الأوربيون يستمرون في حظر تسليح السوريين ولافروف وكيري يمهدان لجمع أطراف الحوار
صرح سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي أمس الاثنين بأن موسكو وواشنطن مقتنعتان بضرورة استغلال الفرصة التي قد تتيحها مفاوضات الحكومة والمعارضة السوريتين.
وقال لافروف: "لقد تحدثت مع جون كيري وزير الخارجية الأمريكي عن سورية. تحدثنا قبل كل شيءعن بوادر الأمل التي ظهرت على أن تتفق كل من الحكومة والمعارضة السورية بجدية، حتى مع إحاطة ذلك بشروط معينة، على ضرورة الحوار".
واوضح الوزير: "لقد ناقشنا كيف يمكننا المساعدة على ألا تقف الشروط المسبقة كحجر عثرة على طريق مثل هذا الحوار". وأضاف أن "موسكو وواشنطن على قناعة، كما بدا خلال الحديث، بضرورة استغلال هذه الفرصة بالكامل، وبأن يفعل الجانبان كل شيء من أجل أن يتم الاتصال وتسوية القضايا الثانوية، من وجهة نظري، من قبيل من هو المفاوض المقبول وأين يجب أن يجري الحوار، لأن المهم في اعتقادي أن يجلس الطرفان إلى طاولة حوار واحدة وأن يحاولا استغلال هذه الفرصة".
وتابع: "لأنه ما لم يجربوا الحوار، فإنه لن يكون باستطاعتنا معرفة مدى واقعية استغلال هذه الفرصة وجعلها أساسا للتحرك إلى الأمام مستقبلا".
وأشار لافروف كذلك إلى أنه اتفق وكيري على اللقاء قريبا قائلا "اتفقنا في أثناء المكالمة الهاتفية قبل يوم على أننا سنحاول اللقاء قريبا في مكان ما".
وعلى صعيد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي فإن خلافات الأوروبيين لم تنحل حول رفع حظر الأسلحة، لذلك لجأوا مرة أخرى إلى تمديد العقوبات على سوريا لثلاثة أشهر فقط.
المدافعون عن رفع الحظر حاججوا بأنهم يريدون إمداد «الائتلاف الوطني» المعارض بوسيلة أساسية لكسب النفوذ. معارضو ذلك يخشون تصعيد الصراع ومراكمة التسليح. وظهرت رغبة الطرفين في تسوية التمديد المؤقت، مع فتح المجال لتعديلات تزيد دعم المعارضة بكل الوسائل «غير الفتاكة». الخشية تقدمت خطوة، وكذلك جهود المنادين بتسليح «الائتلاف» بالنفوذ.
الحل السياسي عبر دعم مبادرة رئيس «الائتلاف» أحمد معاذ الخطيب للحوار مع ممثلي النظام، ودعوة الأخير إلى عدم تفويت الفرصة، لكن مع التكرار «مستقبل من دون (الرئيس السوري بشار) الأسد».
بريطانيا أرادت رفع حظر الأسلحة، ولو جزئيا، ليمكن إمداد المعارضة بها. عند وصوله إلى الاجتماع، وقال وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ، في ضوء تحذيره قبل أيام من تزايد نفوذ «الجهاديين» في سوريا، إن كان يعتبر تزويد القسم «غير الجهادي» من المعارضة «بمعدات عسكرية» سبيلا لتقليص ذلك النفوذ، فقال «بالتأكيد أعتقد أن دعمنا يجب أن يكون للائتلاف الوطني، ونحن قد اعترفنا بالائتلاف باعتبارهم الممثلين الشرعيين للشعب السوري، فلذلك من المهم أن نقدم لهم كل الدعم الذي نستطيع تقديمه»، موضحا أن الدعم له عدة اتجاهات «نعطيهم دعما سياسيا وديبلوماسيا قويا، وإضافة إلى ذلك نقدم لهم مساعدة في ما يتعلق بالمعدات في الوقت الحالي، لمساعدتهم على محاولة إنقاذ حياة الناس».
هيغ يرى أن بالإمكان توسيع نطاق المساعدة بالمعدات العسكرية، وإن كان يتجنب ذكرها بالاسم. ويضيف «أعتقد أن هناك مجموعة واسعة النطاق أكثر من المعدات التي يمكننا أن نقدمها لهم»، مستدركا أنه «من المهم جدا أن أي دعم من هذا القبيل لا يذهب إلى الجماعات المتطرفة في سوريا. وأحد الأسباب لدعم الائتلاف هو لتجنب حدوث ذلك».
بريطانيا التي تقود جهود رفع حظر الأسلحة، وتساندها فرنسا وايطاليا، تتبنى لذلك فرضية أساسية: لا يمكن تقوية وضع «الائتلاف الوطني» المعارض، وأن يستمر التعويل عليه فعلا، كلاعب أساسي وفاعل في مواجهة النظام السوري، من دون تمتعه بنفوذ حقيقي على المعارضة المسلحة. ما الذي يمكن أن يقدمه «الائتلاف» للحصول على هذا النفوذ؟ بالطبع ليس وجبات الطعام ومعدات طبية، على أهميتها. بالنسبة لطالبي رفع الحظر، وبعبارة واحدة، إنه ضروري كي «يتسلح» ائتلاف المعارضة، بالنفوذ.
وفي القرار الخاص حول الحظر، في البيان الختامي للاجتماع، قال وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي إنهم اتفقوا على «تجديد» العقوبات على سوريا لثلاثة أشهر، وأيضا على «تعديلها بحيث يتم توفير دعم أكبر بوسائل غير فتاكة ومساعدة تقنية لحماية المدنيين». ولفت الأوروبيون إلى أنهم سيعودون عند الحاجة إلى تقييم نظام العقوبات «من أجل دعم المعارضة ومساعدتها».
إنها المرة الثانية على التوالي التي يمدد فيها الأوروبيون العقوبات لثلاثة أشهر، رغم أن المعتاد أن يكون التجديد لسنة كاملة. التمديد المؤقت الأول كان محاولة لإيجاد تسوية حول المواقف المختلفة من رفع حظر السلاح، والتمديد الحالي يقول إن التسوية التي تمت أمس غير نهائية، ولم ترض الطرفين، وخصوصا داعمي الرفع. سيكون هناك عودة قريبة إلى جولة أخرى من نقاش الحظر. فوزير خارجية بريطانيا قال بعد الاجتماع إن ما تحقق هو خطوة أولى، وإن كان أقل مما تريده بلاده.
أشياء كثيرة ممكنة تحت بند المعدات غير الفتاكة، والوسائل التقنية. مصدر أوروبي تابع النقاشات قال إنه «لن تصدر قوائم محدِدة» بمقاصد الدعم هذه، و«سيترك لكل بلد ترجمة ذلك حسبما يريد». هذه الصيغة ناتجة من التسوية. معدات الحماية العسكرية على أشكالها (الخوذ والستر الواقية)، والمعدات التقنية القتالية كالمناظير الليلية، ومعدات الاتصالات، كلها ممكنة التقديم لمن يشاء من الدول الأوروبية، كما أن تقديم مساعدة على تدريب المقاتلين المعارضين تبقى غير فتاكة بحسب المصدر.
لكن عدم وصول «المعدات العسكرية» لمتطرفي المعارضة المسلحة هي مشكلة غير محلولة. وقال وزير خارجية بلجيكا ديديـه رينـدرز إن «إمكانيــة أن نحصل على تأكيد محدد حول استخدام الأسلحة يمثل المشكلة»، مضيفا «كيف نتأكد من إمكانية إرسال الأسلحة إلى المسلحين العاديين وليس إلى الجهاديين أو غيرهم». وأوضح أنه قبل كل شيء يجب مناقشة إمكانية «تنظيم الرقابة» على عملية التسليح.
معارضو رفع حظر الأسلحة يرون أن هناك مفاتيح «حنفيات» أخرى، يمكن وضعها بيد «ائتلاف» المعارضة لضمان نفوذه. مصدر أوروبي تابع نقاشات الوزراء قال إن «دولا أخرى ترى إمكانية لدعم الائتلاف عبر التعامل معه لتقديم المساعدات الإنسانية»، بمعنى أن يكون «القناة» التي ستمر عبرها. وأكد أن هذا الخيار صار في حكم المطبق، موضحا أن «بعض الدول بدأت بالفعل تنسق تقديم الدعم عبر الائتلاف».
في بيان الختام، كرر الأوروبيون التأكيد على التعاون مع «الائتلاف» المعارض، وخصوصا في مجالات دعم بناء الهياكل المدنية والمجتمع المحلي.
الخلافات كانت أكبر من إمكانية تسويتها برفع واضح لحظر الأسلحة. دول وازنة اعتبرت فكرة رفع الحظر «غير حكيمة»، كما قال وزير خارجية ألمانيا غيدو فسترفيله. برأيه أن من شأن هذا «مراكمة السلاح في سوريا، ما سيسبب تصعيدا مستقبليا للعنف وضحايا أكثر».
في السياق نفسه الرافض لرفع الحظر، اعتبر وزير خارجية السويد كارل بيلدت أن «الطريقة الوحيدة لتجنب كارثة حقيقية لكامل المنطقة» يتمثل في ممارسة الأوروبيين «أقصى الجهد» لدعم الخطيب والمبعوث العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي و«لتحريك نوع من العملية السياسية».
وسط كل هذا الجدل، رفض وزير خارجية لوكسمبورغ جون اسلبورن، ردا على سؤال حجج المطالبين برفع الحظر. وقال بلهجة ساخرة «أعتقد أنه في سوريا ليس هناك نقص في التسليح».
مقابل ذلك، حظي تأكيد جهود الحل السياسي على اهتمام الأوروبيين. ففي بيانهم الختامي، أشاد الوزراء بالمبادرة التي قام بها الخطيب حول «حوار سياسي» مع النظام. وأضاف البيان أنه يجب «الأخذ في الاعتبار الشروط الضرورية التي من شأنها أن تؤدي إلى انتقال سياسي وإلى مستقبل من دون الأسد».
وربطا بذلك، وفي مواجهة تدهور الصراع وتزايد المعاناة الإنسانية، دعا الأوروبيون «ممثلي النظام السوري إلى عدم تفويت الفرصة والاستجابة إيجابا لجهود الحوار السياسي». وشجعوا «الائتلاف» على الاستمرار في التفاعل مع الإبراهيمي، وتأكيد استعداده للمساعدة في «عملية الحوار الضروري بكل الطرق الممكنة».
وزير خارجية اسبانيا خوسيه مانويل غارسيا مانغالو، وردا على سؤال إن كان يرى أن الحل السياسي يتقدم، قال «لا، أنا لا أعتقد أن الحل السياسي يمضي قدما في هذه اللحظة. لكن السؤال الحقيقي، بالإضافة إلى ذلك، هو (وجوب) اعتماد أي تدبير يمكنه تعزيز هذا الحل السياسي ويسرعه على أرض الواقع».
وسيم إبراهيم
المصدر: السفير+وكالات
إضافة تعليق جديد