الجميع يغسلون أيديهم من زيارة الاخوان
تجاوزت قضية زيارة وفد <الإخوان المسلمين> في سوريا، إلى بيروت، حدود تأثيرها على زيارة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة <التي لم تعد في متناول اليد>، على حد تعبير مصادر واسعة الاطلاع في العاصمة السورية، لتطرح قضايا أكثر استراتيجية بالمعنى السياسي والأمني على مستوى العلاقات اللبنانية السورية، خاصة ان المراقب العام لجماعة <الإخوان> في سوريا علي صدر الدين البيانوني أعلن أن هذه الزيارة ليست الأولى من نوعها، منذ خروج الجيش السوري من لبنان، بل سبقتها زيارات عدة ظلّت بعيدة عن الأضواء وان المفاجئ هو قيام النائب وليد جنبلاط بتسريبها إلى الإعلام الأمر الذي أدى إلى إعطائها <أكثر من حجمها> على حد قوله.
وقد تابعت جهات داخلية وخارجية موضوع زيارة وفد <الإخوان>، وهذا الأمر طرح في الخلوة التي عقدت، أمس، بين الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة في مجلس النواب، وتخللها عتب من الأول، حول كيفية التعاطي الحكومي مع الأمر، إلا أن السنيورة رد نافيا أن يكون على علم بالزيارة الحالية أو أية زيارة سابقة، كما نفى أن يكون قد تلقى أية تقارير أمنية في هذا الصدد.
وفي السياق نفسه، أكدت مصادر دبلوماسية عربية في بيروت ل<السفير> أن المملكة العربية السعودية لا علاقة لها <لا من قريب ولا من بعيد بموضوع زيارة وفد <الإخوان> السوريين إلى لبنان>، وذلك في معرض الرد على تأويلات طرحت حول توقيت استقبال جنبلاط لوفد <الإخوان> السوريين بعد عودته من المملكة العربية السعودية.
وعلمت <السفير> أن وفد <الإخوان> المؤلف من خمسة أشخاص، يضم أربعة قدموا من العاصمة البريطانية، أما الخامس فهو جزء من فريق صار يمثل <الإخوان> في العاصمة اللبنانية، في الشهور الأخيرة. وتردد أن بعض القيادات اللبنانية المعنية ناقشت احتمال إقدام السلطات السورية على طلب تسليم أعضاء الوفد، وهو الأمر الذي سيحرج الحكومة خاصة ان الاتفاقيات الأمنية والقضائية بين البلدين ما زالت سارية المفعول حتى الآن.
وعلم أن وفد <الإخوان> طلب سلسلة مواعيد من قيادات الرابع عشر من شباط، وقد استجاب البعض وقرر البعض الآخر التريث، فيما برزت مواقف رافضة للزيارة من عدد من القوى الإسلامية، أبرزها <الجماعة الإسلامية> التي نفت أية علاقة لها <من قريب أو بعيد بالزيارة>، فيما أعلن احد ابرز مؤسسي حركة <الإخوان المسلمين> في لبنان الداعية فتحي يكن أنه التقى، في طرابلس، أمس الأول، وفد الإخوان السوريين وأنه ابلغهم أن زيارتهم <غير مقبولة بل مرفوضة من الساحة الوطنية في لبنان كما من الساحتين العربية والإسلامية في الخارج>.
من جهته، نفى المراقب العام لجماعة <الإخوان المسلمين> في سوريا علي صدر الدين البيانوني في اتصال مع مراسل <السفير> في باريس الزميل سامي كليب أن تكون زيارة وفد <الإخوان> إلى بيروت قد تمت بتنسيق مسبق مع نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام، قائلا من مقر إقامته في لندن <إن الزيارة قام بها إخوة لهم علاقات سابقة مع لبنان، والهدف هو عقد لقاءات ودية ومشاورات مع مختلف الاطراف وليس حصر الامر بطرف دون غيره فنحن لسنا راغبين مطلقا في الدخول بمتاهات الخلافات او التباينات الداخلية اللبنانية ولذلك فإن الزيارة تشمل مختلف الاطرف من السيدين وليد جنبلاط وسعد الحريري الى السيد حسن نصر الله> (نفت أوساط قيادية في <حزب الله>، نفيا قاطعا ان يكون الحزب في وارد استقبال الوفد).
وحول اللقاء مع جنبلاط، قال البيانوني إنه <كان وديا وطبيعيا، ولكن وفد <الإخوان> فوجئ بوجود وسائل اعلام وبتسريب الخبر من قبل وليد جنبلاط، وكنا حريصين على ألا يتم تسريب ذلك من منطلق عدم رغبتنا في أن تفهم الزيارة على غير محملها، فنحن لم ولا نريد الدخول في إشكالات الساحة اللبنانية>، مشددا في الوقت نفسه على أهمية الساحة اللبنانية بالنسبة ل<الإخوان>.
وردا على سؤال عما حكي بشأن تحالفات جديدة بين <الإخوان> وأطراف لبنانية بينها جنبلاط، قال البيانوني <الزيارة عادية وأنا شخصيا فوجئت بالحجم الكبير الذي أعطي لها في الإعلام اللبناني وبعض الفضائيات>. ونفى أن يكون هو نفسه قد زار بيروت سابقا قائلا: <هذه كانت محض شائعات، رغم رغبتي الاكيدة بأن ازور هذا البلد الشقيق حين تسمح لي الفرصة>.
ومن دمشق، نقل مراسل <السفير> الزميل زياد حيدر عن مصادر واسعة الاطلاع في دمشق تقديراتها بأن <لا تكون زيارة الرئيس السنيورة إلى دمشق في متناول اليد بعد التطورات الأخيرة على الساحة اللبنانية>. ووصفت المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها احتمال تحقق الزيارة ب<الاحتمال الصعب جدا>، معتبرة أن إمكانية حدوثها <ستتطلب وقتا طويلا، وتحضيرا معقدا يشمل مساعي عدة من أكثر من طرف>.
وأضافت المصادر أن اللقاءات الأخيرة التي عقدها جنبلاط مع وفد <الإخوان> <كانت عائقا إضافيا بوجه الزيارة، التي تراجعت احتمالاتها بشدة بعد زيارة السنيورة إلى واشنطن والكلمة التي ألقاها في مجلس الأمن في نيويورك>. ورأت المصادر أن <دمشق لم ترتح إطلاقا لدعوة السنيورة المجتمع الدولي لمساعدة لبنان على ترسيم الحدود وإقامة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا>، إضافة إلى أن السلطات السورية <تنظر إلى الإشكال الحدودي في عرسال، على أنه محاولة لجر الانتباه إلى الحدود بين البلدين في الوقت الذي يناقش فيه مجلس الأمن تقرير الموفد الدولي لتنفيذ القرار 1559 تيري رود لارسن>. وأضافت <كلما تقدم التحضير خطوة، صعّدت بعض الأطراف اللبنانية وأعادتنا الى النقطة الصفر>.
بدوره، قال الرئيس السنيورة تعليقا على زيارة وفد <الاخوان المسلمين> في سوريا للبنان <ليس همّنا ولا تفكيرنا على الاطلاق أن يستعمل لبنان من قريب ولا من بعيد ليكون موضع أي مشكلة بالنسبة الى أي دولة عربية، ولا سيما سوريا>. وأعرب بعد خلوة عقدها مع الرئيس بري في مجلس النواب، عن اعتقاده بأن ما حصل هو من باب الزيارة، ونحن لا نشكك فيها، ولا يجوز أن نسمح بأن يشكل هذا الأمر أي مشكلة لسوريا أو أي تهديد لها من أي جهة كانت>. وقال ردا على سؤال: <أنا لم أكن على علم بهذه الزيارة التي انظر إليها على أنها زيارة عادية، ولا اعتبرها في أي شكل مخصصة لأي دور من الادوار. وفي أي حال، الموقف الرسمي اللبناني والحكومة اللبنانية لا يسمحان بأن يكون هناك اي عمل يؤدي الى استثارة الاخوان السوريين او يشكل تهديدا لهم>.
المصدر : السفير
إضافة تعليق جديد