اليرموك: المدنيون رهائن والمسلحون لم يخرجوا وأنور رجا: الخطر على دمشق قد يكون من المخيّم
«هذه معركة فلسطين بامتياز.. علينا أن نقاتل حيث يجب أن نقاتل جنباً إلى جنب مع الجيش السوري.. وأضعف الإيمان تشكيل قوة فلسطينية تقاتل المسلحين في مخيم اليرموك وتطردهم كما في باقي المخيمات»، يقول عضو المكتب السياسي ومسؤول الإعلام المركزي في «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» أنور رجا.
ويحذّر رجا، «من الرهان على تسوية سياسية في مخيم اليرموك ومن التقاعس عن تشكيل قوة فلسطينية عسكرية في ظل سيطرة المسلحين على المخيم، ما قد يمهّد لهجوم واسع باتجاه بعض أحياء دمشق لمباغتة الجيش السوري كما حصل في معركة كسب، فيقال إن الجبهة الفلسطينية قد فتحت في سوريا».
يعبّر رجا عن قناعته بأن ما يدبّر في اليرموك هو خطوة باتجاه هجوم على العاصمة السورية، مشبّهاً تعاطي المسلحّين «السلمي» بالأسلوب الإسرائيلي، الذي يعمل على تمرير الوقت، مشيراً إلى أن «المسلحين يتمترسون ويتخندقون في المخيم فيما المبادرات السلمية، التي بدا للبعض أنهم قد تجاوبوا معها، هدفها تمرير لعبة ما ليفاجئونا بعمل عسكري ساخن من اليرموك باتجاه الزاهرة والميدان»، محذّراً من أن «الخطر مقبلٌ من اليرموك»، وداعياً «الحلفاء» إلى الإعداد لمعركة اليرموك.
يحمّل رجا مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في المخيم إلى تقاعس الفصائل عن أداء دور فعّال في إطار العمل العسكري وعدم وجود موقف فلسطيني موحّد وواضح وجاد من الأزمة السورية، مؤكداً أن «شعبنا في اليرموك يدفع ثمن الموقف الفلسطيني الباهت والمتباين»، مشيراً إلى أن «منظمة التحرير، التي تراهن على المفاوضات، تتكئ على الدعم السعودي والكلمة الأميركية وبالنسبة لها فأي موقف إيجابي من النظام في سوريا قد يعرقل المفاوضات».
ويشير رجا إلى أن قراءة «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» كانت، منذ بدء الأحداث في سوريا، بأن «هناك محاولة لفك العلاقة الطبيعية - التاريخية بين الفلسطينيين والسوريين وإلهاء سوريا عن دورها العربي المقاوم بأوضاع داخلية، ومع تطور الأحداث في اليرموك برزت محاولة دق إسفين للزج بالمخيمات وتوريط الفلسطينيين بالأزمة». ويؤكد أن «أحداث الخالصة أنبأت بوصول نار الأزمة إلى المخيم الفلسطيني حيث جرت لقاءات عدة مع الفصائل الفلسطينية الأخرى لاتخاذ إجراءات استباقية لمواجهة أي احتمال لدخول المسلحين إلى المخيم بعدما ظهرت هشاشة الأمن في المخيم من دون أن يتم الاتفاق على أية خطوة فعّالة». وينقل عن أحد المسؤولين في الفصائل الفلسطينية قوله في أحد الاجتماعات قبل دخول المسلحين في كانون الأول العام 2012، «سأحرق شاربي إذا دخلت المعارضة المخيم».
يشير رجا إلى صعوبة الموقف حيث بقيت القوى الفلسطينية متفرّجة، «كان ظهرنا مكشوفاً. كنا وحدنا في الميدان. وكان من الصعب الوقوف في وجه الاجتياح لتتار العصر»، مشدداً على أنه «لو كان هناك موقف فلسطيني واضح ومعلن أن من يدخل المخيم هو قاتل وإرهابي لما كان تم اختراق المخيم»، مؤكداً أن «ما يجري يحمل بعداً سياسياً لتهميش قضية اللاجئين وتهجيرهم تهشيماً لثقافة العودة مع الإيحاء بأن ما يجري في المخيم يقع على مسؤولية الدولة السورية».
ويفيد رجا عن تشكيل لجان فلسطينية رديفة لـ«الجيش السوري الحر» في المخيم هي: «لواء العهدة العمرية»، «لواء زهرة المدائن»، «أحرار فلسطين»، «فلسطين الموحد»، «الجبهة الشعبية - القيادة الحرة»، مشيراً إلى أن الألوية المتبقية هي «أكناف بيت المقدس»، يقال إنها مقربة من «حماس»، «العهدة العمرية»، «كتيبة العقيد أحمد الحسن».
ويضيف: «ثبت بالتجربة، وخاصة بعد إدخال المساعدات، أن المبادرات السياسية مضيعة للوقت»، مشيراً إلى أن الزيارات الرسمية الفلسطينية الخمس لم تأت بنتائج مثمرة. ويؤكد أن ما جرى في الآونة الأخيرة ليس خروجاً للمسلحين بل إخفاء للمظاهر المسلّحة، مشيراً إلى أنه في إطار إدخال المساعدات إلى المخيم «خرج 250 مسلحاً فلسطينياً لتسوية أوضاعهم».
يتّفق أمين سر حركة «فتح الانتفاضة» أبو حازم مع مواقف رجا، فمواقف «الجبهة الشعبية» و«فتح الانتفاضة» تماهت وهما كانا الفصيلين الوحيدين الداعيين إلى تشكيل قوة عسكرية في وجه المسلحين فيما دعت الفصائل الأخرى إلى تحييد المخيم.
يرى أبو حازم أنه «في إطار المؤامرة على سوريا كان لا بد من ضرب المخيم وزج الفلسطينيين في الصراع. فالتكفيريون بدأوا بالتحرش بالفلسطينيين بعد الهجوم على مخيم درعا؛ ثم الهجوم على مقر الخالصة»، مؤكداً أن «عدد المسلحين من الفلسطينيين لا يتخطى الـ500 مسلّح».
ويؤكد أبو حازم، استعداد حركته «للقتال دفاعاً عن شعبنا وحتى القتال دفاعاً عن سوريا، فنحن لا نميّز بين سوريا وفلسطين، وضرب سوريا هو ضربٌ للقضية الفلسطينية ولهذا هاجموا مواقعنا في الغوطة واعتدوا على بعض الشباب في فتح الانتفاضة».
ويرى أن «طرح تحييد المخيم تأخّر كثيراً لأن التحييد خطوة استباقية، أما اليوم فمع انتشار المسلحين في المخيم فحتى شروط الحل العسكري غير متوافرة»، مشيراً إلى أن الفصائل الداعية إلى تحييد اليرموك «تذرّعت بأن السلاح لا يفيد ويدمّر المخيم».
ويؤكد أن المبادرات «لم تستطع التوصّل إلى أي حل إلا أن المكسب الوحيد يكمن في إدخال بعض المواد التموينية»، مشدداً على أن «المدنيين في المخيم هم أشبه برهائن عند المسلحين».
ويقول إن «الصمود السوري فرض على القيادة الفلسطينية في رام الله تعديل مواقفها وفرض على حركة حماس، التي خسرت كثيراً، إعادة قراءة»، مشيراً إلى وجود «اتصالات من حركة حماس لإعادة بلورة مواقفهم من الأزمة السورية والاتجاه بانتهاج مواقف أكثر وسطية».
على صعيد متصل، يشدد مصدر فلسطيني في المخيم على أن اليرموك مرتبطٌ ومتداخلٌ مع محيطه الجغرافي مع يلدا والحجر الأسود الواقعتين تحت سيطرة المسلحين، مشيراً إلى أن «الجبهة الشعبية - القيادة العامة وفتح الانتفاضة أخذت على عاتقها حماية المخيم»، معتبراً أن «اللحظة المفصلية كانت خيانة أحد القادة في فتح الانتفاضة حين قبض ملايين الليرات السورية، بين 5 و7 ملايين ليرة، من جبهة النصرة التي أعدمته على الفور».
يروي، أنه «في البداية كان المسلحون يتسللون أثناء قصفهم للمخيم والمناوشات التي تليه ويتغلغلون في الشقق التي نزح أهلها مع بدء الأحداث وامتدادها إلى المخيم»، مشيراً إلى أن «المسلحين يعتمدون منذ دخولهم إلى المخيم على المواد الموجودة (الذخيرة والطعام) في مستودعات الخالصة، التي تكفيهم لسنوات».
ويؤكد المصدر أن المسلحين لم يخرجوا من المخيم بل إنه بعد مقتل قائد لواء «أسود التوحيد» أبو النور الدريب تضعضعت مجموعته التي تضم آلاف المسلحين، وقد كانت الفصيل الأقوى، مشيراً إلى أنه «قبل العملية النوعية بقتل الدريب حصلت اشتباكات للوصول واستباحة مقر الريجي، حيث امتدت العملية الــتي شارك فيها 5 آلاف مسلّح من الحجر الأسود إلى بيت سحم».
وحول إمكانية التوصل إلى حل أو تسوية أو حتى مصالحة، يقول المصدر «كيف يمكن التصالح مع قتلة وسارقين يحفرون الأنفاق ويقتلون ويجوّعون. ولكن في حال العمل على حل من سيمون على هؤلاء؟ الجربا؟ (رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض)؟»، يقول بحزم «ما من قانون أو شرع أو شريعة يقبل بما يجري أن يتحكّم المسلحون بحياة المدنيين».
يقول أحد سكان المخيم، الذين غادروه منذ أسابيع قليلة، «طلعت روح الناس. تخيّلي أنك انتظرت كأس ماء وحين أمسكت به انكسر».
كارمن جوخدار
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد