قصة ريتشارد بيرل وفريد الغادري

04-12-2007

قصة ريتشارد بيرل وفريد الغادري

الجمل: ما تزال جماعة المحافظين الجدد تحافظ على روابطها القوية والوثيقة مع المتعاملين العرب وفي هذا الصدد نشرت صحيفة لوس أنجلس تايم الإخبارية الأمريكية تقريراً إخبارياً أعده الكاتب الأمريكي آلن وايزمن، والذي وضع كتاباً عن حياة زعيم المحافظين الجدد رتشارد بيرل، تحت عنوان "أمير الظلام – ريتشارد بيرل: المملكة، القوة والنفوذ، ونهاية الإمبراطورية الأمريكية".
* ريتشارد بيرل والمنشق السوري فريد الغادري:
يقول وايزمن "ذات صباح بارد ذهبت إلى منزل ريتشارد بيرل الموجود خارج العاصمة واشنطن لإجراء مقابلة معه تم الترتيب لها مسبقاً، وقد وصلت قبل عشر دقائق من الموعد المحدد.... وبينما كنت في قارعة الطريق على الجانب المقابل وإذا بباب منزل بيرل ينفتح ويخرج بيرل ومعه شاب يبدو أنه كان يحاول الإسراع في الخروج والابتعاد عن المنزل وكأنه على عجلة من أمره".
وأضاف وايزمن قائلاً "في هذه اللحظة شاهده بيرل وحدق فيه بدهشة قائلاً: "أووه، آلن.. كنت أود أن أجعلك تقابل..." ولكني كنت أعرف بالأساس من هو هذا الشاب وذلك من خلال الصور التي شاهدتها له في الصحف والمجلات، وقلت له: "أجل يا سيدي.." ومددت يدي بعد ذلك لمصافحة الضيف وقلت له: "إنني أعرفك من خلال صورك المنشورة" ولاحظت بعضاً من عدم الرضا في ملامح ريتشارد بيرل".
لقد كان الضيف هو فريد الغادري، المنشق السوري المنفي إلى أمريكا والذي يشارك ريتشارد بيرل وبعض زعماء المحافظين الجدد الآخرين الرأي حول إمكانية أن ينصب نفسه بمساعدة الأمريكيين والإسرائيليين "زعيماً" على سوريا.
يترأس الغادري مجموعةً في واشنطن تطلق على نفسها اسم "حزب الإصلاح السوري"، وقد سبق أن قابلته وتبيّن لي أنه قد قام بالكثير من المقابلات واللقاءات مع اليهودي الأمريكي ديفيد فورومزر مستشار نائب الرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، ويعتبر فورمزر من أبرز المتحالفين مع ريتشارد بيرل ضمن جماعة المحافظين الجدد الموالية لليكود، كذلك يرتبط فريد الغادري بتفاهمات ولقاءات مع أليزابيس ديك تشيني وهي ابنة ديك تشيني التي تترأس لجنة «سوريا - إيران» التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية وذلك بدءاً من عام 2005م وحتى الآن.
يقول الكاتب "لقد سبق أن سألت ديفيد فورمزر حول فريد الغادري وقلت له: "هل سيكون هذا بمثابة "أحمد جلبي" آخر؟ وقد أخبرني فورمزر قائلاً: "إنه لا يطلب المال... وإنما يطلب السلطة، وله أجندة. لكان هذا لا يهم كثيراً فنحن دائماً نتعامل مع.... بدءاً من ليخ فاليشا في بولندا وصولاً إلى فاكلاف هافيل في تشيكوسلوفاكيا".
* دور المنفيّين في سيناريوهات الإدارة الأمريكية إزاء بلدانهم:
يقول الكاتب أن سيناريو الإدارة الأمريكية الذي يركز على مساعدة المنفيين باعتبارهم "الزعماء" المفترضين في بلدانهم، هو سيناريو يركز على شعار إنجاز عملية "التحول الديمقراطي" في بلدان الشرق الأوسط، وهو الشعار الذي وضعه وأسس له كل من ريتشارد بيرل وديفيد فورمزر، وحاول بعد ذلك ديك تشيني ووولفويتز وغيرهم من خبراء الإدارة الأمريكية دفع إدارة بوش من أجل تنفيذ وفرض إملاءاته وحالياً برغم الفشل والإخفاق الواضح في منطقة الشرق الأوسط فإن ريتشارد بيرل على ما يبدو ما زال مصراً ومعه بقية جماعة المحافظين الجدد على المضي قدماً في الدفع باتجاه ضرورة الاستمرار في تنفيذ السيناريو واستخدام شتى الضغوط والوسائل الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية الأمريكية من أجل الآتي:
• في العراق: التخلص من نوري المالكي والعمل من أجل تنصيب أحمد الجلبي مكانه.
• في إيران: تنظيم ثورة داخلية إيرانية عن طريق الضغط الداخلي أو الحصار والعقوبات أو العمل العسكري بما يؤدي إلى إعادة تنصيب ابن شاه إيران بالتحالف مع منظمة فدائيي "خلق" ثم الاستمرار في تصعيد الاضطرابات الداخلية في إيران بما يؤدي إلى تقسيمها في نهاية الأمر إلى عدة دويلات صغيرة تتضمن أبرزها خوزستان للعرب، بلوشستان للبلوش، كردستان الإيرانية للأكراد، والمنطقة الشمالية للأذربيجانيين بحيث تبقى المنطقة الوسطى للإيرانيين الفارسيين.
وبالنسبة لأحمد الجلبي باعتباره يمثل الخطوة الأولى في عملية تنصيب جيل الزعماء الجدد الذين صنعتهم جماعة المحافظين الجدد خصيصاً لمنطقة الشرق الأوسط وبما يتناسب مع "المواصفات القياسية" للمشروع الإسرائيلي، يقول الصحفي آلن وايزمن بأن ريتشارد بيرل ومجموعته يحاولون الآن الضغط على الإدارة الأمريكية عن طريق الإلحاح بأن أحمد الجلبي ما زال دوره هاماً في المنطقة ولابد من إيجاد المكان المناسب له في حكومة بغداد ويقولون بأن ما تعرض له الجلبي من ضرر في الفترة السابقة كان بسبب أخطاء وكالة المخابرات المركزية ووزارة الخارجية الأمريكية وعلى وجه الخصوص عدم تمتع أحمد الجلبي بقبول كوندوليزا رايس، ويقول ريتشارد بيرل بأنه ما من سبيل أفضل متاح أمام الإدارة الأمريكية سوى العمل من أجل دعم أحمد الجلبي والغادري وعامر عباس فخرافار الإيراني.
عموماً، يخلص الكاتب الأمريكي قائلاً بأن الأبطال الزائفين الذين صنعتهم جماعة المحافظين الجدد والإدارة الأمريكية من أمثال الغادري وغيره، فإنهم مهما كانت المؤسسات التعليمية الأمريكية قد بالغت في منحهم الدرجات العلمية فإنهم (وعلى وجه الخصوص فريد الغادري) غير صالحين ولا حتى للتحدث أمام شعوب الشرق الأوسط وذلك لأن كل مجتمعات الشرق الأوسط تنظر لهم كواجهات إسرائيلية مصنوعة. أما فريد الغادري، فقد ساعد بنفسه على كشف دوره كواجهة لإسرائيل وذلك من خلال التزامه وحرصه الشديد على أن يكون عضواً أصيلاً (يدفع الاشتراكات ويحضر الاجتماعات....) في تنظيم "الإيباك" وهي لجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية، والتي تمثل المنظمة الرئيسية والعمود الفقري للوبي الإسرائيلي، ولم يكتف الغادري بذلك بل وعلى موقعها الإلكتروني هناك عمود يكتبه الغادري يحمل عنوان "لماذا أنا معجب بإسرائيل". وقد يبدو هذا غير مدهش ولكن ما هو مدهش يتمثل في موقف "المفكر الكبير" ريتشارد بيرل والذي تنظر إليه الإدارة الأمريكية وجماعة المحافظين الجدد باعتباره "السيد المخلّص" والذي ما زال غير مقتنع في أن ما يقوم به حالياً فريد الغادري سوف يجعله غير مرفوض من قبل السوريين فحسب بل ومنبوذاً أيضاً.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...