برج من 13 طابقاً في قلب «السويداء»
شغلت الرخصة الممنوحة من قبل مجلس مدينة السويداء لبناء برج فوق عقارين يفصل بينهما شارع عام وتعود ملكيتهما للأوقاف، وسط مايعرف بـ «ساحة التربة» في السويداء القديمة،
الرأي العام في المحافظة وأثارت جدلاً تشعب باتجاهات مختلفة مصالح وآراء الشرائح والفئات التي تقف وراءها، كما تتالت ردود الفعل التي أخذت شكل مذكرات وعرائض تطالب بإيقاف الترخيص لما عرف بـ «برج الأوقاف»
-ويتلخص قرار الترخيص الأول رقم /2284/ الصادر عن مجلس المدينة بتاريخ 18/12/2008، بالموافقة على منح الترخيص على العقارين 2085و487/س غ 5 العائدين للوقف وفق نظام ضابطة البناء ومنهاج الوجائب المعدل والمصدق بقرار اللجنة الإقليمية رقم 26 تاريخ 26/7/2006 والموافقة على المخططات المرفقة بعد شطب المساحات المخالفة لقرار اللجنة المذكور أعلاه... ويتضمن القرار المذكور /26/ الموافقة على إقامة عشرة طوابق في العقارين المذكورين إضافة للأقبية والمرآب شريطة أن تكون نسبة البناء 100٪ في القبو والأرضي والأول و60٪ في بقية الطوابق والتقيد بكساء مالايقل عن 70٪ من واجهات البناء بالحجر الأسود البازلتي وإعادة صورة النسيج العمراني للشارع الحالية ماأمكن!
جمعية العاديات قدمت مذكرة بتاريخ 1/7/2007 موجهة إلى السيد محافظ السويداء بصفته رئيساً للجنة الإقليمية للتخطيط العمراني، نوهت في مقدمتها بأهمية المشروع العمرانية والاقتصادية مع ملاحظات تتعلق بمدى توافر الشروط المطلوبة للأبنية البرجية وبكون السوق من التراث العمراني للمدينة وأن المصلحة العامة والمتوازنة تشمل الاستجابة لمتطلبات التطور العمراني والاقتصادي مع الحفاظ على التراث المعماري المميز للمدينة، مذكرة أن الشارع الفاصل بين عقاري الأوقاف والمنوي سقفه والبناء فوقه ملك عام وبالتالي لايجوز سقفه أو البناء عليه والتقيد باشتراطات دائرة آثار السويداء على العقارين المذكورين ومراقبة الحفريات وتوقيفها في حال ظهور مكتشفات أثرية لاحتمال وجود أقبية وأنظمة ري ذات قيمة أثرية.
- الشاغلون تسلحوا تارة برد القاضي على كتاب مدير المصالح العقارية وكتاب رئيس مجلس المدينة بخصوص العقارين المذكورين بتاريخ 2/7/2007 أن هيئة الأوقاف لاتتمتع بالشخصية الاعتبارية وبالتالي لايحق لهاترتيب حقوق الانتفاع أو غيرها من الحقوق على هذا الوقف إلا وفقاً للقوانين النافذة والبلاغات الصادرة العديدة والصادرة عن وزارة العدل المتعلقة بهذا الشأن... واعتبروا أن مصالحهم مهددة للاعتبارات القانونية المذكورة في كتاب القاضي.
جاء في كتاب الشاغلين بتاريخ 14/1/2009 والموقع من قبل أكثر من 70 شخصاً، مامضمونه: إن الهدم قد يستغرق 5 سنوات وإن جميع أصحاب المحال في البناء القديم المراد هدمه، مدانون للتجار بدمشق وللمصارف، الأمر الذي قد يتسبب بكوارث عليهم وعلى أسرهم ويلحق الضرر بشارع الاتحاد بكامله وبالمحال نتيجة الارتفاع وإن هذا الشارع معلم من معالم المدينة القديمة كما تضمن كتاب «الشاغلين» الموجه إلى السيد رئيس تحرير صحيفة «الثورة» بتاريخ 21/1/2009 أن شاغلي عقاري الأوقاف جنوب ساحة الأسد وعددهم أكثر من 1000 نسمة معرضون للإفلاس والتشرد في حال نفذ القائمون على الوقف قرارهم بهدم العقارين وتشييد مكانهما برج يتألف من أكثر من عشرة طوابق، إن بناء الأوقاف الحالي يشكل أكثر من نصف السوق الحالي الرئيسي في المدينة وهو مبني بالحجر البازلتي المنحوت جيداً وهو بناء تاريخي وهدمه يغير الكثير من معالم المدينة وذاكرتها ونسيجها العمراني لذلك قدموا اعتراضاً للسيد المحافظ يطالبون فيه بعدم الموافقة على هذا المشروع!
