معلولا تشعل قممها احتفالاً بالصليب
يؤمن أهالي معلولا أن قمة جبال بلدتهم كانت إحدى القمم التي أشعلت عليها النيران لإعلان العثور على الصليب المقدس. لذا فهي تحتضن كل سنة، في مناسبة عيد الصليب، آلاف الزوّار والمشاركين من سوريا ولبنان والعراق والأردن وبعض الأقطار العربية، ومن بعض الدول الأجنبية، فعيد الصليب بالنسبة لهذه البلدة السورية هو «عيد الأعياد»، وخاصة أنّ لدى تلك البلدة طابعاً دينياً مميزاً في العالم، ولا سيما أن سكانها ما زالوا ينطقون باللغة الآرامية، اللغة التي نطق بها السيد المسيح.
على مدى ثلاثة أيام من دون «توقف» احتفلت معلولا بالعيد وفق عاداتها وتقاليدها المتوارثة عن الأجداد، حيث يضرم الرجال النيران على القمم بعد احتفال كبير وهم يسيرون صعوداً إليها حتى تتحول إلى زنار من نار يكلل الجبال المحيطة بالبلدة. ويستمر الاحتفال ثلاثة أيام تبدأ بليلة «المعفّّرة» وهي ليلة يحتفل فيها مجموعة شباب يزيد عددهم على 70 شاباً يعرفون بـ«شباب الصليب» لأنهم يتولّون التحضيرات وتنظيم الاحتفال كل عام، وتبدأ سهرتهم بإيصال ما يزيد على ألفي جذع شجرة إلى أعالي قمتي جبال معلولا الغربية والشرقية وتستمر حتى الصباح تحضيراً لليلة العيد. وفي ليلة العيد تستقطب معلولا ما يزيد على مئة ألف زائر، إذ تنطلق مسيرة «العراضة» من ساحة البلدة وهي تضم كبار شعراء وزجالي معلولا «والقوّالة» ويسيرون ضمن حلقات من الدبكة، مردّدين أبياتاً شعرية ترمز للعيد، مزوّدين «بزوادتهم» الوحيدة وهي «بطحات» من العرق، حاملين معهم العصي والمناجل التي سيستعملونها في رمي «القرامي». وسرعان ما تنقسم العراضة إلى فئتين، الأولى تتوجه نحو قمة معلولا الشرقية «جبل الروم الأرثوذكس» والثانية إلى القمة الغربية «للروم الكاثوليك». عند وصولهم إلى أعالي الجبل، يبدأون بإضرام النيران لإشعال جذوع الأشجار، ثم تبدأ المرحلة الأولى وهي رمي «القرامي» من أعلى الجبل إلى وسط البلدة بعد أن يكونوا قد أمّنوا سلامة المارة، وتستمر مرحلة «دحرجة» القرامي كل نصف ساعة من كل جهة حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً، ليكمل شباب الصليب سهرتهم على قمم الجبال حتى الفجر، ويعودوا «فرساناً سوداً» من دخان النار، مردّدين أناشيد العيد ومعايدين بعضهم بعضاً لتحط كل جهة رحالها في كنيسة.
بعد ظهر نهار العيد، تتجدد العراضة ويستمر الاحتفال على هذا النحو في ساحات البلدة ضمن حلقات من الدبكة والأغاني الشعبية لليوم التالي.
عيد الصليب في معلولا، بدأ حين عثر على عود الصليب المقدس في تلة بستان الريحان في فلسطين سنة 325 ميلادية، يوم أمرت الملكة هيلانة وابنها قسطنطين بالبحث عن الصليب في الأماكن المقدسة في فلسطين، فكانت إشارة العثور عليه في إضرام النيران على جبل الجلجلة، فلما رأى الموجودون على قمة جبل الشيخ النيران سارعوا بدورهم لإشعالها، وتبعهم في ذلك على التوالي جمع الموجودين على قمم الجبال، وصولاً إلى مشارف القسطنطينية، فعرف بذلك قسطنطين أن المهمة قد تمت بنجاح، فنقل الصليب المقدس إلى القسطنطينية ورفعه فيها بتاريخ 14 أيلول من العام نفسه.
سيرين قوبا
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد