الصحافة السورية في عهد الانتداب الفرنسي
دخل الملك فيصل دمشق مساء الإثنين 30 أيلول 1918م بعد انسحاب العثمانيين، وأنشأ المملكة السورية، لكن عمر هذه المملكة كان قصيراً (تقريباً).
ففي 14 تموز عام 1920 كان إنذار غورو الشهير للملك فيصل بقبول الانتداب الفرنسي. وفي 21 تموز عام 1920 جرت (معركة ميسلون). وفي 24 تموز غادر الملك فيصل سورية، ودخل الجيش الفرنسي دمشق. وهكذا انتهت المملكة السورية. كانت باكورة أعمال الجنرال غورو تقسيم سورية، فسلخ منها في 31 آب عام 1920 لبنان وسمّاها (دولة لبنان الكبير)، وقسَّم ما تبقى إلى دويلات سماها:
1- دولة دمشق 2- دولة حلب 3- حكومة العلويين 4- حكومة جبل الدروز 5- لواء اسكندرون لكن جعله يتمتع باستقلال إداري ومالي خاص. ثم عاد فأصدر في 28 حزيران 1920 قراراً برقم 1409 مكرر يقضي بإقامة اتحاد بين هذه (الدول) السورية، يمثله مجلس يتكون من خمسة أعضاء واحد لكل دولة وعيّن (صبحي بركات الخالدي) رئيساً لهذا الاتحاد.
نشطت في عهد الجنرال غورو الصحافة في سورية وتزايد صدور الصحف والمجلات حتى بلغ مجموع ما صدر 12 صحيفة و10 مجلات موزعة في معظم المدن السورية. وفيما يلي ثبت بأسماء الصحف والمجلات وأماكن صدورها:
الصحافة في عهد الجنرال غورو 1920-1923
دمشق: (الصحف) 1- الأنوار 2- العمران 3- أبو نواس عصري 4- ألف باء.
(المجلات) 1- المجتمع العربي 2- النجاح 3- الرواية العصرية 4- الشرطة 5- الرابطة الأدبية 6- الروايات العصرية 7- اللطائف السورية 8- المرأة الجديدة 9- مجلة المجمع العلمي.
حلب: (الصحف) 5- سورية الشمالية 6- الآمال 7- الأمة 8- المرسح 9- الشفق وكانت تصدر باللغتين العربية والتركية.
حمص: (الصحف): 10- صدى سورية 11- السمير 12- فتى الشرق.
(المجلات): جادة الرشاد.
حماة: (المجلات): 11- المجلة البيطرية.
اللاذقية: (الصحف): 13- المنار 14- النحلة 15- الصدى العلوي 16- اللاذقية 17- الرمز.
(المجلات): 12- النشرة الرسمية للأعمال(1) الإدارية في دولة العلويين 13- العلوي.
وكانت مواضيع صحف هذه الفترة تدور بشكل عام حول السياسة والأدب فإذا نظرنا إلى أهداف الصحف التي تكتب عادة تحت اسم الصحيفة نجد على سبيل المثال:
1- صدى سورية، والأنوار، والسمير: صحف وطنية حرة معتدلة.
2- سورية الشمالية: جريدة أدبية سياسية انتقادية.
3- ألف باء: جريدة سورية تبحث في السياسات والأخلاق.
4- المنار: جريدة دينية علمية أسبوعية أصدرها المطران ارسانيوس حداد صدر العدد الأول منها في 22/12/1921، وكان يصدر هذه الجريدة سابقاً في بيروت وكان قد صدر العدد الأول منها بتاريخ 17 أيلول 1898 (انظر فيليب دي طرزي – تاريخ الصحافة العربية ج3 ص61).
5- الرمز والنحلة جريدتان سياسيتان انتقاديتان فكاهيتان هزليتان.
6- اللاذقية وكانت تصدر باللغتين الفرنسية والعربية.
أما مواضيع (المجلات) فلم تبتعد كثيراً عن مواضيع الصحف في تلك الفترة ما عدا (مجلة المجمع العلمي) فمثلاً نرى على سبيل المثال:
1- مجلة المرأة الجديدة غايتها بث روح التربية وتحسين الحياة العائلية وترفيه المرأة السورية أدبياً وعلمياً واجتماعياً.
2- مجلة جادة الرشاد: مجلة اجتماعية أخلاقية تصدر مرة في الشهر صاحبها حنا خباز رئيس كلية حمص الوطنية انظر (مجلة الهلال العدد 5 شباط 1923).
3- مجلة النجاح: مجلة علمية أدبية تهذيبية تاريخية عمومية تصدر مرة بالشهر لمنشئها الياس خليل ترتره ويحررها نخبة من العلماء والأدباء انظر (مجلة الهلال العدد 7 أول نيسان 1927).
4- مجلة المجمع العلمي العربي: تعتبر من أهم (مجلات) هذه الفترة صدر العدد الأول منها في 1/1/1921، وكانت موضوعاتها علمية وفنية إضافة إلى أخبار المجمع وقراراته.
5- مجلة العلوي: كانت تصدر باللغتين العربية والفرنسية، كانت مجلة أدبية سياسية اقتصادية حرة تبحث في منافع البلاد العلوية المستقلة وكان صاحبها ورئيس القسم الفرنسي (مصري زاده برهان الدين بك) وكان رئيس القسم العربي (عبد الكريم الخير).
كانت الصحافة السياسية بشكل عام في عهد غورو هادئة ومسالمة والصحيفة التي كانت تتجرأ على النقد كانت تعطل كما في العهود السابقة فمثلاً: تم تعطيل جريدة فتى العرب إلى أجل غير مسمى في أيلول 1920، لأنه كما جاء في سبب التعطيل (تكرر فيها نشر الأخبار المختلقة) كذلك عطلت جريدة سورية الجديدة خلال شهري تشرين الأول والثاني 1920 (لاثباتها أخباراً حذفتها الرقابة).
في التاسع من أيار عام 1923 عين الجنرال ويغان مفوضاً سامياً فأصدر قراراً برقم 2980 تاريخ 5 كانون الأول عام 1924 ألغى بموجبه الاتحاد السوري وأعاد صياغة سورية من جديد، فأمر اعتباراً من أول كانون الثاني 1925 أن تتحدد دولتا دمشق وحلب في دولة واحدة سماها (الدولة السورية) وعين الداماد (أحمد نامي) رئيساً لها خلفاً لصبحي بركات الخالدي، فاندلعت ثورة في سورية ضد هذا القرار وجرت معارك طاحنة بين الثوار والقوات الفرنسية واشتركت الصحافة في هذه المعركة، فأخذت تحث الجنود السوريين المتطوعين في الجيش الفرنسي على الفرار والانضمام إلى رجال الثورة السورية، فأصدر في 27 أيار عام 1925 القرار رقم 2630 (بشأن الجنايات والجنح التي ترتكب بواسطة الصحف). كان قراراً حربياً بكل ما في الكلمة من معنى يهدد بالحبس وإغلاق الصحف والغرامات المالية الجائرة إذا حرَّضت الجرائد والمجلات العساكر البرية والبحرية على الفرار أو العصيان (ويعتبر في هذه الحالة المدير والمؤلف مسؤولين عن جناية، فإذا كانا غير موجودين يعد الناشر فاعلاً أصلياً، فإذا كان غير موجود عُدَّ الطابع فاعلاً أصلياً. ويمكن تعقب البائع المتجول وغير المتجول والموزع واعتبارهم فاعلين أصليين إذا كان الفاعلون الأصليون المشار إليهم أعلاه غير معروفين (قانون المطبوعات الداخلي القرار 47 تاريخ 20/6/1924). وقد أعطى هذا القانون النيابة العامة حق إقامة الدعوى في قضايا الجنايات والجنح. ونتيجة لذلك ابتعدت معظم (الصحف) عن الخوض في غمار السياسة واتجهت إلى الداخل لتتكلم عن شؤونه وشجونه (ربّ ضارة نافعة) كما يقول المثل الشائع. فمثلاً كتبت جريدة الفيحاء الدمشقية في العدد رقم 52 تاريخ 8 آب 1924: (أبت شركة الترام إلا أن تشتطّ على الأمة فترفع أجرة الركوب في قاطراتها، فقاطعتها الأمة وأعرضت عن الركوب في قاطراتها. إن الشركة تستطيع أن تفعل ما تشاء ما دامت الحكومة لا تسألها عن شيء من أعمالها، ولكنها لا تستطيع أن تجبر الناس على ركوب قطاراتها... الخ).
وعلى الرغم من قانون المطبوعات الجائر، فقد صدر في عهد الجنرال (ويغان) العديد من الصحف والمجلات كان معظمها في دمشق وحلب. وفيما يلي ثبت بأسماء هذه الصحف والمجلات وأماكن صدورها:
الصحافة في عهد الجنرال ويغان 1923-1925
دمشق: (الصحف): 1- وادي بردى 2- الحق 3- المصور 4- الحاكمية 5- السياسة 6- بريد الشرق 7- المفيد 8- الفيحاء 9- حط بالخرج.
