تقاوم بعض المهن عوامل اندثارها بصعوبة ويضطر أصحابها أحيانا إلى وضع أدوات الكار الأصلية جانبا ليجاروا عصر السرعة مكتفين ببيع المنتج المصنع في المعامل أو حتى المستورد من خارج البلد والمهم في النهاية إرضاء زبائن بات يعنيهم غالبا الشكل العصري للسلعة وسهولة التعامل معها إضافة إلى رخص ثمنها قياسا بالمنتج التراثي والمشغول يدويا في الغالب.
على سطح مستشفى دوما في ريف دمشق ممرٌّ قصير يؤدي إلى غرفتين من البيتون، تتبعان هيكلياً وإدارياً إلى ما يسمى منظومة الإسعاف السريع. إحدى الغرفتين خُصِّصت للممرضين، أما الأخرى فهي للسائقين. وما إن تمعن النظر قليلاً فيما تحويه الغرفتان، فلن يصعب عليك بعدها تذكّر ما رأيت؛ بدءاً من الجدران المتصدعة، إلى السقف الذي تدلّت منه المروحة المعطلة، ومن ثم الأسرّة المهترئة وبراد الماء المتوضع على الطاولة بجانب الغرفة، وصولاً إلى الحمام الذي بدا مهملاً على أقلّ تقدير.
كلُّ ما سبق ليس بداية أو تمهيداً لقصة من قصص تشيخوف.