«داعش» يتمدد وسط سوريا ..وعينه على الحدود التركية
بعد نحو أسبوعين على استعادة الجيش السوري سيطرته على قرية مهين، ذات الغالبية المسيحية، في ريف حمص الشرقي الجنوبي، تمكن مسلحو تنظيم «داعش» من استعادة البلدة التي طال الدمار معظمها، إثر هجوم عنيف شنه على مواقع الجيش في المنطقة الصحراوية، في وقت يتابع فيه مسلحو التنظيم محاولاتهم الاقتراب من الحدود التركية في ريف حلب الشمالي قرب إعزاز، وفي ريف الرقة القريب من الحدود التركية، والذي تسيطر عليه «الوحدات الكردية».
وقال مصدر ميداني، إن مسلحي «داعش» شنوا هجوماً عنيفاً على مواقع الجيش السوري على تلتَي مهين الكبرى والصغرى الحاكمتَين للقرية، التي كانت تعرضت لهجوم عنيف في تشرين الثاني الماضي، قبل أن يتمكن الجيش السوري من استعادتها نهاية الشهر ذاته، ليعود التنظيم ويستعيدها.
وبعد أن تمكن عناصر «داعش» من السيطرة على التلتين، اضطرت قوات الجيش السوري، والفصائل التي تؤازره، للانسحاب من القرية ومن المستودعات العسكرية الفارغة فيها إلى مواقع متأخرة، قبل أن يتقدم مسلحو التنظيم نحو قرية حوارين المحاذية لمهين، ما دفع قوات الجيش للانسحاب أيضا من القرية، في حين بدأت طائرات حربية بشن غارات عنيفة على مواقع مسلحي «داعش».
وتأتي خطوة التنظيم بعد انكفاء دام نحو أسبوعين، قبل أن يعاود تحركاته على محاور عدة، سواء في ريف حلب الشمالي، أو حتى في المنطقة الوسطى من سوريا. ورأى المصدر الميداني أن خسارة مهين جاءت بسبب الهجوم العنيف الذي شنه المسلحون من جهة، وعدم وجود قوة كافية على المحاور الدفاعية من جهة أخرى.
وتعتبر بلدة مهين إستراتيجية، كونها تقع في منطقة متوسطة قريبة من مطار «تي فور» العسكري ومن بلدة صدد المسيحية التي تبعد عنها نحو 10 كيلومترات، إضافة إلى قرب البلدة من طريق دمشق الدولي الذي تمثل السيطرة عليه الوصول إلى بوابة القلمون الغربية. وبحسب المصدر، فإن الهجوم الذي شنه «داعش» سيؤثر في مجريات المعارك في محيط مدينة تدمر الأثرية، كما سيخفف الضغط عن التنظيم في القريتين، وهما المنطقتان التاليتان في خطة الجيش السوري، والذي كان يستعد لاسترجاعهما.
وفي شمال حلب، تستمر المعارك على ثلاثة اتجاهات بين مسلحي «الجبهة الشامية» و «لواء السلطان مراد» ضد مسلحي «داعش» في محيط مدينة إعزاز من جهة، وبين «جبهة النصرة» و «حركة أحرار الشام» ضد «الوحدات الكردية» قرب مدينة عفرين المحاصرة من جهة أخرى، وسط صراع بين القوى المتقاتلة لمد النفوذ في المنطقة الممتدة حتى الحدود التركية، والتي تمثل أبرز المعابر التي يتم عن طريقها إدخال الأسلحة من تركيا نحو الداخل السوري.
وقال مصدر معارض، مقيم في ريف حلب الشمالي إن «هذه المعارك تشكل معارك استنزاف بين جميع الفصائل وفق تكتلات مختلفة، ليبقى المستفيد الأكبر من هذه الاشتباكات جبهة النصرة وحركة أحرار الشام، حيث تمكنتا من الحفاظ على مواقعهما وعدم استنزاف قواتهما على محاور الاشتباك، وتوريط الفصائل الأخرى بمعارك مع الوحدات الكردية»، موضحاً أن «الفصيلين تمكنا من تمرير قرار يقضي بإنشاء محكمة شرعية يتحكمان بها، إضافة إلى فرض قوانين شبيهة بقوانين داعش تتعلق بزي المرأة ومنع الاختلاط وغيرهما، ما ينذر بإمارات سلفية جديدة في طور التشكل في مناطق النزاع الشمالية».
وفي السياق ذاته، تابع مسلحو «داعش» محاولاتهم الاقتراب نحو الحدود التركية في ريف الرقة الشمالي، حيث دارت معارك عنيفة في محيط قرية عين عيسى الإستراتيجية التي تسيطر عليها «الوحدات الكردية»، والتي تشكل بوابة الوصول إلى معبر تل أبيض الحدودي مع تركيا. وقال مصدر كردي، إن مسلحي التنظيم تسللوا إلى قرية المغيرة التابعة لعين عيسى، حيث وقعت اشتباكات عنيفة قبل أن ينسحب المهاجمون، موضحاً أن هجمات التنظيم تتكرر في الفترة الأخيرة بصورة كبيرة، ما يعني أنه ما زال يسعى لاستعادة ريف الرقة المحاذي لتركيا.
وفي مدينة حلب، تابعت الفصائل المتشددة، وعلى رأسها «جبهة النصرة» و «لواء أحرار سوريا»، استهداف مدنيي المدينة بعشرات القذائف المتفجرة والهاون، الأمر الذي تسبب بمقتل نحو 30 مدنياً، بينهم 10 أطفال، وإصابة نحو 130 خلال ثلاثة أيام فقط.
وطال التصعيد الأحياء السكنية المكتظة بالسكان في القسم الغربي من المدينة، حيث سقطت قذائف على مدارس ومرافق خدمية عديدة، وذلك بالتوازي مع استمرار القصف على حي الشيخ مقصود الذي تديره «الوحدات الكردية». ورأى مصدر عسكري في حلب أن التصعيد الأخير هدفه إشغال المدينة لأطول فترة ممكنة بهدف إيجاد ثغرة يمكن من خلالها للفصائل المتشددة التوغل داخل حلب، موضحا أن المسلحين شنوا هجمات عنيفة عديدة، وذلك بعد تفجير نفق مفخخ، على محور حي الخالدية شمال غرب المدينة، فتصدت لها القوات السورية وأفشلتها.
علاء حلبي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد