المراقبون: الأوضاع «متعبة» في حمص وليست مخيفة
تنطلق اليوم مرحلة ثانية من مهمة المراقبين العرب في سوريا من خلال الزيارات التي يقومون بها الى مدن ساخنة أخرى، هي حماه وإدلب ودرعا، وذلك غداة مهمتهم الاولى في مدينة حمص، والتي بدت كأنها خرجت بانطباع اولي مغاير لما يجري الترويج له من جانب بعض اطراف المعارضة، اذ اعلن رئيس بعثة المراقبين محمد احمد مصطفى الدابي أن الأحوال في بعض المناطق في حمص لم تكن جيدة لكن «أعضاء الوفد لم يروا شيئا مخيفا» أثناء تواجدهم هناك.
في هذا الوقت، سارعت الحكومة الفرنسية، مثلما فعلت بعض الشخصيات المعارضة في الخارج، إلى التشكيك بمهمة المراقبين العرب، اذ أعلنت باريس ان المراقبين لم يمكثوا إلا فترة قصيرة في حمص للتمكن «من التحقق من الوضع» على الأرض، وذلك في وقت أكدت موسكو أن نجاح مهمة المراقبين سيمنع تدويل الأزمة. اما أنقرة فقد ذهبت بعيدا في اظهار تشاؤمها عندما اعلنت أن «الأزمة السياسية في سوريا بين النظام والمحتجين وصلت إلى مرحلة ينقطع عندها الأمل في التوصل إلى حل».
ودعت وزارة الخارجية الاميركية السلطات السورية الى تمكين المراقبين التابعين للجامعة العربية من الوصول الى كل المناطق السورية، الا انها رفضت التعليق على حصيلة عمل هؤلاء المراقبين حتى الآن. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر «انه ليس سوى اليوم الاول ولم يشمل سوى حي صغير في حمص». وجاء كلامه ردا على التعليقات الاولية التي صدرت عن الدابي.
وتابع المتحدث الاميركي قائلا «لا بد من السماح للمراقبين بالانتشار ولنتركهم يقومون بعملهم وإعطاء حكمهم»، مضيفا «من المهم ان يتمكنوا من الوصول الى كل المناطق للقيام بتحقيق كامل»، ومطالبا بأن يتمكن المراقبون من الالتقاء بـ«اكبر عدد ممكن من المعارضين».
وأعلن الدابي، لوكالة «رويترز» بعد أن زار ووفد المراقبين أحياء عديدة في حمص، أن هناك بعض الأماكن لم يكن الوضع فيها جيـدا لكن لم يكن هنـاك شيء مخيف على الأقل أثناء وجود المراقبين العرب هناك، موضحا أن الأمور هادئة ولم تقع اشتباكات.
وقال الدابي «كانت هناك مناطق الحالة فيها تعبانة (غير جيدة) لكن أعضاء الوفد لم يروا شيئا مخيفا». وأوضح أن «الوضع كان هادئا ولم تكن هناك اشتباكات أثناء وجود البعثة» أول أمس. وأضاف إن «فريقه لم ير دبابات بل بعض المدرعات»، موضحا أن «المراقبين يعتزمون زيارة بابا عمرو مرة أخرى». وتابع «الحالة مطمئنة حتى الآن... لكن يجب أن تنتبهوا أن هذا هو اليوم الأول ونحتاج إلى وقت للتحقيق (في الموضوع). فريقنا مؤلف من 20 شخصا وسيستمرون لوقت طويل في حمص».
وذكرت قناة «الدنيا» السورية، في شريط للأخبار، أن الدابي أبلغ مراسلها في حمص أن المراقبين رأوا مسلحين في المدينة. وقال «نعم رأينا مسلحين في مدينة حمص». وذكر التلفزيون الرسمي السوري أن «المراقبين قاموا بجولة في عدد من أحياء المدينة بينها بابا عمرو وباب السباع والإنشاءات».
وأعلن الدابي أن المراقبين سينتشرون في درعا وإدلب وحماه. وقال لوكالة «فرانس برس»، «ابتداء من مساء اليوم (أمس) وصباح الغد (اليوم) سنتحرك في ادلب وحماه ودرعا وبين خمسين وثمانين كلم حول دمشق». وأضاف «نحن الآن في طريقنا إلى حمص لمعالجة بعض النواحي الإدارية مع الثوار»، مؤكدا أن مهمة المراقبين تأتي «من اجل استقرار وأمن المنطقة». وتابع إن «16 مراقبا إضافيا وصلوا وسنواصل مع الجامعة لدفع المجموعات الأخرى خطوة خطوة حتى تتم تغطية كل سوريا». وزار المراقبون عائلات أشخاص قتلوا في أعمال «العنف» علاوة على بعض المصابين. وقال مقيم في حمص إن الزيارة سمحت للنشطاء بإدخال المزيد من الإمدادات للمناطق التي تطوقها قوات الأمن. وأضاف «الشيء الوحيد الطيب الذي تمخضت عنه هذه الزيارة هو أننا استطعنا إدخال إمدادات غذائية للحي ومناطق أخرى».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي، في تصريح للتلفزيون السوري، إن «السلطات السورية ملتزمة بشكل كامل بما جاء في البروتوكول حصرا، وليس ما هو خارج البروتوكول»، لافتا إلى أن «وسائل الإعلام الأجنبية موجودة في سوريا».
وأضاف أن «نجاح مهمة البعثة هو من مصلحة الأمن الوطني السوري»، مشيرا إلى أن «مهمة الجانب السوري هي التنسيق وضمان سلامة هذه الوفود ولهم حرية تامة في التحرك في سوريا في إطار مهمتهم في المراقبة والرصد وليس التفتيش»، لافتا إلى أن «وسائل الإعلام الأجنبية موجودة في سوريا، ولا مانع من دخول وسائل الإعلام إلى البلاد أبدا». ولفت مقدسي إلى وجود صعوبات في مدينة حمص، موضحا «نحن نفرق بين من يتظاهر سلميا وهذا حق كفله القانون السوري ونتمنى من المعارضة أن تستفيد من هذا القانون وأن لا يتم الخروج بالفوضى، وبين من يحمل السلاح ضد الدولة بحيث وصل الأمر مؤخرا إلى تفجيرات إرهابية واستهداف مباني الدولة»، مؤكدا «أن الجيش لن يتسامح مع هذا الموضوع، ومن واجب الجيش دستوريا الحفاظ على امن المواطنين وسلامتهم».
وبحث الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي مع وفد من الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي برئاسة اللواء خليفة الزعابي ووفد عراقي برئاسة اللواء صادق جعفر طوفان الوائلي تطورات الأوضاع في سوريا.
وقال الأمين العام المساعد بالجامعة العربية عدنان عيسى الخضير إن المقابلتين تأتيان في إطار تعرف العراق والأمانة العامة لدول مجلس التعاون على المهام الموكلة لبعثة مراقبي الجامعة العربية في سوريا وكيفية انضمام مراقبين من دول مجلس التعاون إلى البعثة في سوريا الأسبوع المقبل. وأضاف إن «التقارير التي وصلت إلى غرفة العمليات التابعة لجامعة الدول العربية من الدابي مطمئنة من حيث عمل الفريق وأن الجانب السوري ميسر كل هذه الأمور»، مؤكدا أن «الفريق يعمل بكل حرية وبكل صلاحياته المنصوص عليها في البروتوكول الموقع مع الحكومة السورية وبمساعدة إخوانهم هناك».
روسيا
ودعت موسكو السلطات السورية إلى منح المراقبين أقصى درجة من الحرية. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي مع نظيره المصري محمد عمرو في موسكو، «إننا على تواصل دائم مع المسؤولين السوريين، وندعوهم إلى التعاون بشكل تام مع مراقبي الجامعة العربية وإلى إيجاد شروط عمل سهلة تمنح اكبر قدر من الحرية». وفي باريس، قال المتحدث باسم الوزارة برنار فاليرو إن «الزيارة القصيرة للمراقبين لم تسمح لهم بالتحقق من الوضع على الأرض في حمص، ولم يحل وجودهم دون مواصلة حملة القمع الدامية في هذه المدينة حيث تم قمع تظاهرات حاشدة بالقوة ما أوقع حوالى عشرة قتلى». وأضاف «على المراقبين العرب العودة من دون تأخر إلى هذه المدينة والتمكن من التنقل بحرية في كافة أحيائها ومن إجراء الاتصالات اللازمة مع كافة السكان». وكرر ان «على المجتمع الدولي ان يبقى متيقظا لأي محاولات لإخفاء الوقائع أو التستر عليها والذي اعتاد على مناورات نظام دمشق».
وكانت وزارة الخارجية الاميركية أدانت أول أمس «تصاعد العنف» قبل وصول المراقبين إلى سوريا. وقال المتحدث باسم الوزارة مارك تونر «شهدنا صورا مروعة لإطلاق نيران عشوائي منها مدفعية دبابات ثقيلة وسمعنا انباء عن عشرات القتلى وآلاف الاعتقالات وكذلك حوادث ضرب لمحتجين سلميين».
وأضاف «يجب أن يتاح للمراقبين الوصول دونما قيد الى المحتجين وإلى المناطق التي تضررت بشدة من الحملة التي يشنها النظام. وهم يتحملون مسؤولية ثقيلة في محاولة حماية المدنيين السوريين من عمليات التدمير لنظام قاتل».
وقال الرئيس التركي عبد الله غول إن «الأزمة السياسية في سوريا بين النظام والمحتجين وصلت في الوقت الراهن إلى مرحلة ينقطع عندها الأمل في التوصل إلى حل». وأوضح أن «أنقرة كانت في بادئ الأمر تؤمن بشدة بأن القرب من النظام السوري سيسهم في نقلة إصلاحية في البلاد، وهو ما كان يقول الرئيس السوري بشار الأسد إنه يصبو إلى تحقيقه والاستفادة من خبرة تركيا ومعرفتها».
وأضاف غول، في مقابلة مع قناة «تي آر تي» التركية، أن «تركيا ترفض بشدة الممارسات القمعية التي يرتكبها النظام السوري ضد المحتجين، وذلك بالرغم من الصداقة التي استمرت بين البلدين حتى بدء الانتفاضة».
وقال وزير الخارجية الأردني ناصر جودة، في محاضرة حول السياسة الخارجية الأردنية في كلية الدفاع الوطني الملكية في عمان، «لا بد أن يتوقف القتل في سوريا وأن تنتهي المظاهر المسلحة وأن تنفذ الإصلاحات الموعودة والمنشودة دونما إبطاء درءا لأي تدخلات خارجية في الشؤون السورية وصونا لوحدة سوريا الترابية واستقلالها السياسي وحقنا لدماء شعبها الطاهرة».
وذكرت وكالة (سانا) انه «تم الإفراج عن 755 موقوفا في الأحداث الأخيرة لم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين». ويقضي البروتوكول بالإفراج عن المعتقلين كأحد شروطه الأساسية، كما يدعو لوقف قمع الاحتجاجات. وكانت السلطات أفرجت عن حوالى 2700 شخص الشهر الماضي.
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان ان «أربعة جنود سوريين قتلوا وجرح 12 في كمين نصبته مجموعة منشقة لقافلة عسكرية أمنية مشتركة على الطريق بين بلدة خربة غزالة ومدينة داعل» في محافظة درعا. وذكرت «سانا» «تعرض عناصر من الهندسة العسكرية في ريف درعا خلال قيامهم بتفكيك عبوتين بالقرب من بلدة خربة غزالة بريف درعا لهجوم من مجموعة إرهابية مسلحة استدعى تدخل الجهات المختصة والاشتباك مع هذه المجموعة الإرهابية». وتابعت ان «الاشتباك أسفر عن قتل وجرح عدد من أفراد المجموعة وإلقاء القبض على آخرين ومصادرة أسلحتهم. وقتل جندي وأصـيب 7 في الاشتباكات».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد