جهود واشنطن لتغيير الحكومات في الارجنتين والبرازيل
الجمل- بقلم: Lyuba Lulko- ترجمة: وصال صالح:
بدأ الشعب في كل من البرازيل والارجنتين يدرك أن الحكومات الجديدة لم تحقق آمالهم، حيث لا تزال مستويات المعيشة في كلا البلدين تزداد سوءاً، وليس هناك مستقبل مشرق أو بارقة أمل في الآفق، في عام 2017 ستجري الارجنتين انتخابات برلمانية، في حين سيذهب البرازيليون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيسهم الجديد في عام 2018 ، لماذا دبرت واشنطن انقلابات الليبرالية الجديدة في بلدان أمريكا اللاتينية؟
-جهود واشنطن لتغيير الحكومات في الارجنتين والبرازيل
في 10 كانون الأول 2015، تولت الحكومة الجديدة لموريسو ماكري السلطة في الارجنتين بعد هزيمة كريستينا فرنانديز دي كيرشنر، وجاء ماكري إلى السلطة في الارجنتين محملاً بحزمة من الوعود الشعبية وحملة إعلامية مدروسة لتشويه سمعة كيرشنر وبمساعدة مزاعم الفساد التي ألصقت بكيرشنر، وجاء تغيير السلطة في البرازيل في حزيران من عام 2016 كنتيجة لاتهامات مدبرة جيداً للرئيس ديلما روسيف واستندت الاتهامات الموجهة لروسيف على مزاعم بالفساد وانتهاكات النظام المالي التي كان من المفترض بها اللجوء إليه لتحسين التصنيف قبل الانتخابات، بسبب تورطها باتهامات الفساد أيضاً،وعلى الرغم من أنها لم تكن موثقة بالآدلة، غادرت ديلما روسيف مكتبها ووتركت المنصب للقائم بالأعمال الرئيس ميشال تامر والليبرالية الجديدة.
من الواضح، كان على الزعماء اليساريين السابقين دفع ثمن سياساتهم المستقلة عن الولايات المتحدة، أما بالنسبة للشؤون الاقتصادية للدول الحالية، فإن الليبراليون الجدد الذين وصلوا حديثاً سيفاقمون الوضع أكثر، الآميركيون جيدون في التلاعب والسيطرة على الرأي العام في الاتجاه الصحيح، وهم لجأوا في البرازيل إلى رشوة أعضاء مجلس الشيوخ.
بدأت واشنطن الاستعداد لتغيير السلطة في البرازيل عام 2009 ، وفقاً لموقع ويكيليكس عندما أجرى قادة أميركيون سلسلة من المحاضرات في ندوة في ريو دي جانيرو، وتم قراءة المحاضرات على مسمع من أعضاء النيابة العامة وقضاة الفيدرالية من 26 ولاية برازيلية و50 ضابطاً من الشرطة الاتحادية بذريعة مكافحة "غسل الأموال" وجاء "الطلاب" ليس فقط من البرازيل وإنما أيضاً من المكسيك، كوستاريكا، الارجنتين، بنما، أورغواي، وباراغواي، في الواقع، حاضرت ال CIA بهم حول كيفية "زعزعة استقرار الحكومات غير المرغوب فيها، من خلال التركيز على الشكاوى المتعلقة بالانتهاكات المزعومة التي ترتكبها تلك الحكومات" الجدير بالذكر، أن الارجنتين كانت مستعدة لمساءلة كريستينا كيرشنر أيضاً، لكن تغيير السلطة تم بشكل قانوني، ومن الواضح الآن أن لا أحد يريد تحسين مستويات معيشة الناس وكل الوعود التي أطلقها ماكري وتامر لا يمكن أن تصبح واقعية.
-الارجنتين تريد عودة كيرشنر
لقد تدهور الوضع الاقتصادي في الارجنتين بشكل كبيرخلال حكم الليبراليية الجديدة، ولا يزال ثالث أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية في حالة ركود، حيث وصل الانخفاض في النشاط التجاري في تموز إلى 5،9 بالمئة، في حين انخفض الناتج الاجمالي المحلي إلى 0،5 بالمئة، حسبما أفاد البنك الدولي، ووفقاً لتيليسيور –أن حكومة ماكري خفضت خلال 300 يوماً، 170 ألف وظيفة في القطاع العام، وفي بيونس آيرس ازداد الفقر بنسبة 13،43 بالمئة في خمسة أشهر فقط، وفقاً لدراسة أجراها مركز السياسة الاقتصادية للارجنتين ( CEPA).
وفي الوقت نفسه، يقول المعهد الوطني للإحصاء أن 32،2 من الارجنتينيين أي ( 8،7 مليون شخص) يعتبرون من الفقراء، واعتباراً من النصف الثاني من عام 2016 فإن 1،3 مليون شخص أي ( 6،3 بالمئة) يعيشون في الفقر، إصلاحات ماكري لرفع الرسوم الجمركية سارعت من وتيرة التضخم السنوي ليصل إلى 42 بالمئة، وقد انهار البيزو بنسبة 65،2 بالمئة ( من 9،75 إلى 16،11 دولار للبيزو) في الوقت الذي بدأ ماكري الشكوى من أن كل الصعوبات في البلاد هي نتيجة لإرث كيرشنرقائلاً "إن كنتم لا تحبون إرثي، إذاً أعيدوها".
-البرازيل: تحتاج لمعجزة لا أكثر
في البرازيل، يزداد الوضع سوءاً، حيث تحكم البلاد حكومة غير شرعية، لأن الشعب لم ينتخبها، ويستمر اقتصاد البرازيل (سابع اقتصاد في العالم) بالتضخم ويتراجع للسنة الثالثة على التوالي، في هذا العام من المتوقع أن يشهد اقتصاد البلاد انخفاضاً بنسبة 3 بالمئة، وفقاً لصندوق النقد الدولي، كتب البرتو راموس وهو اقتصادي في غولدن ساكس أنه في الربع الثالث من عام 2016 بلغ الناتج الإجمالي المحلي الحقيقي للبرازيل مستوى الربع الثالث من عام 2010 تامر يريد تجميد المعاشات والحد الأدنى للأجور يقول المعهد الوطني للإحصاء أن الاستهلاك ينخفض بينما الصارات تنخفض أيضاً بنسبة 2،8 بالمئة خلال الربع الثالث، وبلغ معدل البطالة 12 مليون شخص والعجز في الميزانية آخذ في الارتفاع ، فضائح الفساد لا تتوقف، حيث واجه ستة وزراء في حكومة تامر اتهامات بالفساد،وتتويجاً للعملية أعربت السلطات القضائية الارجنتينية عن غضبها حول رفض البرازيل التعاون بالتحقيق في قضايا غسيل الأموال وتدفق رؤوس الأموال من الرئيس ماكري للمناطق البحرية البنمية.
-الليبراليون الجدد يعملون لصالح الولايات المتحدة، وليس لبلدانهم
وفقاً للرئيس البرازيلي السابق لولا، فإن ماكري وتامر يتبعان رؤية سياسات الولايات المتحدة، الليبراليون الجدد سيدمرون كل شيء كان قد أُنجزه الرئيسان السابقان للبرازيل والارجنتين من قبل، قال لولا خلال اجتماع مع كريستينا كيرشنر، هذا مع العلم أن لولا رشح نفسه للانتخابات الرئاسية لعام 2018 .
عندما يأتي الليبراليون الجدد إلى السلطة، ينبغي على المرء أن يفهم أنهم سيعملون لإرضاء الولايات المتحدة بخصخصة أفضل الأصول الوطنية ( بيتروبراس، وصناديق المعاشات التقاعدية في الارجنتين) وزيادة القروض الخارجية من صندق النقد الدولي ومقره الولايات المتحدة والسماح للسلع الأميركية بالتدفق إلى الأسواق المحلية، كذلك هم لا يستطيعون فعل أي شيء تجاه القواعد الأميركية المتواجدة على أراضي تلك الدول (في المنطقة الحدودية بين الارجنتين والبرازيل).
لقد كان لكريستينا كيرشنر ديون، لكن كل تلك الديون كانت بالعملة المحلية –البيزو- لأن حكومتها اقترضت من السوق المحلية، لكن ماكري، رئيس الارجنتين الجديد، زاد بشكل كبير من القروض الخارجية، الدين العام للارجنتين يزداد وسوف يجعل إيرادات بلاده لخدمة ديون صندوق النقد الدولي، وفقاً لوكالة التصنيف موديز، فإن الدين العام في البرازيل في أسرع وتيرة في أمريكا اللاتينية، ونتيجة لذلك فإن الاكتئاب في البلدين يتعزز، والعمال المسرحين ينتحرون ومستوى الجريمة في الشوارع يزداد والشركات الصغيرة ومعظم الصناعات تشهر إفلاسها.
ونتيجة لإصلاحات ماكري، لا يجرؤ أحد على الاستثمار في أموالهم في الاقتصاد الارجنتيني، ترامب جاء ووقف للدفاع عن السوق الأميركية، ماكري جاء وفتح سوقه للولايات المتحدة، هذه ليست مفارقة، هذا هو عنصر من عناصر السياسة الاستعمارية الجديدة للسماح للولايات المتحدة بالتطور والنمو على حساب الدول الآخرى.
عن:Pravda.ru
الجمل
إضافة تعليق جديد