سباق محموم بين مؤتمر اصدقاء سوريا والاستفتاء على الدستور السوري الجديد

بدت المدن السورية بحسب وصف زوار دمشق وكأنها في سباق محموم بين الحل العسكري والتسوية، وذلك في ظلّ أجندة إقليمية ودولية مزدحمة بالاستحقاقات بدأت مع وصول وفد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية برئاسة نائب المدير العام للوكالة هيرمان ناكارتس إلى طهران للبدء بالمباحثات المقررة وتستمر في الرابع والعشرين من الجاري، وهو الموعد المحدّد لمؤتمر "أصدقاء سوريا" في تونس، مرورا بالسادس والعشرين منه، موعد الاستفتاء الشعبي على الدستور السوري الجديد، وليس انتهاءً بالرابع من آذار تاريخ الانتخابات الروسية التي يخوضها رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين تحت عناوين استراتيجية تدخل سوريا في صلبها. ويربط المطّلعون على أزمات المنطقة بين المسار السوري وجملة الاستحقاقات المذكورة، فالوصول إلى تسوية ما بين الغرب وطهران قد ينعكس إيجابا على النظام السوري ويقدم له المزيد من الفرص للخروج من أزمته بأقل قدر من الأضرار، خصوصا بعد أن دعت الحكومة التونسية المعارضة للسورية لتوحيد جهودها ومساراتها السياسية في إشارة إلى أنّ مؤتمر تونس لن يخرج بقرارات كبيرة، ولن يتخطى السقوف التي طالما رسمتها اجتماعات وزراء الخارجية العرب في القاهرة، ولا الخطوط التي رسمها الغرب عموما وواشنطن خصوصا، لاسيما تلك المتعلقة منها بالتدخل العسكري. وفي الموازاة، تراقب الدبلوماسية بصمت ما ستكون عليه الأيام السورية الأمنية الفاصلة عن موعد الاستفتاء على الدستور الجديد، وذلك في ظل تصعيد متبادل. ففي الوقت الذي يعمل فيه الجيش السوري على إنهاء الوضع في حمص لمصلحته بعد أن تمكّن من استعادة المبادرة بشكل شبه نهائي على ريف دمشق، تنشط المعارضة في استخدام الشارع الدمشقي والحلبي لتحسين مواقعها التفاوضية، لا سيما بعد التسريبات التي تتحدث عن محاولات جادة لوقف إطلاق النار في حمص وإخراج المسلحين منها، غير أنّ المصادر نفسها تؤكد أنّ الجيش يرفض التفاوض بشكل قاطع، بينما يطلب المسلحون اللجوء إلى شمال لبنان وفق معلومات واردة من هناك. يبقى ان موعد الانتخابات الروسية في آذار يرتب على النظام تسديد فواتير لصالح موسكو وبوتين، وهذا يعني أنّ العمليات العسكرية ستسير وفق النمط الروسي، وبحسب حاجة بوتين الماسة، وبالتالي فان الاستفتاء سيجري في ظل أجواء أمنية وسياسية ضاغطة، بما يفسح في المجال أمام الحكومة والرئيس الاسد بتمرير النتائج المرجوة، باعتبار أنّ المناطق التي تشهد الوجود المعارض هي نفسها الواقعة على خط النار الامني، بما يعطي الافضلية للمناطق الهادئة نسبيا، وهي الواقعة تحت سيطرة النظام. والجديد البارز هو استكمال النائب وليد جنبلاط لحملته على النظام السوري وهي تأتي عشية الاستفتاء من جهة واستباقا لمؤتمر اصدقاء سوريا من جهة ثانية، وذلك بالرغم مما سربته الدبلوماسية الروسية حول الزيارة الجنبلاطية إلى موسكو حيث سمع كلاما واضحا لا يمت إلى الدبلوماسية بشيء باعتباره شديد الوضوح، وهو يتضمن تأكيدا بانه طالما هناك أنّ هناك بوتين في روسيا فان الاسد باق في سوريا، وبالتالي فان المعادلة التي سمعها جنبلاط دفعته لمثل هذا الموقف الذي سيرتد على نتائج الاستفتاء في السويداء وجبل العرب، وكل ذلك للتخفيف من وطأة النتائج المفترضة.

أنطوان الحايك

النشرة الإلكترونية اللبنانية