القمة الأوروبية: سوريا تحضر... هامشياً
لم يضمّن القادة الاوروبيون بيانهم الختامي إشارة مباشرة إلى مبادرة وقف إطلاق النار في سوريا. اكتفوا بموقف عام، وأكدوا دعمهم الكامل لمهمة المبعوث المشترك الاخضر الابراهيمي.
وقال مصدر ديبلوماسي متابع لهذا الملف، إنه «تمّ تضمين دعم مبادرة الابراهيمي في فقرة في البيان جاء فيها: يجب على جميع الجهات الفاعلية الرئيسية، وجميع أعضاء مجلس الأمن في الامم المتحدة، الاضطلاع بمسؤولياتهم، وتقديم دعمهم لمساعي الممثل المشترك».
ومن المفترض أن يشير الاوروبيون بوضوح إلى كل ما يرونه علامة مميزة، وهو ما لم يحصل مع مبادرة وقف النار المطروحة. وعندما سألنا مصدراً مطلعاً على النقاشات الاوروبية، عن غياب الوضوح الأوروبي، خصوصاً أن القادة يدعون باستمرار إلى وقف العنف ويقولون إنه أولوية؟ ردّ بالقول إن «القصد هو عدم البحث في التفاصيل، وإبداء الدعم في الاطار العام».
وبدا أن المعنى تلخصه فكرة أن التفاصيل تحرج، والموقف العام أسلم، وإن كان الاوروبيون متفائلين حيال هذه المبادرة. وقال المصدر «بعد كل ما رأيناه خلال الفترة الماضية، من الصعب الحديث عن تفاؤل.. ربما من الأفضل القول إننا نأمل نجاح هذه المبادرة، وبعدها نرى ما سيحدث».
ويبدو القول ان الموقف الاوروبي واحد ومتناسق حيال التعامل مع الأزمة السورية ليس دقيقا. صحيح أن الدول الكبرى في الاتحاد تستطيع ممارسة نفوذها في صياغة البيانات المشتركة، لكن هذا لا يعني أن الدول الأخرى، خصوصا الصغيرة، متفقة تماما مع ما يعلن. يبدو هذا واضحا في حديث رئيسة ليتوانيا داليا غريبوسكيتي، فعندما سألناها إن كانت ترى حلا ممكنا في سوريا، ردت «إنه سؤال صعب. ومنذ وقت طويل هناك اضطرابات في أنحاء من العالم وفي سوريا، وكل العقوبات التي أيّدناها في أية بقعة من العالم لم تعمل جيداً. الجميع يعاني في كل مكان، وأيضا في سوريا الشعب هو من يعاني أساساً».
ومن موقعها خارج الضغط المباشر للانخراط في النزاعات، تضع الرئيسة ذات الشخصية القوية واللهجة الصلبة والواثقة، إصبعها على أحد أبرز أسباب استمرار الازمة السورية برأيها، «هذا ما أقوله دائما: العالم منقسم. القوى الكبرى ليست قادرة على الاتفاق في ما بينها، وسوريا تحتاج الى المساعدة، ولا تحتاج إلى أن تتم مهاجمتها عسكريا أو معاقبتها اقتصاديا». وأمام هذا الانقسام العالمي، ما الحل اذاً؟ تضحك من السؤال، ثم ترد «لا تسألني أنا، فلست القوى العظمى في العالم». هل قصدت مباشرة أن نسأل الولايات المتحدة؟ على الأرجح.
على كل حال، أكد بيان القمة على «جميع الأطراف» في سوريا، وجوب «إنهاء جميع أشكال العنف، واتخاذ إجراءات خاصة لحماية جميع الفئات الضعيفة، والسماح بدخول كامل وآمن للمساعدات الإنسانية في جميع نواحي البلاد».
وقف العنف ورفض التدخل العسكري موقف تتشاركه دول أوروبية صغيرة أيضا، مثل لوكسمبورغ، ولكن قبرص التي ترأست القمة، وتتولى الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد الاوروبي هي من تشدد عليه. وعندما سألنا الرئيس القبرصي ديمتريس كرستوفياس كيف يرى وضع أزمة جيرانه السوريين، قال بلهجة حاسمة «شددت على زملائي على أنه يجب حلّ مشاكل الإقليم بالحوار، وبطريقة سلمية»، مشدداً على كلمة «بطريقة سلمية»، قبل أن يغادر إلى مقعد الرئاسة الاوروبية بجوار رئيس المجلس الاوروبي.
ولفت الاتحاد الاوروبي إلى مواصلته تقدم المساعدات الانسانية، داعياً جميع الجهات المانحة إلى زيادة مساهمتها استجابة لمناشدات الأمم المتحدة. وفيما دان بيان القمة «بشدة قصف القوات السورية الأراضي التركية»، دعا في الوقت عينه جميع الأطراف إلى «تجنب التصعيد»، وطلب من السلطات السورية احترام وحدة أراضي جميع دول الجوار وسيادتها الكاملة. وعبّر البيان عن التزام الاتحاد الاوروبي «بشكل وثيق وشامل» مع شركائه الدوليين لضمان الدعم السريع لسوريا حال حدوث المرحلة الانتقالية، والتزامه أيضا بدعم بناء قدرات المجتمع المدني للمشاركة في مستقبل سوريا. لم يعد الأوروبيون ولا غيرهم يرددون تعبير «وحدة المعارضة» أو ضرورة اتحادها، كما في السابق، بل أشاروا إلى أنه «ينبغي على كل جماعات المعارضة الاتفاق على مجموعة مبادئ مشتركة من أجل تحقيق الانتقال الشامل والمنظم والسلمي».
وسيم إبراهيم
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد