وقائع مؤتمر (إيباك) السنوي في واشنطن
الجمل: عقدت لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية- الأمريكية (الإيباك: AIPAC) مؤتمر السياسة الدوري، الذي درجت على إقامته سنوياً، وقد حضره هذه المرة 6000 مندوب، جاؤوا إلى العاصمة الأمريكية واشنطن من داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية.
أشرفت على إعداد المؤتمر لجنة من الخبراء، ضمت:
- جيمس وولسي: المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA).
- ابراهيم سنيح: نائب وزير الدفاع الأمريكي.
- روبرت ساتلوف: الكاتب والباحث ومدير الدراسات بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى (WINEP).
- مارك غينيسبيرغ: السفير الأمريكي السابق، والمحلل السياسية بشبكة أخبار فوكس نيوز.
بدأ المؤتمر بجولة افتراضية في سائر أنحاء الشرق الأوسط، أسهمت في إعدادها وبثها وسائط تكنولوجيا الاتصالات والأقمار الصناعية، ثم أعقب ذلك تقديم العديد من المداخلات حول الملفات الشرق أوسطية، وأشرف على إدارة النقاش دان سينور، المحلل السياسي بشبكة أخبار فوكس نيوز، والذي عمل سابقاً في منصب المتحدث الرسمي باسم سلطة التحالف المؤقتة، التي تولت الحكم في العراق عقب الغزو الأمريكي الذي أطاح بنظام الرئيس الراحل صدام حسين.
• رئيس الإيباك: وقف هوارد فريدمان، رئيس الإيباك مطالباً الحضور بضرورة أن يطوروا إسهاماتهم السياسية في المؤتمر، بما يعزز مشاركتهم وحضورهم السياسي، وأشار فريدمان إلى أن احتدام المنافسة بدأ حالياً من أجل الوصول إلى البيت الأبيض، هو أمر سوف يجعل من انتخابات عام 2008م الرئاسية، الأطول والأكثر تكاليفاً في تاريخ الولايات المتحدة على الإطلاق. وفي نهاية حديثه أكد على أن الإيباك قد رتب زيارة يقوم بها ضيوف المؤتمر البالغ عددهم 6 آلاف، اليوم الثلاثاء إلى مبنى الكابيتول هيل (مقر الكونغرس الأمريكي) وذلك من أجل الضغط على أعضاء مجلس النواب والشيوخ الأمريكيين، من أجل حثهم على تقديم المزيد من الدعم والتأييد لأجندة الإيباك المتعلقة بدعم إسرائيل.
• الحملات الجانبية: صاحبت انعقاد المؤتمر حملة جانبية نظمتها الجماعات الطلابية المؤيدة للإيباك، وقد وصل إلى مقر المؤتمر 1200 طالب أمريكي، يمثلون 50 ولاية أمريكية، معظمهم من رؤساء الاتحادات والجمعيات الطلابية المرتبطة بكنيسة صهيون التي تمثل المركز الرئيسي لحركة اليمين الديني المسيحي الصهيوني في أمريكا.
المحاور الرئيسية لحملة مؤتمر الإيباك، ركزت على المسائل الشرق أوسطية، كما هو الحال في مؤتمرات الإيباك الدولية السنوية السابقة، ولكن ما هو جديد هذه المرة يتمثل في محور أمن أمريكا الداخلي. ويمكن استعراض محاور مؤتمر الإيباك الحالي على النحو الآتي:
• الملف الإيراني:
إيران تخالف وتخرج على إرادة المجتمع الدولي، وتعمل باطراد وتقدم في ترقية وتطوير عملية تخصيب اليورانيوم، على النحو الذي جعل إيران حالياً تكون قريبة من لحظة امتلاك الأسلحة النووية، ويحدد الإيباك انتهاك إيران لقرار مجلس الأمن الدولي (1737)، على النحو الآتي:
- تشغيل 650 من أجهزة الطرد المركزي، بهدف التوصل إلى عملية تخصيب اليورانيوم اللازم لإنتاج الوقود النووي الذي يستخدم إما في المفاعلات النووية، أو في القنابل النووية.
- خلال شهر أيار القادم سوف تقوم إيران بتشغيل 3000 جهاز طرد مركزي، وهو عدد يكفي لإنتاج رأس نووي واحد أو اثنان كل عام.
- بعد تركيب أجهزة الطرد المركزي في أيار القادم سوف تكون إيران قادرة على إنتاج الوقود النووي خلال فترة زمنية أقلها 6 أشهر، وأقصاها عام واحد.
- رفضت إيران الانصياع لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1737، الذي تم إصداره بإجماع كل أعضاء المجلس، لأول مرة بالاستناد إلى قرارات الفصل السابع على أساس اعتبارات أن البرنامج النووي الإيراني يشكل تهديداً للأمن والسلام الدوليين، على النحو الذي يتوجب فيه على المجلس فرض الإجراءات الضرورية اللازمة لإيقاف هذا البرنامج وفقاً لما هو منصوص عليه في الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
- حظر القرار المعاملات الدولية مع إيران في كل ما من شأنه أن يدخل في مجال الأنشطة النووية والصاروخية، إضافة إلى تجميد أرصدة الأفراد والجهات المتورطة في هذه الأنشطة، وأيضاً فرض الرقابة على حركة الأفراد الخارجية.
يشير الإيباك إلى أن تأثير قرار مجلس الأمن الدولي رقم (1737)، والعقوبات الأمريكية ضد إيران، يتمثل في الآتي:
- ارتفاع أسعار السلع الضرورية في الأسواق الإيرانية بنسبة 25%، وارتفاع تكاليف الإنتاج بحوالي 30%.
- برزت بعض الأصوات الداخلية في إيران، المنتقدة للسياسات الخارجية والاقتصادية، والبرنامج النووي الإيراني.
- تصاعد المخاوف من توقف تدفقات رأس المال الاستثمارية المباشرة وغير المباشرة على النحو الذي قد يترتب عليه الاضرار بالاستثمارات النفطية.
- قررت البنوك الأوروبية والغربية الرئيسية إنهاء معاملاتها مع البنوك الإيرانية، والبنوك الأوروبية، هي: بنك إيه.بي.ان.امرو، بنك سويس غروب، بنك يو.بي.اس السويسري، بنك إيه.جي السويسري، بنك كريدي ليونيه الفرنسي، بنك سوسيتي جنرال الفرنسي، وبنك باركلير البريطاني.
- قررت وزارة الخزانة الأمريكية حظر البنوك الأمريكية من تقديم أي خدمات تتعلق بالمعاملات المالية أو الخدمات المصرفية الأخرى التي تكون إيران طرفاً فيها.
طالب الإيباك بضرورة مواصلة وتشديد الضغوط على إيران، بما يتضمن الإجراءات الآتية:
- تطبيق الحظر الكامل على السلاح وحركة الأفراد وتجميد الأرصدة الإيرانية، وفرض العقوبات الاقتصادية الكاملة.
- فرض العقوبات على الشركات التي تتعامل مع إيران.
- تشديد العقوبات الأمريكية وعقوبات الأمم المتحدة ضد إيران.
- حرمان إيران من عائدات النفط الإيراني.
• الملف الفلسطيني:
برغم التوصل إلى اتفاق مكة بين الفصائل الفلسطينية، فإن السلطة الفلسطينية التي يترأسها محمود عباس ماتزال فاشلة تماماً في الإيفاء بالمطالب الدولية:
- الاتفاق لم يعترف بإسرائيل، ولم يدين وينبذ استخدام العنف ضد إسرائيل.
- بعد اتفاق مكة طالب زعيم حماس خالد مشعل، والطرف في الاتفاق، بضرورة مهاجمة إسرائيل من أجل تحرير القدس والمسجد الأقصى وتحرير الأسرى الفلسطينيين.
- قالت حركة حماس بأن الاتفاق لا يلزمها بالاعتراف بإسرائيل.
- الاتفاق لا يلزم حماس بالالتزام بالاتفاقيات التي وقعها الفلسطينيون سابقاً مع إسرائيل.
كذلك يرى الإيباك ان الاتفاق يعزز قبضة حماس على السلطة الفلسطينية على أساس اعتبارات:
- أن حماس تسيطر بالأساس على الأغلبية في المجلس التشريعي الفلسطيني.
- برغم وجود وزراء لا ينتمون الى حماس في مجلس الوزراء الفلسطيني، فإن حماس لها صلاحية تولي منصب وزير الداخلية، الذي يسيطر على قوى الأمن الفلسطينية.
- صرح اسماعيل هنية زعيم حماس، بأن حركة حماس ليست مستعدة لإجراء تسوية مع إسرائيل.
- رفض اسماعيل هنية الشروط الدولية، وقال بأن المقاومة هي السبيل الوحيد.
ويطالب مؤتمر الإيباك بتشديد الضغوط على الفلسطينيين على النحو الآتي:
- عدم الاستجابة لمطالب الفلسطينيين بتقليل الضغوط الدولية.
- إيقاف المعونات المالية بما يؤدي بالسلطة الفلسطينية إلى حالة الإفلاس المالي الكامل.
- الاستمرار في الضغوط حتى يتغير الرأي العام الفلسطيني المساند لحماس.
- عدم الاستمرار في تنفيذ خطة خارطة الطريق، إلا إذا قامت السلطة الفلسطينية بمواجهة المتطرفين الفلسطينيين وتفكيك قدرات الحركات والمنظمات الإرهابية والقضاء على بنياتها التحتية.
• ملف حزب الله:
يقوم حزب الله بالاستناد إلى الدعم السوري الإيراني بانتهاك قرار مجلس الأمن الدولي رقم (1701):
- إعادة التسليح وتقويض السيادة اللبنانية:
* أبلغت حكومة السنيورة تيري رود لارسن –مبعوث الأمم المتحدة- بأن الأسلحة من إيران وسوريا ماتزال تأتي عبر الحدود اللبنانية إلى حزب الله.
