إيران تتحدى العالم
في مفاجأة من العيار الثقيل وفى تحد للغرب ، كشف الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في تصريح له نشرته وسائل الاعلام الإيرانية في الحادي عشر من إبريل أن بلاده ستنضم قريبا للنادي النووي ، وذلك في تأكيد على أن إيران أصبحت تملك كل عناصر القوة النووية لتخصيب اليورانيوم الذي قد يستخدم فى صنع القنبلة النووية ويدعم قدرة إيران على إدارة المفاعلات النووية السلمية في حال وقف المساعدات التكنولوجية الخارجية، الأمر الذي من شأنه أن يصعد المواجهة مع الغرب الذي يتهم طهران بالسعى لامتلاك قنبلة نووية .
وأكد الرئيس الإيراني أن بلاده تمكنت من استكمال دورة الوقود النووي في التاسع من إبريل، ونجحت فى تخصيب اليورانيوم وأن بلاده أصبحت ثامن دولة في العالم تمتلك اليورانيوم منخفض المستوى،موضحا في الوقت ذاته أن القوة النووية لبلاده ذات دوافع سلمية وأن بلاده لا تسعى لامتلاك سلاح نووي وأن قوة إيران ستكون فى صالح استقرار المنطقة والعالم أجمع، كما أن الجمهورية الإسلامية ترغب في ممارسة الأنشطة النووية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية .
وجاءت تصريحات نجاد حول إنضمام إيران قريبا إلى نادي الدول التي تمتلك التكنولوجيا النووية بعد تصريحه في مدينة مشهد شمال شرقي إيران مساء الاثنين الموافق العاشر من إبريل بأنه سيعلن خلال ساعات خبرا سارا للإيرانيين بشأن الموضوع النووي ، معربا عن أمله بأن يكون هذا الخبر السار نقطة البداية علي صعيد بناء إيران قوية إسلامية ومثالا يحتذي ، وأكد نجاد أمام حشد من أهالي مدينة مشهد أن الحكومة الإيرانية عازمة علي استيفاء جميع حقوق الشعب الإيراني بكاملها في القضية النووية .
وقالت صحيفة "جمهوري إسلامي" الإيرانية استنادا إلى معلومات من نواب ايرانيين إن هذا الخبر السار مرتبط بنجاح إيران في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3و5 بالمائة.
كما جاءت تصريحات نجاد حول انضمام إيران قريبا إلى النادي النووى بعد ساعات قليلة من إعلان الرئيس الإيراني السابق علي أكبر هاشمي رافسنجاني أن بلاده نجحت في تشغيل وحدة تضم 164 جهاز طرد لتخصيب اليورانيوم في مدينة ناتنز وسط إيران وقال رافسنجاني :" إن إيران شغلت أول وحدة من 164 جهاز طرد وأدخلت إليها غاز "يو اف 6" ونجحت في الحصول على إنتاج صناعي من اليورانيوم المخصب" وإعلان غلام رضا اقازادة نائب الرئيس الإيراني أن طهران أصبحت ثامن دولة تمتلك اليورانيوم منخفض المستوى،وأنها تمكنت من تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 5و3 بالمائة،مضيفا أنها أنتجت 110 أطنان من غاز اليورانيوم بهدف التخصيب.
وفي أول رد فعل على تصريحات نجاد، أوضح سكوت مكليلان المتحدث باسم البيت الأبيض أن تلك التصريحات تظهر أن طهران تتحرك في الاتجاه الخاطيء وأنها إذا استمرت على ذلك فإن الولايات المتحدة ستناقش إمكانية اتخاذ خطوات تالية مع أعضاء مجلس الأمن الدولي.
وقال مكليلان :" إذا استمر النظام الإيرانى في التحرك في الاتجاه الذي يتحرك فيه حاليا فسوف نتحدث عما سنفعله مع الأعضاء الآخرين بمجلس الأمن وألمانيا بشأن كيفية معالجة ذلك مستقبلا".ومن جانبها ، ذكرت صحيفة الديلي تليجراف البريطانية في الحادى عشر من إبريل بعد ساعات من تصريحات نجاد أن إيران قد تلتحق بالنادي النووي في غضون ثلاث سنوات ، مشيرة إلى تقارير استخباراتية تفيد بأن التحاق المصدر الرابع للنفط في العالم بالنادي النووي قد بات قريبا.
وأوضحت الصحيفة أن إيران بدأت منذ مطلع إبريل فى توزيع اليورانيوم المحول على أجهزة الطرد المركزي الـ164 في موقع ناتنز النووي وأن من شأن ذلك أن يمكنها من الحصول على كميات كافية من اليورانيوم المخصب ذي الجودة العالية تسمح بصنع أسلحة نووية في غضون ثلاث سنوات.
وأضافت الديلي تليجراف أن التقديرات السابقة كانت تتوقع أن يستغرق الأمر ما بين خمس وعشر سنوات وأن الخبراء قد أكدوا الآن امتلاك النظام الإيراني للمعدات الكافية لتطوير السلاح النووي. ونقلت الصحيفة عن مسئول كبير في جهاز استخباراتي بإحدى الدول الغربية قوله: " لقد أمضت إيران العشرين سنة الماضية في مراوغة المجتمع الدولي في الوقت الذي كانت فيه تعمل للحصول على مستلزمات إنتاج الأسلحة النووية".
وأضاف المسئول ذاته أن النقاش الآن لا ينصب على مدى قدرة طهران على إنتاج السلاح النووي وإنما على المدة التي قد تتطلبها عملية الإنتاج. وحسب الديلي تلجراف فإن إيران قد تمكنت على الرغم من تبصر المجتمع الدولي ومراقبته لها من اقتناء ما لا يقل عن 1000 طن مما يعرف "بالكعكة الصفراء"، وهو نوع من أوكسيد اليورانيوم يمكن تخصيبه للحصول على اليورانيوم المستخدم في الأسلحة النووية.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الصفقات قد أبرمت مع كل من النيجر وجنوب أفريقيا خلال عقد التسعينيات وأن تلك الكميات بمقدورها بعد عملية التحويل أن تستخدم في صنع خمسة قنابل نووية ، كما أن إيران حصلت أيضا على مكونات أساسية لتحويل الكعكة "الصفراء" وعلى خبرة نووية من العالم الباكستاني عبد القدير خان ، بالإضافة إلى أحد أجهزة الطرد المركزي التي حصلت عليها من باكستان .
وأضافت الصحيفة أن طهران تمتلك أيضا كميات من مادة هكسافلوريد اليورانيوم تكفي لثلاثين كيلوجراما من اليورانيوم المخصب، علما بأن القنبلة التي تم تفجيرها في هيروشيما كانت تحتوي على 25 كيلوجراما. وخلصت الصحيفة إلى القول إن إيران التي تمتلك نظام إطلاق الصواريخ شهاب 3 الذي يصل مداه إلى أوروبا الجنوبية تشكل بالفعل تهديدا حقيقيا يستدعي تحركا عاجلا.
ويقفز تساؤل جوهرى هنا " ما مغزى مفاجأة نجاد ؟".
يري مراقبون أنه رغم أن النادى النووى تقتصر العضوية فيه على الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ، وأن انضمام إيران إليه بالفعل أمر صعب ، إلا أن مفاجأة نجاد تهدف لإيصال رسالة واضحة للغرب مفادها أنه يجب عليه الاعتراف بحق إيران في امتلاك التكنولوجيا النووية خاصة وأنها من الدول الموقعة على معاهدة منع الانتشار النووى ، وتأكيد أن البرنامج النووى الإيرانى لن يتأثر بأية عقوبات قد يفرضها الغرب على إيران ، بعد نجاحها في تخصيب اليورانيوم الذي يسمح لها بالحصول على وقود المفاعلات النووية السلمية كما يمكن استخدامه في تصنيع القنبلة النووية ، موضحين أن تخصيب اليورانيوم بنسبة 5و3 بالمائة يسمح باستخدامه كوقود لتشغيل محطة نووية ، أما اليورانيوم العالي التخصيب الضروري لإنتاج قنبلة ذرية فهو يتطلب نسبة تخصيب عالية تصل إلى 90% وأن التشغيل الأمثل لنحو 1500 جهاز طرد مركزي سنويا يتيح كمية كافية من اليورانيوم لإنتاج قنبلة.
وأضاف المراقبون أن مفاجأة نجاد جاءت بعد نشر تقارير في صحيفة "واشنطن بوست" ومجلة "نيويوركر" الأمريكيتين في التاسع من إبريل عن تكثيف واشنطن خططها للقيام بهجمات محتملة ضد إيران ، لمنعها من بناء ترسانة نووية ، ونشر صحيفة "صنداي تليجراف" البريطانية في مطلع إبريل تقريرا جاء فيه أن واشنطن مستعدة في حال الضرورة لشن ضربات جوية بمفردها أو بمساعدة الإسرائيليين وأن العملية ستقتصر على ضربات جوية ضد المنشآت النووية الإيرانية، لأن غزواً مثل الذي حدث في العراق مستبعد حالياً .
وبالتالى فإن نجاد سعى لتحذير واشنطن من عواقب مثل هذه المغامرة وتأكيد أن إيران لن تكون صيدا سهلا ولديها من وسائل الردع ما يكفى لتفكير الأعداء ألف مرة قبل الإقدام على مهاجمتها خاصة مع الورطة الأمريكية المتزايدة فى العراق.
وأشار المراقبون إلى أنه رغم سيل التقارير التي تحذر من مواجهة نووية محتملة بين واشنطن وطهران، إلا أن المعطيات الواقعية تستبعد أي مواجهة عسكرية بين الجانبين، لأسباب عدة، على رأسها ما يشبه "توازن الرعب" بين الدولتين ، إضافة إلى تنامي "المصالح المشتركة" بينهما ، فأمريكا تحسب ألف حساب لمهاجمة إيران، خوفًا من عواقب هذا الهجوم، وردة الفعل غير المتوقعة.. وإيران تحسب ألف حساب لما قد يمثله الهجوم الأمريكي من مخاطر على أمنها ووجودها وثورتها .
وعد المراقبون في هذا الصدد صعوبات جمة أمام اللجوء الأمريكي للخيار العسكري ضد طهران، ذلك أن الضربات العسكرية التي قد تدمر برنامج إيران النووي أو تعيده سنوات إلى الوراء، قد تجلب معها أيضا تأييداً واسعاً للحكومة الإيرانية، وتعاطفاً كبيراً من الشارع الإسلامي، ليس محبة في الدولة الشيعية وإنما كرهاً في أمريكا، وسيترتب عن هذا نتائج كارثية للولايات المتحدة، لن تكون قادرة على مواجهتها أبداً ، كما أن إيران خلال مناوراتها العسكرية الأخيرة في مياه الخليج من أنها ستدخل بقواتها العسكرية مضيق "هرمز" إذا ما تعرضت لهجوم من قبل الولايات المتحدة،وبالتالى تهديد شحن النفط المتجه إلى الغرب ، نظرا لأن لإيران موقع مؤثر في التحكم بمضيق "هرمز" عند مدخل الخليج، وهو مسار شحن رئيس للنفط.
وفيما يتعلق بإيران ــ بحسب المراقبين ــ فهي لن تكون قادرة على وقف أو صد الهجوم الأمريكي، ولكنها ستكون ــ بالتأكيد ــ قادرة على إلحاق خسائر فادحة ومؤلمة بالقوات الأمريكية، لاسيما القوات البحرية المتمركزة في المنطقة وخاصة في الخليج العربي، وبإمكانها أيضا تفجير الأوضاع في كل من العراق وأفغانستان بدرجة كبيرة وفي لبنان وسوريا بدرجة أقل ، وأكد المراقبون أن إيران سترد على أي ضربات عسكرية أمريكية لمواقعها النووية باستخدام عملائها السريين لشن هجمات مسلحة في مناطق من العالم وستبادر بمهاجمة الأهداف الأمريكية في العراق، قبل أن تستهدف مصالح أمريكية فى الولايات المتحدة وأوروبا وبلدان أخرى وأنه في أية حرب نووية محتملة فلن يكون هناك منتصر ومهزوم، بل إن النتيجة الحتمية لأي حرب نووية هي فناء البشر والقضاء على الحضارة البشرية برمتها.
وأشار المراقبون إلى أن تلاقى المصالح الأمريكية والإيرانية في العراق يقلل احتمالات المواجهة العسكرية، ولذلك بدأت الدولتان في الثامن من إبريل مباحثات مشتركة تهدف في الأساس إلى تقسيم الكعكة العراقية بينهما.
النادى النووى ومعاهدة منع الانتشار
وقعت 187 دولة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في عام 1970 بهدف منع انتشار أسلحة نووية خارج الدول الكبرى ووجود عالم يسوده السلام وخالي من المخاطر النووية . وبمقتضى المعاهدة فإنه لا يحق إلا لخمس دول هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين ، امتلاك السلاح النووي وهى الدول أعضاء النادى النووى ، كما يتعين على بقية الدول التخلي عن هذه الأسلحة نهائيا .
وتجرى مراجعة دورية للمعاهدة كل خمس سنوات لتقييم كيفية تعزيز المعاهدة والتثبت من مدى وفاء الدول الموقعة عليها بالتزاماتها.
الوفد الأمريكي لحظر على المعدات "المزدوجة الاستخدام" - التي يمكن استخدامها في توليد الطاقة النووية وفي صنع القنابل - باستثناء الولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى التي تمتلكها بالفعل. ويرى خبراء أن إمكان الوصول إلى دورة الوقود النووي، ومن ثم تقنية صنع القنابل النووية، تعد ثغرة في المعاهدة تحتاج إلى معالجة ، ما دفع الوكالة الدولية للطاقة الذرية للمطالبة بإخضاع إنتاج الوقود النووي لمراقبة متعددة الأطراف من منظمات إقليمية أو دولية ودفع واشنطن للمطالبة بفرض حظر على المعدات "المزدوجة الاستخدام" - التي يمكن استخدامها في توليد الطاقة النووية وفي صنع القنابل .
وترغب الوكالة في أن يحظى ما يسمى بالبروتوكول الإضافي لمعاهدة منع الانتشار النووى ، الذي وضع لتفعيل المعاهدة ويمنحها الحق في إجراء مزيد من عمليات الفحص على المدى القصير، بقبول عالمي ، خاصة وأنه لم يصدق على هذا البروتوكول الإضافي حتى الآن سوى نصف الموقعين علي المعاهدة فقط.
وقد أصبحت مصداقية المعاهدة موضع اختبار عندما قامت الهند وباكستان، وهما من غير الموقعين عليها، بتفجيرات نووية فى مايو 1998 ووافقت القوى النووية الخمس الكبرى في 21 مايو 2000 على إزالة جزء كبير من ترسانتها النووية وذلك في ختام المؤتمر الخاص بمراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية والذي هدف إلى إحياء معاهدة منع الانتشار النووي التي وقعت في عام سبعين ، كما اتفقت واشنطن وموسكو على خفض عدد رؤوسهما النووية إلى عدد يترواح بين ألفين إلى 2500 رأس بحلول عام 2007 .
وجاء إعلان الدول النووية الكبرى حول التزامها بنزع كبير للأسلحة النووية، بعد أن وجهت الدول غير النووية اتهامات للقوى الخمس وهي بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة بأنها فوتت فرصة نزع الأسلحة التي سنحت بانتهاء الحرب الباردة وبأنها لا تبذل جهدا كافيا لتخليص العالم من الأسلحة النووية. هذا وقد وجه النقد إلى الولايات المتحدة وروسيا على وجه الخصوص، حيث تحتفظ هاتان الدولتان بأكثر من عشرين ألف رأس نووي.
وفي مؤتمر مراجعة المعاهدة السابع الذي عقد في نيويورك ، وافقت الدول غير النووية في شهر مايو 1995 على تمديد مفتوح لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية الموقعة عام سبعين لقاء حصولهم على وعد من الدول النووية الخمس بالعمل بشكل جاد في سبيل نزع السلاح النووي.
ومازالت اسرائيل والهند وباكستان وهي دول نووية غير أعضاء بالنادى النووى ، ترفض التوقيع على تلك المعاهدة، حيث اعتبروها بمثابة محاولة لتكريس التفوق النووي للدول النووية الخمس ، لأنها تنص على أن للدول الخمس الكبرى فقط الحق في امتلاك الأسلحة النووية بينما الدول الأخرى الموقعة على المعاهدة، ليس لها الحق في امتلاك هذا النوع من السلاح ،ويحذر البعض من أن إيران قد تحذو حذو كوريا الشمالية وتنسحب من المعاهدة. وكانت بيونج يانج قد انسحبت من المعاهدة في عام 2003 وأعلنت حيازتها لقنبلة نووية.
أزمة البرنامج النووى الإيرانى
بدأت الأزمة مع بدء العمل في أول مفاعل إيراني في بوشهر فى سبتمبر 2002 ومع نشر صور التقطت بالأقمار الصناعية لموقعين يشتبه فى تطويرهما أسلحة نووية فى مدينتى آراك وناتانز، ما دفع الاتحاد الأوروبى للتحرك وأخذ زمام المبادرة لحل الأزمة سلميا وتجنب اندلاع حرب جديدة في المنطقة ، وتم في نوفمبر 2003 توقيع اتفاق بين بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيران وافقت طهران بموجبه على تجميد عمليات تخصيب اليورانيوم وعلى عمليات تفتيش أشد على منشآتها النووية من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، وجمدت إيران بالفعل عمليات التخصيب وفقا لاتفاق باريس الذى وقع في أكتوبر 2004 بين إيران والترويكا الأوروبية والذى التزمت طهران بمقتضاه بتعليق التخصيب فى انتظار مقترحات أوروبية تشجيعية .
إلا أنه فى عام 2005 تصاعدت الأزمة بين إيران والغرب بشكل خطير يخشى المراقبون أن يؤدى فى النهاية إلى فرض عقوبات دولية على طهران خاصة وأن إيران يحكمها الآن المحافظون المتشددون، كما أن أمريكا تبحث عن أى خطر جديد وإن كان واهيا لحشد الرأى العام فى الولايات المتحدة حول سياسات إدارة بوش بعد أن غرقت فى المستنقع العراقى. وتصاعدت الخلافات بشدة بين إيران والغرب مع استئناف طهران فى الثامن من أغسطس 2005 دورة تحويل الوقود النووى فى منشأة أصفهان بعد أن علقت فى نوفمبر 2004 .
وجاء هذا القرار بعد أن وصفت إيران التشجيعات الاقتصادية والتجارية،التى قدمتها أوروبا فى الخامس من أغسطس 2005 والتى تتضمن السماح لها بتطوير منشآت نووية لأغراض مدنية،وضمان حصولها على مصادر بديلة للوقود النووى من أوروبا وروسيا، بأنها غير ذات شأن،مؤكدة أنها استأنفت تحويل الوقود النووى وليس تخصيب اليورانيوم،الذى يمكن استخدامه فى صناعة قنبلة نووية.
ولم تكتف إيران بهذه الخطوة بل أرفقتها بخطوة أخرى أثارت غضب الغرب وهى قيام الرئيس أحمدى نجاد بتعيين علي لارجاني،مدير هيئة الإذاعة والتلفزيون سابقا،مسئولا عن الملف النووى في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، ليخرج الملف من يد حسن روحاني الذي طالما نظر إليه الأوروبيون على أنه معتدل والذى قاد المفاوضات منذ 2003، ليصبح فى يد لارجانى المعروف بقربه من مرشد الثورة الإيرانية على خامنئي وبتشدده فى الملف النووى .
ورغم الجهود التى بذلتها ما أطلق عليها ترويكا الاتحاد الأوروبى المؤلفة من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وحكومة الرئيس الإيرانى الاصلاحى المنتهية ولايته محمد خاتمى لنزع فتيل الأزمة التى تصاعدت حول البرنامج النووى الإيرانى، وصل الجانبان مع تولى المحافظ محمود أحمدى نجاد مقاليد السلطة فى إيران فى بداية شهر أغسطس إلى مرحلة الصدام والاتهامات المتبادلة ، وفي اجتماعها السنوى في فيينا ، أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى 24 سبتمبر 2005 قرارا يهدد بإحالة ملف إيران لمجلس الأمن الدولى .
وفي 9 يناير 2006 أعلنت إيران عن استئناف أبحاثها حول الوقود النووى وإزالة الأختام التى وضعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مراكز البحث النووية فى مدينة ناتانز قبل عامين ، رغم دعوة المجتمع الدولى لها بالامتناع عن ذلك ، الأمر الذى دفع ترويكا الاتحاد الأوروبى للمطالبة بعقد اجتماع طارىء للوكالة الدولية للطاقة الذرية في 2 فبراير لبحث إحالة ملف إيران لمجلس الأمن رغم أنه كان مقررا أن يبحث مجلس الأمن ملف إيران في مارس 2006 ، وفى 4 فبراير قررت الوكالة الدولية إحالة ملف إيران لمجلس الأمن ، وفى 8 مارس تم نقل الملف بالفعل إلى مجلس الأمن ، ومنح مجلس الأمن إيران في التاسع والعشرين من مارس الماضى مهلة 30 يوما للتخلي عن أبحاثها النووية، قد تفضي بعد انقضائها إلى احتمال تعرضها لعقوبات دولية.
وفي الثانى من إبريل ، أعلنت إيران أنها أجرت تجربة ناجحة لاختبار أسرع صاروخ تحت الماء في العالم كما أنها أجرت تجربة ناجحة لإطلاق صاروخ باليستي قادر على مراوغة أجهزة الرادار ويمكنه إصابة عدة أهداف في آن واحد باستخدام رؤوس حربية متعددة وذلك خلال مناورات حربية بدأت في الرابع والعشرين من مارس الماضى في الخليج العربي وبحر العرب، واستمرت أسبوعا وشارك فيها 17 ألف من القوات البرية والبحرية والجوية الإيرانية .
وسارعت واشنطن إلى انتقاد التجارب الصاروخية الإيرانية وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية آدم إيرلي :"التجربة برهان على امتلاك إيران لبرنامج عسكري فعال للغاية وعدواني .. أعتقد أن الوضع العسكري الإيراني وجهود التطوير العسكرية تشكل قلقا للمجتمع الدولي".
كما أعربت إسرائيل على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية، مارك ريغيف عن قلقها البالغ من التجربة وقال :" هذه أنباء مقلقة للغاية، وقلقنا تشاطره العديد من دول المجتمع الدولي حول برنامج إيران النووي العدواني وجهودها الموازية لتطوير صواريخ باليستية وعابرة للقارات".
جهان مصطفى
إضافة تعليق جديد