صواريخ "الثورة" تقتل أطفال السوريين في دمشق واللاذقية

06-02-2015

صواريخ "الثورة" تقتل أطفال السوريين في دمشق واللاذقية

رغم التوقعات بتجدّد الحملة الصاروخية على العاصمة السورية، بعد تهديدات قائد «جيش الإسلام» زهران علوش، أول من أمس، فقد باغت الموت صباح الدمشقيين. قصف كثيف من مسلحي الغوطة الشرقية أدى إلى استشهاد 11 مواطنين، بينهم أطفال.
تلقت دمشق صدمة الموت الآتي إلى أحيائها من مرابض صواريخ الغوطة الشرقية. وعلى الرغم من تهديدات علوش، عندما أعلن العاصمة بأكملها منطقة عسكرية تحت نيران قذائف مقاتليه، إلا أن حجم خسائر الدمشقيين البشرية بدا مفجعاً. 11 شهيداً، حسب مصادر طبية، سقطوا خلال استهداف معظم أحياء المدينة، بينهم الطفلان غزل الجبولي ووائل حبال، إضافة إلى عشرات الجرحى من المدنيين. صباح دمشق الدموي بدأ مع موعد بدء الدوام الرسمي في المدارس والمؤسسات الحكومية، بعدما تراءى لأهالي دمشق أن تهديدات علوش لن تتحقق بسبب حراجة موقعه العسكري في الغوطة المحاصرة، وفيما طالب معارضون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الدمشقيين بالتظاهر ضد قصف الجيش الغوطة الشرقية، فإن أهالي دمشق انهمكوا في إسعاف جرحاهم ودفن شهدائهم في كل من أحياء المزة والمهاجرين والمالكي والبرامكة والقصاع والمزرعة والعباسيين. كليتا التربية والاقتصاد نالتا حصتيهما من التخريب، أيضاً، بعدما سقطت قذيفتان أوقعتا جرحى بين الطلاب، ونشرتا الرعب. يصف يزن، طالب اقتصاد، الأمر، بقوله: «سقط الصاروخ على أحد المدرجات، فأصاب زميلاً لنا، نقلناه مباشرة إلى المستشفى. لنسمع لاحقاً أن كلية التربية تعرضت للقصف أيضاً. أمرٌ غير مستغرب، فمنذ البداية يغيظهم التزامنا الدوام الجامعي، ويستهدفون مراكز العلم والمدارس». كلام يزن يظهر جلياً بعد حالة الهلع التي انتشرت بين الطلاب، ما أدى إلى إلغاء الامتحانات الجامعية، وتأجيلها إلى وقت يحدد لاحقاً. طلاب المدارس بدورهم التزموا البقاء في الطوابق الأرضية بعد استهداف مدرسة صالح شاطر في ركن الدين، ومدرسة الأندلس الخاصة في البرامكة. آباء هرعوا إلى المدارس لإعادة أبنائهم إلى المنازل.
الجامع الأموي لم يسلم أيضاً من حملة «تحرير دمشق من النظام»، وانضم إلى قائمة الأهداف إثر سقوط ثلاث قذائف متتالية في محيطه، ضمن منطقة المسكية في الشام القديمة، ما أوقع 3 شهداء وعدداً من الجرحى. كذلك سقطت إحدى القذائف على كنيسة الزيتون في باب شرقي، لتضاف إلى قائمة «مراكز النظام العسكرية» التي استهدفها علوش. وتضاف إلى الأهداف الدموية جوامع عدة ومدارس في حي قبر عاتكة والسويقة وباب سريجة.
ومع تجاوز الساعة العاشرة من صباح أمس، أصبحت العاصمة المكتظة أشبه بمدينة أشباح. «جسر الرئيس» فرغ من ازدحامه المعتاد، ولم يسمع فيه سوى صوت فيروز يصدح في أكشاك البيع قرب مراكز انطلاق الحافلات. لا يأبه منصور، بائع التبغ الخمسيني في المنطقة، بكل الصواريخ التي تمطر دمشق، ويقول بلكنة شامية: «هالروح ما بياخدها إلا اللي حطها. واللي كاتبو الله بدو يصير». قليل رزق هذا اليوم. يعلم العم منصور ذلك، إلا أنه اعتاد الخروج إلى العمل، ولم يعتد الخوف والجلوس في المنزل. ويضيف: «هددونا كتير لنعمل إضراب سمّوه إضراب الكرامة. من وين بتجي الكرامة إذا ما اشتغلنا؟ بيجي زهران علوش بيطعمي ولادنا؟ هي عقوبة لأهالي الشام لأنهن ما استجابوا لطلبات المسلحين». ويضيف: «اللي ما حققوه بالأول ما رح يحققوه بالآخر. ما تعبنا ودفعنا بيوتنا وأرزاقنا وأماننا، مشان بالآخر نقول تفضلوا ادخلوها آمنين».
القذائف التي لم تفرق مدنياً عن عسكري أثارت سخطاً إضافياً في الشارع السوري ضد مسلحي الغوطة، إذ سأل خليل، وهو موظف حكومي، عن سبب الحملة الأخيرة على العاصمة، بقوله: «هل لديهم أسباب سوى القتل لأجل القتل؟ لا مانع لديهم من إسقاط دمشق، لهدف وحيد وهو إسقاط النظام. ولأن دمشق لن تسقط، فإن النظام باقٍ». أهالي الحلبوني وشارع الثورة شاركوا في مأساة دمشق، أسوة ببقية المناطق، ما أوقع جرحى إضافيين.
وكان علوش قد نشر على حسابه عبر تويتر، مراكز استهدفها مقاتلو «جيش الإسلام»، ذكر من بينها أفرع عدة للمخابرات السورية، إضافة إلى مقار رئاسة مجلس الوزراء السوري والخارجية وهيئة أركان الجيش السورية و«أهدافاً أُخرى».
الصورايخ العشوائية التي طاولت المدنيين فقط، أجبرت علوش في تغريدة أخرى زعم فيها أن الجيش السوري قصف «بقذائف هاون من فرع فلسطين، وإدارة أمن الدولة» الأحياء السكنية المكتظة، «وبالذات حي الميدان لتشويه صورة جيش الإسلام، والتغطية على النتائج التي مني بها النظام اليوم» . ثم أعلن علوش «حظر التجول في مدينة دمشق وذلك حتى أول قصف من قبل النظام على المدنيين في الغوطة المباركة».

مرح ماشي

... وحصّة اللاذقية ستة صواريخ
فيما كانت القذائف تنهال على مناطق متفرقة من دمشق في إطار تنفيذ قائد «جيش الإسلام» زهران علوش لتهديداته، أطلق المسلحون الذين يتمركزون في ريف اللاذقية الشمالي ستة صواريخ باتجاه المدينة، تسببت بإصابات بين المدنيين وأضرار مادية.
إذ بعد توقف لمدة أسبوع، سقط صاروخان صباح أمس في منطقة «دوار الأزهري» الآهلة بالبيوت والمقاهي، حيث سقط الأول في أرض مكشوفة، بينما سقط الثاني على سطح بناء من أربع طبقات، مسبباً فجوة في سقف الطبقة الأخيرة وأرضيتها، مخلّفاً إصابتين.

وعصراً، أطلق المسلحون أربعة صواريخ؛ سقط اثنان منها في البحر في منطقة الرمل الجنوبي، فيما سقط الصاروخان الآخران في أحياء سكنية، الأول في حي «علي الجمّال» مخلفاً إصابتين، والثاني في «حي قنينص» على بناء سكني مخترقاً طبقاته الثلاث، وليمنع خلل في الصاروخ انفجاره.
أهالي اللاذقية، الذين لم يتأقلموا بعد مع يوميات القذائف ورغم حالة القلق السائدة، حافظوا على تحركاتهم المعتادة.
«لسنا قادرين على أخذ حذرنا، لدينا عمل وواجبات»، يقول مجد العلي الذي كان جالساً في مقهى قريب من موقع سقوط الصاروخ. ويضيف: «الصواريخ التي يطلقها علينا المسلحون منذ حوالى سنة كانت غالباً ما تشترك بسمة واحدة وهي إطلاقها عصراً بعيداً عن أوقات الذروة، لكنها اليوم باتت تسقط في أي وقت، ولم يعد ينفع الحذر».

ريمه راعي

... والجيش يردّ: أكثر من 70 ضربة جوية واشتباكات
 يبدو أن زهران علوش، قائد «جيش الإسلام»، فشل مجدداً في إرساء «معادلة ردعية» مع الجيش السوري، رغم نجاحه في إيصال قذائفه وصواريخه إلى الاحياء المدنية في دمشق. قال الرجل إنه يريد قصف العاصمة لوقف غارات الجيش على الغوطة الشرقية. لكن النتائج أتت عكسية. فردّاً على قصف تنظيم «جيش الإسلام» العاصمة بعشرات القذائف الصاروخية، نفّذ الجيش السوري أمس أكثر من 70 غارة جوية على مناطق مختلفة من الغوطة.

وكانت غارات الجيش السوري عنيفة إلى حدّ أن مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية» وصَف يوم أمس باليوم الأسوأ على دوما منذ بداية الازمة في سوريا. فالغارات تركّزت على دوما التي تعد المصدر الأكبر للقذائف الصاروخية المتساقطة على العاصمة، يليها حي جوبر (شرقي دمشق)، إضافة إلى بلدات عربين وكفربطنا وسقبا وعين ترما.
وأوقعت الضربات نحو 60 قتيلاً وأكثر من 100 جريح. مصدر عسكري أكّد أن «الضربات استهدفت مواقع إطلاق الصواريخ على العاصمة، إضافة إلى خطوط إمداد تلك المواقع، ونقاطاً يشتبه في أنها مستودعات للصواريخ». وأضاف المصدر أن عملية الرد «حقّقت هدفها بنسبة ناجحة، كونها أدت إلى تدمير جزء من منصات الصواريخ ومواقعها»، فيما ذكرت تنسيقيات المعارضة و«المرصد السوري لحقوق الانسان» المعارض أنّ من بين القتلى مدنيين وأطفالاً. وفي موازاة ذلك، استمرت الاشتباكات في الأطراف الشمالية والجنوبية الشرقية من حي جوبر، وفي منطقة بساتين دوما الملاصقة لمخيّم الوافدين، ومزارع عالية المجاورة لدوما. وأدّت تلك المواجهات بمجملها إلى مقتل العديد من المسلّحين وجرح العشرات منهم. إلى ذلك، أفاد مصدر محلي في سقبا (الغوطة الشرقية) عن «نشوب مواجهات بين مقاتلي جبهة النصرة ومقاتلي فوج الصوارم الذي يعتبر أحد التنظيمات المحلية في منطقة سقبا، وقتل نتيجةً لتلك الاشتباكات عدد من المسلّحين من الطرفين». ولفت المصدر إلى أن «سبب تلك المواجهات عائد إلى معارضة مسلّحي فوج الصوارم أوامر زهران علوش بقصف دمشق، لأن ذلك يستجلب ردّ الجيش السوري على مسلّحي سقبا وبقية بلدات الغوطة الشرقية الأقل تحصيناً مقارنةً مع جيش الإسلام في منطقة دوما».
وفي درعا (جنوباً)، واصل الجيش قصف مواقع المسلّحين، فيما أكدت مصادر ميدانية نبأ مقتل 9 عناصر من «جبهة النصرة» في منطقة صيدا في ريف درعا، أحدهم سعودي الجنسية. وبالتوازي، تناقلت وسائل إعلام المعارضة إعلان «غرفة العمليات المشتركة للفصائل المقاتلة» «اعتبار المناطق التي يسيطر عليها النظام عسكرية»، بما يجعلها «هدفاً مشروعاً» لهجماتها المسلّحة، وذلك «ردّاً على القصف اليومي للنظام على المدن والبلدات المحررة في المحافظة».

 

ليث الخطيب:الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...