* يقوم حزب الله ببناء وتجهيز المخابئ والخنادق في الكثير من المناطق السكنية اللبنانية.
* يحاول حزب الله وإيران وسوريا إسقاط حكومة السنيورة.
* رفض حزب الله إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين.
- فشل قوات الأمم المتحدة في اتخاذ إجراءات قوية ضد حزب الله:
* لم تقم قوات الأمم المتحدة بمواجهة حزب الله ونزع سلاحه.
* لم تستطع قوات الأمم المتحدة إيقاف إمدادات الأسلحة لحزب الله.
* لم تقم قوات الأمم المتحدة بالضغط على الحكومة اللبنانية لكي تسمح لها بالانتشار على طول الحدود السورية- اللبنانية.
- قامت إسرائيل بتنفيذ التزاماتها المفروضة بموجب القرار (1701):
* سحبت إسرائيل قواتها من المناطق التي سيطرت عليها في الحرب الماضية.
* رفضت إسرائيل حصارها الجوي والبحري ضد لبنان بعد وصول القوات الدولية.
* زودت إسرائيل الأمم المتحدة بخرائط حقول الألغام في جنوب لبنان.
* طرح رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت رغبة إسرائيل في التوصل إلى اتفاقية سلام دائمة مع لبنان.
ويطالب الإيباك بالمزيد من الإجراءات الآتية:
- أن تقوم الولايات المتحدة بالتشديد على ضرورة أن تقوم القوات الدولية بتنفيذ قرار مجلس الأمن، بما يؤدي إلى حرمان حزب الله من إمدادات الأسلحة، وعدم استعادة بنياته التحتية.
- أن تقوم الولايات المتحدة بتشجيع الحكومة اللبنانية وحثها من أجل أن تقدم طلباً بالمزيد من المساعدات الدولية في رصد ومراقبة حدودها الدولية ومنع دخول شحنات الأسلحة غير القانونية.
- أن تقوم الولايات المتحدة بمحاسبة سوريا وإيران عن انتهاك قرار حظر الأسلحة المفروض ضد حزب الله، وذلك عن طريق قيام الولايات المتحدة بفرض العقوبات الكاملة ضد سوريا وإيران.
• ملف الأمن الداخلي الأمريكي:
يرى الإيباك أن أمن أمريكا الداخلي يرتبط بأمن إسرائيل، وذلك بسبب الروابط الاستراتيجية بين أمريكا وإسرائيل، ويرى الإيباك بضرورة:
- توسيع صلاحيات أجهزة الأمن الأمريكية في ملاحقة المشتبه في تورطهم بتهديد الأمن الأمريكي.
- التشديد في ضوابط الهجرة ودخول الأجانب- العرب والمسلمين- إلى أمريكا.
- المزيد من التنسيق بين أمريكا وإسرائيل في مكافحة الإرهاب.
- فرض المزيد من القوانين الأمريكية التي تعطي الإدارة الأمريكية حرية القرار في الحرب ضد الإرهاب.
وعموماً يمكن القول انه برغم وجود أكثر من 500 منظمة وجمعية يهودية أمريكية تنخرط بنشاط ضمن شبكة اللوبي الإسرائيلي، فإن منظمة الإيباك تعتبر الأكبر حجماً ووزناً في هذه المنظمات، وقد خاطب مؤتمر الإيباك هذه المرة: ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي، نانسي بيلوزي رئيسة الكونغرس الأمريكي، إضافة إلى بعض زعماء الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
وتكسب أجندة الإيباك أهميتها بسبب أنها تكشف الخيوط العامة والمسارات التي سوف تتحرك على هديها ماكينة السياسة الخارجية الأمريكية إزاء الشرق الأوسط خلال عام 2007م الحالي.
التوقعات تقول بأن العام الحالي سوف يكون حاسماً للمشروع الإسرائيلي- الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، وإذا لاحظنا توصيات الإيباك إزاء الملفات الثلاثة فإنه يتبين لنا أن الفترة المقبلة سوف تشهد تحركاً واسعاً بواسطة الإدارة الأمريكية، وذلك لأن جدول الأعمال الذي حدده الإيباك لسياساتها الخارجية يتضمن الكثير من القضايا الساخنة.
وبالنسبة لسوريا نجد أنه برغم أن مؤتمر الإيباك لم يفرد ورقة مخصصة لسوريا هذه المرة، إلا أننا نلاحظ أن سوريا موجودة في كل سطر من توصيات الإيباك.. وكل ما أوصى به الإيباك يرتبط بصورة أو بأخرى بدور ومكانة سوريا، وعلى ما يبدو فإن الإيباك قد اختار هذه المرة التعامل مع سوريا عن طريق المسرح اللبناني مستخدماً البدء بتطبيق استراتيجية الاقتراب غير المباشر من سوريا، ثم التحول بعد ذلك إلى حالة الاقتراب المباشر.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد