الدخول الكردي على خط الازمة الاقليمية يربك تركيا ويعطي سوريا هامشا اضافيا
تتسارع الاحداث في سوريا بشكل غير مسبوق، بحيث يعجز المراقبون عن متابعة التطورات وتكوين صورة ولو مشوشة حول مستقبل الاوضاع فيها في ظل تناقض كبير في الاخبار الواردة من الميدان. غير ان الثابتة الوحيدة تبقى في استعار المعارك واستباحة انواع الاسلحة السياسية والعسكرية كافة، فضلا عن تظهير صورة الحرب الباردة التي تتخذ من سوريا مسرحا لها.
وبدا من ميدانيات الساعات الاخيرة أنّ الاوضاع تسير بخطى ثابتة صوب المزيد من التعقيدات، حتى ان مصادر دبلوماسية عربية واسعة الاطلاع تعتبر أنّ الحل الوحيد المتاح راهنا هو انتصار النظام على معارضيه، أو نجاح المعارضة المدعومة غربيا واقليميا في اسقاط الرئيس بشار الاسد. وبالتالي فان كل ما يحكى عن اتصالات ومساع ومبادرات يبقى غير ذات قيمة، خصوصا بعد ان تحولت الحرب الباردة إلى معارك "كسر عضم" دخل على خطها اكثر من فريق دولي واقليمي.
وفي هذا السياق، يعتبر المصدر أنّ الدخول الكردي على خط الازمة بين سوريا وتركيا دفع بالاخيرة إلى اتخاذ اقصى درجات الحيطة والحذر، لاسيما ان تطور هذه الخطوة قد يجر اقليم الاسكندرون العلوي إلى صلب المواجهات، بحيث تصبح تركيا محاصرة سياسية وعسكريا، ما قد يؤسس إلى حرب اقليمية قد لا تتوقف عند حدود البلدين، خصوصا ان ايران لن تقف مكتوفة الايدي ازاء اي تطور يشكل تهديدا فعليا للدولة السورية ونظامها الممانع بحسب الوصف الايراني.
واستنادا إلى تطورات الساعات الاخيرة التي بدأت مع دفع انقرة بتعزيزات كثيفة على حدودها مع سوريا، ولم تنته مع زيارة مسؤول تركي إلى طهران، مرورا بالاتصال المفاجئ بين الرئيسين الاميركي باراك اوباما والتركي رجب طيب اردوغان لتسريع نقل السلطة في سوريا، وباعلان مجلس امناء الثورة السورية عن نيته تشكيل حكومة انتقالية، رأى فيه رئيس المجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا خطوة متسرعة من شأنها ان تصف المعارضة، يرى المصدر ان الازمة السورية دخلت منعطفا خطيرا لا يمكن التكهن بما يمكن ان يصل اليه، خصوصا ان المواجهة السياسية انتقلت على ما يبدو لتستقر بصورة مؤقتة بين انقره وطهران التي اعلنت انها لن تسمح باسقاط النظام السوري، وانها ستتدخل في الوقت المناسب، في اشارة إلى ان أي تدخل عسكري تركي مباشر لن يلاقي الترحيب من طهران ولا من قياداتها العسكرية التي ترفض بصورة قاطعة محاصرة ايران من خلال البوابة السورية، وبالتالي فان اي تخط تركي للحدود المعترف بها مع سوريا سيقابله دخول ايراني مباشر حتى لو ادى ذلك إلى حرب اقليمية يخشاها الجميع ولا يريدها احد.
ولا يستبعد المصدر حصول مثل هذا الانزلاق الخطير على مستوى المنطقة برمتها بعد ان تعطلت لغة الكلام الدبلوماسي بين كبار اللاعبين، خصوصا ان واشنطن وهي المعنية الاولى بالازمة تجد نفسها اسيرة المواقف الانتخابية من جهة، وسجينة الوقت المستقطع الذي لا يلعب إلى جانب رئيسها باراك اوباما باي شكل من الاشكال، بل على العكس تماما فانه يلعب لمصلحة خصومها التقليديين والجدد في آن بما قد يعجل الانفجار ويطيل الازمة إلى فترات طويلة الامد.
أنطوان الحايك: النشرة اللبنانية
إضافة تعليق جديد