعات الإرهابية المسلّحة، وإنما تحتضن أيضا مسلّحين وتقيم لهم معسكرات تدريب وتسمح لهم بخرق الحدود وتسمح بتهريب السلاح من أراضيها، وذلك بشكل يتعارض مع خطة أنان ونقاطها الست وخاصة العمل على وقف مستدام للعنف من أي طرف كان، لأن وقف العنف كما قال لي أنان في آخر اتصال هاتفي معه سيتبعه مباشرة نزع سلاح المجموعات المسلحة. فكيف يتم ذلك وعمليات تهريب السلاح والمسلحين جارية من تركيا».
واعتبر رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ان اطلاق النار من الجانب السوري على مخيم للاجئين في تركيا يشكل «انتهاكا واضحا» للحدود، مؤكدا ان بلاده «ستتخذ الاجراءات اللازمة»، و«ستستخدم كل حقوقها بموجب القانون الدولي».
وذكرت وكالة انباء الاناضول التركية ان وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الذي يرافق اردوغان، قرر قطع رحلته والعودة الثلاثاء الى تركيا بسبب تصاعد التوتر فجأة على الحدود السورية التركية.
وأعربت بكين عن «قلقها» ازاء اطلاق النار من الجانب السوري. وأمل المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ليو ويمين «ان يلتزم الاطراف المعنيون بتعهدهم وقف اطلاق النار وانسحاب القوات العسكرية».
وأعلن البيت الابيض انه لم ير اي دليل حتى الآن على انسحاب الجيش السوري من المراكز السكنية. وقال المتحدث باسمه جاي كارني «يقطع زعماء النظام السوري الكثير من الوعود. يتضح في أغلب الأحيان ان تلك الوعود جوفاء».
وقال كارني، ردا على سؤال بشأن تأكيد المعلم، أنه تم سحب بعض القوات من المدن «لم نر أي دليل حتى الآن على أي انسحاب. شاهدنا أدلة كثيرة على مزيد من الوحشية والقمع ضد المدنيين الأبرياء». وأضاف «ننتظر التقييم الذي قدمه انان للأمم المتحدة وسنعمل بعد ذلك بالتأكيد مع شركائنا وغيرهم بشأن الخطوات التالية بشأن سوريا».
ولم يعط كارني أي إشارة بشأن الخطوات التالية التي ربما تتم دراستها بشأن سوريا، لكنه قال «سنأمل بالتأكيد أن يقيم مجلس الأمن الوضع في سوريا إذا خلص انان إلى أن نظام الأسد لم يلتزم بتعهده ببدء الانسحاب اليوم (امس)».
وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية ان سوريا لم تبدأ تنفيذ خطة انان، واصفة تصريحات النظام السوري بانها «تعبير جديد عن كذب فاضح وغير مقبول».
وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ انه لم تصدر عن سوريا اي مؤشرات على نيتها تنفيذ التزامها بتطبيق خطة وقف العنف، متهما النظام السوري بتصعيد الهجمات ضد المعارضة.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد