أوكرانيا: اتفاق يمهد لإنهاء الأزمة والمعارضة تنقسم حول الإتفاق
بعد ثلاثة أيام من أعمال عنف خلّفت عشرات القتلى، وحوّلت وسط العاصمة كييف إلى ما يشبه ساحة حرب، وقّع الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش ومسؤولو المعارضة بحضور وسطاء أوروبيين أمس، اتفاقاً يمهد لإخراج أوكرانيا من أزمة كادت أن تودي إلى نتائج لن تحمد عقباها.
وجرى التوقيع على الاتفاق في القاعة الزرقاء في القصر الرئاسي بحضور المبعوثين الأوروبيين الثلاثة، وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، ونظيره الفرنسي لوران فابيوس، والبولندي رودوسلاف سيكورسكي. وقد وقع عليه يانوكوفيتش وثلاثة من كبار قياديي المعارضة من بينهم النائب فيتالي كليتشكو، في وقت تعمد فيه ممثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عدم حضور مراسم التوقيع، ورُفع اسمه عن الطاولة التي تجمّع حولها القادة.
الاتفاق ينص على تقديم تنازلات كبيرة للمعارضة، من بينها انتخابات رئاسية مبكرة وتشكيل حكومة ائتلافية وإجراء تعديلات دستورية.
ويلبي الاتفاق المطالب التي حددتها المعارضة السياسية في بداية الاحتجاجات وهي إعادة صلاحيات سياسية إلى البرلمان كما كان الوضع قبل تولي يانوكوفيتش الرئاسة في العام 2010، بالإضافة إلى تشكيل حكومة مع المعارضة تتمتع بسلطة إلغاء القرار الذي اتخذه الرئيس الأوكراني في تشرين الثاني الماضي للتخلي عن الاتفاق التاريخي الذي كان يضع أوكرانيا على طريق الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي.
وعقب التوقيع مباشرة، صوّت البرلمان الأوكراني لمصلحة العودة إلى العمل بدستور العام 2004، الذي يحد من سلطات الرئيس ويمنح البرلمان الحق في تعيين وزراء رئيسيين في الحكومة، بغالبية 386 صوتاً من أصل 450.
وصوّت البرلمان أيضاً، على قانون يلغي مادة في قانون العقوبات، ما يفتح الباب نظرياً أمام إطلاق سراح رئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة المعارضة يوليا تيموشنكو، والتي كان قد حُكم عليها في العام 2011 بالسجن سبع سنوات بعد إدانتها بسوء استخدام السلطة.
رأي معارضة الشارع كان مغايراً، حيث رفض معتصمو "الميدان" في ساحة الاستقلال في كييف، هذا الاتفاق، معتبرين أن الأوان قد فات بعد كل الدم الذي سال.
واعتبر المعتصمون أن أول بند من الاتفاق يجب أن يكون رحيل يانوكوفيتش فوراً، و"أن يمثل أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لارتكابه جرائم إنسانية"، بحسب أحد المتظاهرين.
وأمس أيضاً، اتهمت وزارة الداخلية الأوكرانية متظاهرين بفتح النار على عناصر من الشرطة أثناء محاولتهم خرق الطوق الأمني في طريقهم إلى البرلمان.
وأعلنت الوزارة في بيان أن "إطلاق النار متواصل"، متهمة المتظاهرين "بانتهاك الهدنة". وأضاف البيان أن "مثيري الشغب فتحوا النار على عناصر في الشرطة وحاولوا خرق الطوق في طريقهم" إلى البرلمان.
وفي السياق، أعلن مساعد رئيس هيئة أركان الجيش الأوكراني يوري دومانسكي استقالته أمس، احتجاجاً على محاولات إقحام الجيش في النزاع، قائلاً "اليوم نقحم الجيش في نزاع أهلي، هذا يمكن أن يؤدي إلى سقوط قتلى بأعداد كبرى".
روسيا رحبت بالاتفاق بحذر، إذ اعتبر ألكسي بوشكوف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما الروسي أن "الاتفاق سيكون إيجابياً إذا أنهى العنف". وأضاف "لكنني لا أعتقد أنه سيحل أياً من المشاكل الرئيسية التي تواجهها أوكرانيا مثل الاقتصاد والعلاقات العرقية وسبل الحكم. المعارضة متباينة وستبدأ المعارضة الآن الشجار مع بعضها البعض".
من جهته، رحب البيت الأبيض بالاتفاق أمس، معرباً عن أمله أن يُطبّق فوراً. وأعلن المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني "ترحيب الولايات المتحدة بالاتفاق الموقع بين الرئيس الأوكراني (فيكتور) يانوكوفيتش وقادة المعارضة".
واعتبر كارني أن هذا الاتفاق الرامي إلى إنهاء أعمال العنف "ينسجم مع ما كنا نطالب به، أي وقف تصعيد العنف، وإجراء تغييرات دستورية وتشكيل حكومة ائتلافية وإقامة انتخابات مبكرة".
وأضاف "ندعم جهود جميع الذين فاوضوا على هذا الاتفاق ونشيد بشجاعة قادة المعارضة الذين أقروا بضرورة القيام بتنازلات"، مشيراً إلى أن واشنطن ستراقب "عن كثب" تطبيق الاتفاق.
وأوضح المتحدث الأميركي أنه "في هذا الشأن، ندعو إلى تطبيق فوري للتدابير الأولى التي ينص عليها الاتفاق"، مشدداً على "وجوب محاسبة المسؤولين عن أعمال العنف والضحايا منذ اندلاع الأزمة. نحن لا نزال مستعدين لفرض عقوبات إضافية إذا لزم الأمر".
وفي ما يتعلق بعدم توقيع الروس على الاتفاق، قال كارني إنه ليس من مصلحة روسيا تفاقم أعمال العنف في أوكرانيا، رافضاً فكرة أن ما يحدث في أوكرانيا يمثل "شداً وجذباً" بين واشنطن وروسيا على غرار ما كان يحدث إبان الحرب الباردة.
من جهتها، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إن مستقبل أوكرانيا ينطوي على تحديات كبيرة ويتوقف على كيفية تطبيق الاتفاق.
وأضافت، في حديث إلى الصحافيين في لندن، أن "التنفيذ سيكون أمراً مهماً وينطوي على تحديات كبيرة"، لافتة إلى أنها تحدثت مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، واتفقا على ضرورة توقف العنف في أوكرانيا.
ورداً على سؤال بخصوص ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيرفع العقوبات في ضوء الاتفاق، قالت آشتون إن هذا سيتوقف على المعلومات التي يقدمها وزراء خارجية الاتحاد الموجودون في أوكرانيا، و"سنتخذ القرارات في ضوء المعلومات التي سيبلغوننا بها".
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد