المالح يتحدث عن جريمة منظمة ضد السينما السورية
ثمة من يعتبر الإعلام، أو بالتحديد السينما لغة الشعوب ومصدر تقاربهم وبالتالي قوتهم من أجل الحق. تلك هي قصة نجاح السينمائي العربي الكبير نبيل المالح، الذي سطر في أعماله العديد من واقع العالم العربي بحلوه ومره، فأصبح علامة بارزة على خارطة السينما في العالم بأسره.
وعبر حوار مع السينمائي الكبير، يستذكر نبيل المالح العصر الذهبي في السبعينات والذي ولّد سينمائيين عرب تركوا بصمتهم الواضحة على خارطة السينما في العالم، حيث تم مؤخرا اختيار فيلم نبيل المالح الأول "الفهد"، الذي أنتج قبل 34 عاما، كأحد أهم الأفلام الكلاسيكية في القارة الآسيوية من قبل مهرجان بوزان في كوريا الجنوبية.
"الحظ يلعب دائما دورا مهما للغاية في أي مشروع، إلا أنه في النهاية جزء صغير من مجمل العمل. والسينمائي الجيد يجب أن يكون لديه مشروع سينمائي، والمشروع السينمائي مشروع متنام ومستمر، ولا يصبح الإنسان سينمائيا مهما لأنه صنع فيلما مهما واحدا ، ولكن عندما يصنع تاريخا مهما."
ويضيف "أعتبر أن مسيرتي السينمائية هي دائما حالة قتال مستمر، فمثلا أنا قمت بإخراج 150 فيلما ما بين متوسط وقصير وطويل وروائي ووثائقي. وبعد شهر من الآن، سأبدأ بإخراج فيلم روائي طويل أطلقت عليه اسم "فيديو كليب" أعتبره فيلمي الأول، حيث أنني نسيت كل ما فعلته وأبدأ بصنع سينما من جديد. ففي السينما، هنالك الحظ، وهنالك المغامرة، وهنالك الإصرار، وهنالك النمو أيضا."
إلا أن المالح، ورغم مسيرته الطويلة التي، وكما قال، أخرج فيها قرابة المائة وخمسين فيلما، لا يزال يحمل الكثير من هموم المواطن العربي واحتياجاته التي قد لا يعبّر عنها سينمائيا بسبب سلطة ما حوله تفرض عليه ما يقوم به وما لا يجب أن يقوم به.
يقول المالح "أي فنان في هذا الكون لا يتمكن من تحقيق إلا جزء من ألف مما في داخله وجزء من ألف من الحقائق التي يريد كشفها. وإضافة إلى ذلك، نحن في بلادنا العربية نكتشف أن ما لا نستطيع قوله هو أكبر بكثير مما نستطيع قوله، فنحن لدينا عالم سري خفي مضغوط ومقهور إلى حد كبير، وليست هناك سوى ثقوب صغيرة تخرج منها الروح وتستطيع أن تقول بعض الأشياء أحيانا."
وفي سؤال حول الحال التي وصلت إليه السينما في سوريا ومقارنتها بحال السينما في كل من مصر وإيران، رغم أن البلدان الثلاثة ترزح تحت نفس الظروف السياسية والاقتصادية تقريبا، يقول المالح " أذكر أنه في السبعينات كان هناك مشروع سينمائي حقيقي في سوريا، وسينمائيون سوريون حقيقيون، وكان هناك نوع من الابتكار والإضافة والمغامرة، والدخول في الجديد والمجهول. أما في السنوات العشر الأخيرة، فقد ماتت السينما السورية، حيث أن وجود المؤسسة العامة للسينما، برأيي، قتل السينما السورية تماما، فالآن ليس لدينا جمهور يذهب إلى الصالات، وليس لدينا صالات ليذهب إليها الجمهور. لذا باعتقادي، هناك جريمة غير منظمة بحق السينما السورية، والآن بقناعتي لولا بعض السينمائيين الجدد والسينمائيين القدامى الذين لا زالوا يحملون بعض النار داخلهم، لخرجنا الآن في جنازة السينما سورية، وودعناها إلى غير رجعة."
وإذا ما ألقينا نظرة على معظم الأعمال السينمائية التي أنتجت بشكل غير تجاري في العقود الأربعة الماضية، نجد أنها هادئة وتخلو من مظاهر القتل والتشدد بشكل يتناقض مع العنف والظلم الذي يعيشه المواطن العربي والذي يترك أثره واضحا على حياة الملايين يوميا، حيث يؤكد المالح أن الحكاية السينمائية لم تعد تجدي نفعا في وصف الأحوال العربية الحالية لأنها أصبحت تتجاوز المعقول والممكن، حيث يقول "يجب أ، نحاول البحث عن مفردات وتصاميم سينمائية جديدة تعبر عن الحالة الغير اعتيادية التي يعيشها العالم العربي، فأنا اليوم ضد الحكاية، لأن حياتنا لم تعد حكاية على الإطلاق، بل هي مجموعة صور مترابطة مع بعضها البعض ضمن عالم عجائبي بحاجة إلى شكل جديد، ولا تستطيع سوى السينما أن تعبر عن مضمونه.
أما عن تكريمه مؤخرا في مهرجان دبي السينمائي، فيؤكد المالح أنها خطوة جريئة نحو الأمام، يتم فيها تكريم عمالقة هوليوود إلى جانب المخرجين العرب رغم اختلاف الظروف بين الجانبين، فيقول "لقد حظي مهرجان دبي السينمائي باحترامي الشخصي المضاعف نظرا لتكريمه غير المباشر لمواهب وطاقات شابة تصنع سينما جديدة أحلم بصنعها يوما ما، والأمر الثاني هو الاحترام الكبير الذي يعامل به السينمائي العربي ووضعه في نفس المنزلة مع عمالقة هوليود كأوليفر ستون، رغم الظرف المختلف الذي يعيشه هو في هوليوود والذي نعيشه نحن هنا في العالم العربي."
وعلى هدى الأحلام الكبيرة في عصر السبعينيات الذهبي، لا زال نبيل المالح يسير بمشروعه السينمائي، الذي سيبدأ قريبا بتنفيذ فيلم روائي طويل يحمل اسم "فيديو كليب".
سامية عياش
المصدر: CNN
إضافة تعليق جديد