ما هي مؤشرات الحرب الباردة الجديدة وخصائصها
الجمل: يتحدث عدد كبير من المحللين عن الحرب الباردة الجديدة، باعتبارها متماثلة مع الحرب الباردة التي كانت في الماضي بين المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي، وانتهت بانتصار المعسكر الغربي بعد تفكك الاتحاد السوفييتي وانهيار المعسكر الشرقي.
يقول جوزيف ستروبي بأن النظرة الفاحصة والدقيقة للبنيان الدولي القائم حالياً تؤكد وجود حرب باردة، ولكنها تختلف نوعياً عن الحرب الباردة الماضية، ومن أبرز المؤشرات الدالة على ذلك نجد الآتي:
- التوافق القائم حالياً بين القوى الرئيسة في العالم مثل روسيا، والصين، ليس توافقاً دقيقاً قاطعاً.
- إن أمريكا لن تواجه نفس مصير الاتحاد السوفييتي السابق، أي لن تتفكك أمريكا إلى دول، إذا فقدت هيمنتها وانهزمت في هذه الحرب الباردة.
- إن هناك الكثير من المصالح المتقاطعة بين أطراف الحرب الباردة الحالية، ومن الممكن أن تتغير التحالفات بين هذه الأطراف وفقاً لتغير توازنات المصالح.
- إن افتقاد أمريكا لمكانتها القائدة في العالم، سوف يبدأ حصراً عن طريق إضعافها اقتصادياً، وذلك على النحو الذي يؤدي لاحقاً إلى تخلفها تكنولوجياً وعسكرياً.
- انهيار الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي ترتبت عليه عملية إضعاف القوة العسكرية للكثير من دول العالم الأخرى المتحالفة مع هذا المعسكر، ولكن في حالة أمريكا، فإن ضعفها سوف يؤثر اقتصادياً على حلفائها أكثر منه عسكرياً، فالكثير من الدول التي تحصل على المعونات الاقتصادية الأمريكية، سوف تواجه مشكلة، خاصة ا لدول التي تعتمد على المعونات الغذائية مثل القمح الأمريكي كمصدر لحماية أمنها الغذائي كما في حالة مصر، وفقط الدول الوحيدة التي سوف تتضرر عسكرياً واقتصادياً في آن معاً هي إسرائيل.
- إن انهيار القوة وتفوق أمريكا سوف يؤدي إلى حل الكثير من المشكلات العالقة في النظام الدولي المعاصر وبالذات مشكلة الشرق الأوسط.
وأخيراً يقول الكاتب جوزيف ستروبي، بأن الحرب الباردة الجديدة، والجارية حالياً تتميز بالخصائص الآتية:
• محدودية النطاق، وذلك لأنها فقط تتم بين الأطراف الكبرى العالمية مثل امريكا، الصين، روسيا.
• عدم الاستقطاب: وذلك لأن الأغلبية العظمى من دول العالم أصبحت أكثر تحرراً في علاقاتها وارتباطاتها مع أطراف الحرب الباردة، أي لكل دول العالم تقريباً علاقات مع هذا الثلاثي، ولا توجد تحالفات تقوم على حدة الاستقطاب الأيديولوجي.
• تزايد حركية المناورة: وتتمثل في أن كل من أطراف الحرب الباردة يتمتع بالمزيد من حرية الحركة في البنية العالمية، بشكل أصبحت فيه المصالح متداخلة حتى بين أطراف الحرب الباردة الجديدة الثالثة، فالمصالح الصينية في أمريكا، سوف تتضرر كثيراً إذا أصاب الضعف الاقتصاد الأمريكي.
وعموماً يمكن القول: إن توجهات الرأي العام الأمريكي المعادية للحرب والتدخل الخارجي، سوف تؤدي بشكل أساسي الى تحديد مكانة أمريكا في النظام الدولي، بحيث إذا ركزت السياسة الخارجية الأمريكية على توجهات العولمة الاقتصادية والانفتاح السياسي الليبرالي فإنها سوف تحصل على المزيد من المزايا التي تعزز مكانتها الاقتصادية والسياسية كقوة دولية، أما إذا استمرت توجهات السياسة الخارجية الأمريكية التدخلية في بقية أنحاء العالم بالقوة فإن مقاومة الآخرين لأمريكا سوف تؤدي إلى استنزاف قدراتها الاقتصادية، بما يضعف قدراتها التكنولوجية والعسكرية، وبالتالي يكون نصيبها الانعزال والتدهور.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد