«تخت شرقي»: حوارات ذكية وفقدان السياق

01-09-2010

«تخت شرقي»: حوارات ذكية وفقدان السياق

خابت محاولات المرء في لملمة خيوط وخطوط المسلسل التلفزيوني «تخت شرقي» (إخراج رشا شربتجي). ورغم الجهد الذي بذله صناع العمل في شارته الأولى في تصنيف الشخصيات في أطر شبه نقابية، من قبيل: «أطباء تخت شرقي»، ثم مدرسيه، وشبابه وصباياه.. فلم يفلح العمل في إقناعنا بوجود سياق ما، أو موضوع يندرج فيه المسلسل. /مشهد من «تخت شرقي».
من الواضح أن طريقة في الكتابة اعتمدت سابقاً في المسرح السوري، بدأت تأخذ طريقها إلى الدراما التلفزيونية. وهي كتابة لوحات ومشاهد متجاورة على أنها عمل مسرحي واحد. ويسوغ ذلك عادة بالقول ان الشخصيات كلها تعاني خللاً في التواصل، أو الضياع أو سواه.
لا شك أن الكاتبة يم مشهدي نجحت في تقديم حوار ذكي على ألسنة بعض شخصيات العمل، وتحديداً تلك التي يلعبها قصي خولي، ومكسيم خليل وسلافة معمار اللذين يعيشان حكاية حب. والنقاش كله يدور بينهما من موقع الشاب الشرقي والبنت ذات النشأة الغربية. وعلاقتهما قدمت بصورة جريئة أدت إلى حذف بعض المشاهد على بعض الفضائيات العربية. لكن من غير المفهوم ما الذي يريده العمل من شخصية يعرب (قصي خولي)، الذي يبدو محور العمل (على الأقل بسبب مشاهده الكثيرة، وتعليقاته الذكية، ولا مبالاته المحببة).
يطرح العمل مشكلات عديدة: سن اليأس وعلاقة زوجية بلا إنجاب، وصبايا مهملات يسعين إلى الزواج في مكان آخر.. لكن تلك القصص، على أهميتها، تبدو من دون سياق، وكأن بإمكانها أن تنضم إلى مسلسل آخر. نبحث عن السياق في عنوان المسلسل، «تخت شرقي»، وهو الذي يتكئ على مصطلح موسيقي، ولكن ليوحي بشيء آخر وهو السرير، متضمناً معنى الجنس. وبذلك لا يصح «التخت» عنواناً للعمل.
يسجل للعمل أيضاً، إلى جانب حواراته الذكية، اهتمامه بخلق مناخ تعيش فيه الشخصيات. فنرى بعض مشكلات الشارع السوري حاضرة في الخلفية، من دون أن تكون موضوعاً للنقاش. منها مشكلة أزمة المازوت، أو الازدحام على باصات النقل العام، أو أزمات المستشفيات وقلة جاهزيتها.
وإذا كانت هذه المشكلات لا تحتمل الجدل في العمل، فإن هناك مقولات على السنة بعض الممثلين، يصعب أن تمر من دون نقاش، بل إن وجودها يفترض إطلاقاً مقبلاً للنار (حسب المقولة المسرحية الشهيرة: إذا وجدت بندقية في أول العرض يجب أن تطلق في آخره). فماذا يعني اتهاماً كبيراً يساق على لسان «يعرب» وهو في طريقه لحضور معرض للفن التشكيلي، حين يقول «أحس أنها صالات تبييض أموال». هكذا من دون نقاش ولا تفسير ولا ضرورة! وحين نعلم أن الصالات الفاعلة لا تزيد عن ثلاثة، بإمكاننا أن نعرف بالتحديد من المقصود؟ لسنا بالطبع في معرض نقاش وضع الصالات، ولكن أي تفسير درامي لاتهام كهذا؟
بهذا المعنى، ينطوي «تخت شرقي» على شيء من الاعتباطية، برغم محاولته في أن يقول شيئاً ما، يتطلب جهداً لمعرفته.

راشد عيسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...