(المجلات): 1- المعهد الطبي العربي 2- معارف دمشق 3- الشرطة 4- سمير الشبان 5- الزراعة الحديثة 6- حديقة التلميذ.
حلب: (الصحف): 10- الترقي السوري 11- الكلمة.
(المجلات): 7- الكشاف العربي 8- الجريدة الزراعية.
حماة: (المجلات): 9- مجلة الزراعية.
اللاذقية: (الصحف) 12- الاعتدال.
(المجلات): 10- جريدة دولة العلويين الرسمية(2) 11- النشرة الاقتصادية لدولة العلويين(3) 12- مجلة النور.
أما (المجلات) فقد ابتعدت بدورها عن الانخراط في السياسة نتيجة لقانون مطبوعات (ويغان) الصارم، وصارت موضوعاتها تدور حول العلوم والزراعة والفنون والآداب والمجتمع... الخ يستدل على ذلك من أسمائها وأهدافها. فمثلاً صدرت في دمشق مجلة (الزراعة الحديثة)، وفي حلب مجلة (الجريدة الزراعية)، وفي حماة (مجلة الزراعية). كذلك صدرت في دمشق مجلة شهرية باسم (معارف دمشق) تبحث في العلوم والآداب والتربية والتعليم. وكذلك (حديقة التلميذ) وهي مجلة مدرسية تبحث في العلم والأدب والاجتماع وما يتفرع عن ذلك، وكانت مصدرها (جمعية النشء الفاروقي). كذلك صدرت في حلب مجلة شهرية اجتماعية هي (الكشاف العربي) كانت تعنى بنشر المقالات الرياضية والموسيقية وتراجم المشاهير وأخبار فرق الكشافة. إضافة إلى الروايات القصصية والأخلاقية. وصدرت أيضاً في اللاذقية (مجلة النور) العدد الأول في حزيران 1925 لصاحبيها (نصر الله طليع وجاد كومين)، وقد لعبت هذه المجلة الثقافية دوراً مهماً في الحياة الثقافية في المدينة. وقد تصدر غلافها العبارة التالية: (رابطة المفكرين، مجال الأقلام الطليقة، رمز النهضة الأدبية، نصيرة الحق، عضد الضعيف، نور ونار) وكان لمجلة النور الفضل في التعريف بالعديد من أدباء اللاذقية مثل (إلياس الصالح توفي عام 1885)، محمد سعيد الأزهري (توفي عام 1900)، عبد الكريم الخير (توفي عام 1948)، إدوار مرقصّ وصديق شيبوب. ومما يسجل لمجلة النور أنها من أوائل المجلات العربية التي كتبت عن صراع الطبقات وعن الاشتراكية في مقال بعنوان (تطاحن الطبقات). أصدر السيد أمين سعيد وهو مواطن سوري من اللاذقية صحيفة باسم (أبو نواس عصري) في مدينة دمشق، وهي جريدة فكاهية صدر العدد الأول منها في 25 حزيران عام 1921.
كذلك أصدر (محمد صبحي عقدة) وهو صحفي من اللاذقية صحيفة (الحق) في مدينة دمشق بتاريخ 18 تشرين الثاني 1923.
كذلك أصدر (عابد جمال الدين)، وهو صحفي من اللاذقية بالاشتراك مع (محمود العشي) جريدة (الصدى العلوي) عام 1921 في بيروت، ثم تغير اسمها فيما بعد ليصبح (صوت الحق).
يتبع في الحلقة السادسة: الصحافة في عهد الجنرال سراي والجنرال دوجوفنيل 1925-1926
(1) بقي الساحل السوري مدة عشرين سنة تقريباً حكومة مستقلة تعرف اسم (دولة العلويين المستقلة) مرة، وباسم (حكومة اللاذقية) مرة أخرى، وكانت لها حدودها وقوانينها الخاصة، وقد أصدرت (جريدة رسمية) خاصة بها لنشر قراراتها، وصدر العدد الأول منها في أول شهر آذار 1922.
(2) صدر العدد الأول من هذه المجلة في أول كانون الثاني 1925، وكانت تصدر يوم السبت من كل أسبوع وحلّت هذه المجلة مكان (النشرة الرسمية للأعمال الإدارية في دولة العلويين) بعد أن استمر صدورها ثلاث سنوات.
(3) صدر العدد الأول في 15 نيسان 1924.
د. منى إلياس
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد