صواريخ الغاز لم تبع لسوريا

22-09-2013

صواريخ الغاز لم تبع لسوريا

الجمل ـ روبرت فيسك ـ ترجمة فريق (الحقيقة السورية):

في الوقت الذي أنكر فيه نظام الأسد في دمشق مسؤوليته عن صواريخ غاز السارين التي قتلت حوالي ١٤٠٠ سوري في الغوطة بتاريخ ٢١ آب الماضي، تتناقل الأخبار حالياً معلومات حول “الإثبات” الروسي الجديد حول هذا الهجوم، حيث يقال أنه يتضمن تاريخ تصدير عدد من الصواريخ التي تم استخدامها، وعلى وجه التحديد، الدول التي بيعت إليها هذه الصواريخ في الأصل.

يبدو أن هذه الصواريخ قد تم تصنيعها عام ١٩٦٧ في الاتحاد السوفييتي، وباعتها موسكو إلى ثلاث دول عربية، هي اليمن ومصر وليبيا معمر القذافي. لا يمكن التأكد من هذه المعلومات من خلال الوثائق، كما لم يكشف فلاديمير بوتين عن الأسباب التي دعته لإبلاغ باراك أوباما بأنه يعلم علم اليقين أن جيش الأسد لم يطلق هذه الصواريخ. ولكن، في حال كانت المعلومات صحيحة، فإن موسكو لم تبع هذه الصواريخ الكيميائية لسوريا.
وقع عدد كبير من أسلحة ليبيا سوفييتية الصنع منذ سقوط القذافي في عام ٢٠١١ في أيدي مجموعات متمردة ومقاتلين مرتبطين بتنظيم القاعدة. وقد عثر على عدد كبير من هذه الأسلحة لاحقاً في مالي، والجزائر وسيناء. ذكر السوريون منذ فترة طويلة أن كمية كبيرى من الأسلحة السوفييتية قد وصلت من ليبيا وأصبحت في يد المقاتلين في الحرب الأهلية التي تعيشها البلاد، وكان ذلك بفضل مساعدة قطر، الدولة التي ساعدت الثوار الليبيين على الإطاحة بالقذافي وتمول اليوم تسليح المتمردين السوريين.
ليس هناك من شك في أن سوريا تمتلك كمية كبيرة من الأسلحة الكيميائية. كما أنه ليس هناك من شك في هذه الأسلحة تتضمن صواريخ غاز السارين. ولكن، إن كان الروس قد تمكنوا فعلياً من تحديد علامات الصواريخ الخاصة من الشظايا التي وجدت في الغوطة، وإن كانت هذه الصواريخ تحديداً لم يتم بيعها رسمياً إلى النظام السوري، فإن نظام الأسد لن يتوانى في نشر هذه المعلومة واستثمارها على أفضل نحو.
وفي عالم تسود فيه البروباغاندا أكثر من الحقيقة نفسها، يعتبر اكتشاف أصل المواد الكيميائية التي أدت إلى اختناق هذا العدد الكبير من السوريين قبل شهر تحقيقاً محفوفاً بالمخاطر الصحافية.

 يوجه نظام الأسد الاتهامات إلى الصحافيين الذين يرسلون معلوماتهم من المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المتمردة بالتواطؤ مع الإرهابيين، بينما يواجه الصحافيون الذين ينقلون الأحداث من جبهات سورية موالية للحكومة اتهامات بترديد ما يقوله الإعلام الحكومي. وحتى إن كان نظام الأسد فعلياً غير مسؤول عن الهجوم الكيميائي في شهر آب، فإن قواته قد ارتكبت دون شك جرائم حرب عديدة عبر العامين الماضيين. تعذيب ومجازر وقصف أهداف مدنية تم إثباتها منذ زمن طويل.
ولكن، وعلى الرغم من كل ما سبق، يجب أن نذكر أن هناك شكوك عميقة تعبر عنها الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية ، حيث لا إثبات فعلي على استخدام نظام الأسد لغاز السارين. لا يمكن تحديد الموظفين الدوليين على وجه الدقة، ولكن عدداً منهم كان موجوداً في دمشق في ٢١ آب، وقد طرح أولئك أسئلة لم يجب عليها أحد حتى الآن. على سبيل المثال: ما الذي دفع سوريا إلى انتظار وصول محققي الأمم المتحدة إلى دمشق في ١٨ آب قبل استخدام غاز السارين على بعد أربعة أميال فقط من الفندق الذي نزل فيه المحققون؟ لا بد أن نظام الأسد كان يعلم بالطبع أنه في حال قيامة بمثل هذا الفعل، فإنه سيتعرض على الفور لتدخل خارجي من قبل الدول الغربية.
يبدو أن سوريا الآن ستفقد كافة دفاعاتها الكيميائية الإستراتيجية التي تم التخطيط لها لمواجهة إسرائيل وسلاحها النووي، جراء استخدامها لسبعة صواريخ فقط يبلغ عمرها أكثر من نصف قرن، في ضرب بلدة يسكنها ١٤٠٠ شخص، ٣٠٠ منهم فقط مقاتلون. ولكن، وكما ذكرت إحدى المنظمات غير الحكومية الغربية “إن كان الأسد فعلياً يرغب في استخدام غاز السارين، لم انتظر لعامين، ثم استخدمه في وجود محققي الأمم المتحدة؟”
روسيا بالطبع أنكرت مسؤولية الأسد عن هذا الهجوم. وقد كررت موسكو اتهامها للمتمردين السوريين باستخدام هذه الأسلحة. قدمت روسيا للأمم المتحدة تقريراً من ١٠٠ صفحة يحتوي على “إثباتات” تعزز اتهامها المذكور. ولكن هذه الإثباتات، لم يتم الإعلان عنها.
قال شاهد رافق قوات الفرقة الرابعة السورية في ٢١ آب، وهو ضابط سابق في القوات الخاصة يعتبر مصدراً موثوقاً، أنه لم ير أي دليل على إطلاق قنابل السارين في ضاحية المعضمية التي تواجد فيها. ولكنه ذكر الشكوك التي عبر عنها الجنود عند رؤيتهم لأولى الصور التي انتشرت عبر اليوتيوب وظهر فيها مواطنون مختنقون. كانت لديهم مخاوف فعلية من اضطرارهم للقتال بين غيوم من المواد الكيميائية السامة.

أما أحد الصحافيين السوريين فقد قال “إن إنكارنا لتورط الحكومة في هذا الأمر يتخطى حدود نظريات المؤامرة، ولكننا واثقون من أن المتمردين يمتلكون السارين. إنهم بحاجة قوات أجنبية تعلمهم كيفية استخدام هذه الأسلحة. ولكن، هل هناك “قوة ثالثة” لا نعرف عنها شيئاً حتى الآن؟ إن كان الغرب بحاجة لذريعة للتدخل في سوريا، فقد كانت هذه فرصتهم، هجوم كيميائي في المكان والزمان المناسبين، وأمام عيون محققي الأمم المتحدة”.


رابط المقال : http://www.independent.co.uk/voices/comment/gas-missiles-were-not-sold-to-syria-8831792.html

تُرجم عن ذا إندبندنت، ٢٢ أيلول ٢٠١٣

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...