- ردت من خلال مذكرة خطية تم تبنيها من قبل الهيئة العامة في مؤتمرها السنوي المنعقد مؤخراً موجهة إلى السادة أمين فرع الحزب ومحافظ السويداء ورئيس مجلس المدينة مايلي: بلغنا صدور القرار رقم 2284 تاريخ 18/12/2008 والقاضي بمنح الترخيص لبرج الأوقاف في موقع عين السويداء- مية التربة- وذلك بعد أن تم تعديل ضابطة البناء للعقارين موضوع الترخيص، ولقد ورد في متن القرار عبارة (بعد اقتطاع المساحات المخالفة) إننا أرسلنا كتاباً باسم النقابة توضح فيه رأي النقابة وملاحظاتها الهندسية بكل حرص قبل منح الترخيص، وإن مسؤوليتنا النقابية والفنية والاجتماعية، كمؤسسة ذات مرجعية في هذا الموضوع، تملي علينا أن نبدي رأينا وموقفنا وملاحظاتنا فيه، باعتباره من صلب اختصاصنا وخاصة أن القانون 26 لعام 1981 الناظم لمهنة الهندسة، يحصر كل الأعمال الهندسية في نقابة المهندسين دراسة وإشرافاً وتنفيذاً، وتضيف المذكرة: إن الحقيقة توجب إعادة تنظيم قلب المدينة وتعديل ضابطته وليس لعقار واحد أو عدة عقارات حتى يكون التصرف شاملاً بصورة متكاملة فماذا لو طلب صاحب عقار أو أكثر تعديل ضابطة البناء لعقاره أسوة بالمشروع المطروح ليصار إلى الموافقة، ويصبح قلب المدينة أبراجاً، وأن التغيير المطلوب يجب أن يتم باتجاه تقليل نسبة البناء والارتفاع وتقليل الازدحام.
ورجت النقابة في مذكرتها عدم إدخال هذه المنطقة حمى المنافع التجارية والمضاربة بالعقارات واقترحت أن يكون هذا المشروع عمرانياً وثقافياً وتراثياً أو أن يكون سياحياً والتصميم تراثياً عربياً أصيلاً.. وأن يكون البناء بارتفاع 3-4 طوابق لاعتبارات فنية وخفض نسبة البناء لكي نفسح المجال لزراعة الورود والمساحات الخضراء والمحافظة على طابع المدينة التاريخي ليكون صرحاً يزيد المدينة جمالاً وليس عبئاً واكتظاظاً؟! ولفت المهندسون إلى أن المشروع، درس خارج القطر والتصميم لا علاقة له بالموقع ولا بالتاريخ وأن مهندسيها لديهم القدرة الكافية على تصميم هذه المشاريع ولا حاجة لاستيرادها وهم الأجدر والأكفأ بما يناسب بلدهم بناء وتنظيماً وبأن القانون 26 لعام 1981 الناظم لمهنة الهندسة يحظر على أي جهة كانت التدخل في العمل الهندسي ويحصر هذه الأعمال بنقابة المهندسين وتختتم المذكرة بمطالبة النقابة بتحويل هذا المشروع إلى نقابة المهندسين للمساهمة في إعادة تصميمه وتصديقه أصولاً وخلاف ذلك، من يتحمل المسؤولية المعمارية والإنشائية وجميع الاختصاصات التكنولوجية الأخرى، إذ إن دول العالم المتقدمة تركت المركز القديم في مدنها على حاله مع إضافات ترميمية تظهر التراث والأصالة التاريخية للمدينة، حيث يرتاده السياح ولا تبنى حوله مبان أكثر من طابقين .. (لذا ترجو النقابة التوقف عن السعي إلى تنفيذ المشروع حتى لا تقول الأجيال القادمة: إننا ساهمنا في مشروع لا ينسجم مع العلم وأصول العمارة!).
- الشيخ حسين جربوع بصفته ممثلاً للوقف، عرض لنا المراحل الصعبة والمعقدة التي تم اتباعها للحصول على الترخيص، بأنه بعد إنجاز المخطط الذي صمم من قبل أحد المكاتب الهندسية في دبي على الكروكي، تبرع مهندسو (إشراف) أن يصدقوا المخطط من نقابة المهندسين مجاناً، إذا ضمنوا ألا تقوم نقابة المهندسين، بحسم الشريحة عليهم جراء قيامهم بالعمل الخيري، وقد تم توجيه رسالة للسيد رئيس مجلس الوزراء يطلب فيها عدم حسم الشريحة عن هؤلاء المهندسين الذين يعملون لمصلحة الوقف الخيري، وقد وجه السيد رئيس مجلس الوزراء كتاباً إلى نقيب المهندسين في القطر، بألا يتم حسم الشريحة عمن يعملون مجاناً مع وقف السويداء، وتم إحضار صورة عن الكتاب المذكور لنقابة المهندسين في المحافظة وقد احتفظوا بها وصدقوا المخططات منذ أكثر من سنة كما حفظتها البلدية وأعطت الترخيص عليها، وأن رخصة الهدم جاهزة، والأمور قانونية مئة بالمئة ولا توجد أي مشكلة لأن العمل الخيري يقوم به كل من يرغب!
وحول تعديل المخططات أوضح الشيخ جربوع أن هناك اختلافاً في وجهات النظر، فالمخططات وضعت على أساس نظام الضابطة القديم، لأن الطلب من عام 2005 والموافقة المبدئية جاءت في العام نفسه، ولكن الموافقة النهائية والرخصة استغرقت 4 سنوات تقريباً، لأن البعض خلق لها العقبات. وحول حقوق المستأجرين، شاغلي بناء الأوقاف الحالي، يقول القائمون: إن من حق المستأجرين أن يعترضوا باعتبارهم يخشون أن يلحق بهم ضرر وكان جوابنا بأن المخططات قانونية ونحن جميعاً تحت سقف القانون وقد عقدنا عدة اجتماعات مع الشاغلين واتفقنا على صيغة واضحة لمصلحتهم، قلنا لهم عادة المستأجر يرجع على 70٪ نحن قلنا لهم ترجعون على 90٪ من المساحة لكل المستأجرين، فنحن سنقيم 13 طابقاً وسنبحث عمن يشتري ويتوسع! وبعد الاتفاق جاء من خرّب علينا، ووجدنا هناك من يطلق الشائعات تارة،. أن الأرض ليست للوقف فالوقف خيري وريع أكثره يذهب للفقراء، وعندما يكون لدينا 3 طوابق تحت الأرض و 10 فوق الأرض، منها 3 تجارية صمموها بشكل حديث مع درج متحرك ومصاعد على أحدث طراز معماري متميز حضاري بمئات الملايين فإن هذا سينعكس على مصلحة البلد وهو لمصلحة اليد العاملة ويستفيد منه الجميع وريعه سيغطي الفقراء جميعهم. هم كتبوا للسيد المحافظ في السابق أن هناك تسعة مستفيدين من الطابقين الحاليين فكيف سيكون الحال بعد تنفيذ 13 طابقاً، سيكون المستفيدون 60 -70 ألفاً فلماذا تعطل مصلحة شخص إذاً، مصالح مئات بل آلاف الأشخاص؟ والكلام الأكيد أننا نتقيد بالقوانين والأنظمة السورية فلا نهدم دون موافقة القضاء ولانبني دون رخصة من البلدية!
وحول كتاب وزير العدل الموجه إلى النائب العام أن قضاة الشرع ومن في حكمهم هم المسؤولون عن إدارة شؤون الأوقاف، أجاب ما مفاده: إن الكتاب استند إلى قانون معطل وغير نافذ، وإن المرجع المختص لشؤون الأديان هو رئيس الوزراء.. ومايهمنا هو الصالح العام.. فنحن لا نلوم من يهتم بمصلحته الخاصة، أما الذين يستغلون الوضع فنقول لهم هناك نظام عام، مؤكداً أن سرعة الانجاز لصالح الأوقاف مثلما هي لصالح المستأجر وأن المشروع كان يجب أن يقام من قرابة 4سنوات!
- في ذروة الموقف فاجأنا مجلس المدينة بقرار جديد صدر بتاريخ 3/2/2009 تحت رقم/242/ويقضي بطي القرار السابق /2284/ والموافقة على منح الترخيص على العقارين المذكورين بعد معالجة المعوقات واستيفاء ربع قيمة رسم التحسين استناداً إلى التعليمات التنفيذية للمرسوم التشريعي رقم /98/للعام 1965 المحدد في محضر اللجنة البدائية لغرض التحسين رقم /289/ص تاريخ 11/1/2009 وتعديل المخططات المرفقة بطلب الترخيص والواردة إلى مجلس المدينة من مديرية الخدمات الفنية لتتوافق مع نظام ضابطة العقارين موضوع الترخيص، استناداً إلى التعديل رقم/1/ المصدق بقرار السيد المحافظ رقم /798/ تاريخ 21/9/ 2006 والصادر بقرار السيد وزير الادارة المحلية والبيئة رقم /2316/ تاريخ 2/10/2006 وثانياً: أن يكون التعديل متوافقاً مع قرار وزير الثقافة رقم /397/ لعام 2008 أوموافقة دائرة آثار السويداء على المخططات وفق نظام الضابطة المصدق!
ويتضمن قرار الترخيص رقم /267/ الموافقة على الطلب المقدم والمتضمن بناء ثلاثة أدوار تحت الأرض وأربعة أدوار فوقه على العقار الجنوبي وثلاثة أدوار تحت الأرض وثلاثة أدوار فوقه على العقار الشمالي حسب المخططات الجاهزة والموجودة لدى مجلس المدينة وشطب الزوائد المخالفة لنظام الضابطة.
كذلك فقد صدر قرار الموافقة على تصديق لجنة هدم البنائين المشادين على المحضرين العائدين للوقف تحت رقم/270/ تاريخ 9/2/2009
المحامي /صفوان أبو سعدى/ رئيس مجلس المدينة أوضح لـ «الثورة» بتاريخ 26/2/2009 أن عقاري الاوقاف كانا يحققان شروط نظام الضابطة قبل ان يتم تعديله، كونهما واقعين في منطقة تجارية وقد منح العقاران استثناء من قبل اللجنة الفنية الإقليمية في عام 2006 حيث تم تعديل نظام الضابطة من 4 طوابق إلى 10 طوابق لاعتبار الأوقاف لمصلحة العموم وهي تحقق النفع العام وقد صدر قرار السيد وزير الإدارة المحلية بتصديق هذا التعديل في عام 2006 إلا أن الطلب الحالي اصطدم باشتراطات مديرية الآثار وقرار السيد وزير الثقافة وقد تم منح رخصة نظامية محققة لشروط وزير الثقافة حيث تمت الموافقة فقط على 3 طبقات في كل عقار، بناء على الطلب المقدم من الأوقاف بترخيص 3 طوابق بناء على طلب الأوقاف، موضحاً أن تعديل نظام الضابطة هو لمصلحة التطور العمراني في المدينة وأن قرار وزير الثقافة بخصوص البلدة القديمة منظور أمام اللجنة الفنية الإقليمية ومجلس المدينة، وبالنسبة لمذكرة نقابة المهندسين حول ضرورة تصديق المخططات من قبل نقابة المهندسين أجاب إنه تم استثناء الأوقاف من قبل السيد رئيس الوزراء وقد أعطيت الرخصة بناء على ذلك.
- رغم أننا لم نجد خلال بحثنا مع الأطراف كافة، أن هناك، من حيث المبدأ من يعارض تشييد برج للأوقاف بما ينعكس بشكل إيجابي على الناحية الاقتصادية والعمرانية وعلى العمل الخيري في المحافظة ..يتساءل البعض لماذا لاينفذ البرج في موقع يتحقق فيه الانسجام المطلوب مع محيطه العمراني ؟!.. وبغض النظر عن طبيعة السجال وتعارض المواقف الحاد القائم وعن التحفـظات التي أبداها فريق يرى في تنظيم الوقف ضرورة يقتضيها العصر، وإلى ما حصل من تجاذبات حسمها السيد محافظ السويداء عبر حاشيته رقم 429/س/1/10 تاريخ 16/12/2008 والمتضمنة عدم الأخذ بكتاب القاضي كون سماحة الشيخ ممثلاً للوقف استمراراً لعملية إدارته وجبايته للأجور الحالية في السويداء.بغض النظر عن كل ذلك فإننا لا ندعي الاجابة على التساؤلات التي تثيرها اجابات الجهات المختلفة فقد أكد المهندس مسعود صالحة نقيب المهندسين في المحافظة أن نقابة المهندسين لم يسبق لها الاطلاع على المخططات أو تصديقها ولا علم لها بالاستثناء الممنوح من قبل السيد رئيس الوزراء وفي هذه الحالة أين هي المرجعية الهندسية والمعمارية؟
لماذا لم يعترض السيد مديرالآثار بصفته عضواً في اللجنة الاقليمية على مخططات البرج الموافق عليها في العام 2006 وتضم بناء مؤلفاً من 13 طابقاً 3 منها تحت الأرض و10 فوق الأرض في قلب المدينة القديمة بينما اشترط في العام الحالي وفقاً لقرار السيد وزير الثقافة الأخير ألا يتجاوز البناء الطبقات الثلاث؟ والسؤال الذي يطرح نفسه هل عبارة قرار السيد وزير الثقافة منظور أمام اللجنة الاقليمية ومجلس المدينة؟
للسيد رئيس مجلس المدينة تعني إعادة النظر باشتراطات الآثار في الموقع وبالتالي الترخيص لأبنية طابقية وفق عامل الاستثمار في قلب المدينة القديمة.
هل تحافظ مخططات البناء الحالي المرخص له والموضوع في دبي على معالم المدينة وذاكرتها ونسيجها العمراني؟ هي أسئلة تشغل المواطنين وقد اكتفينا بعرضها كما هي!.
منهال الشوفي
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد