«بي بي سي العربية»: «شاهدا سماع» سوريان من السعودية واليونان
يلجأ مراسلو القنوات الإخبارية ووكالات الأنباء إلى شهود العيان في صياغة تقاريرهم الإخبارية، لا سيما عند عدم وجود مراسلين في مكان الحدث. وفي حالة عدم توفرهم، يلجأ المراسل إلى رواية شهود السماع. ويستعين أحياناً برواية أكثر من شاهد عيان أو سماع، ليقوم بعدها «بمنتجة» أحاديثهم، مستخلصاً النقاط الأهم لجدولة تقريره. وبدورهم يقوم محررو الوسيلة الإعلامية التي يعمل فيها بتحرير القصة من جديد، حسب أجندة الوسيلة، ومن خلال إبراز عناصر خبرية على حساب أخرى. بل يمكن تحوير التقارير الإخبارية وقلبها وفق قاعدة الإعلام الرأسمالي القائلة بأن «الإعلام كلب سيده».
المستغرب أن قنوات إخبارية بارزة «كالجزيرة» و»العربية» تتعامل مع الأحداث في سوريا وفق رواية شاهد العيان، بحيث اقتصرت خيارات القناتين على شاهد عيان واحد في النشرة الواحدة، وتحت أسماء مستعارة، أو حسب الطلب. ما أدى إلى أجندة مطاطية ولعب خطير بمكونات الخبر وتوازنه. وكأن الفضائيتين، في خرقهما لأبسط قواعد المهنة، تنتقمان من عدم وجودهما على أرض الحدث السوري، كما تنطلقان من دوافع سياسية بحتة.
اللافت أن قناة «بي بي سي العربية» توسعت في هذا الأسلوب عبر برنامجها «أجندة مفتوحة» مساء الثلاثاء الماضي إلى الاستعانة بشاهديّ سماع سوريين للتحدث عما يجري في مدينة درعا. والمفارقة أن الشاهد الأول «أبو ظاهر» كان يتكلم من السعودية، والثاني «أبو حوران» مواطن سوري مقيم في اليونان! وكلاهما تحدث عن «مجازر في سورية»، وعن «محاصرة الجيش والأمن لمدينتي درعا وبانياس»!
الغريب أن «بي بي سي العربية» التابعة لهيئة الإذاعة البريطانية؛ التلفزيون الأكثر عراقة في العالم لجأ إلى هذا الأسلوب مغيباً أدنى درجات المهنية ليقطع الرنامج الحواري «الأجندة المفتوحة» مناظرته مع ضيفيه: عبد الباري عطوان رئيس تحرير «القدس» اللندنية، والكاتب البريطاني باتريك سيل، ويحوله إلى برنامج إخباري، متحدثاً مع شاهدي سماع من خارج سوريا تبعاً للتعريف: «مواطنان سوريان يدليان بمداخلة». لكن مقدم البرنامج الزميل عمر عبد الحميد تعامل معهما كشاهدين على الأحداث، فأخذ يسألهما: «ماذا يجري في درعا وبانياس؟»
كما عرض البرنامج تقريراً مصوراً عن الطوائف الموجودة في سوريا وأماكن تموضعها جغرافياً، ما دفع الدكتور سمير العيطة رئيس تحرير جريدة «اللوموند ديبلوماتيك» العربية، ضيف البرنامج عبر الأقمار الصناعية من باريس، الى إبداء تحفظ على سؤال مقدم البرنامج عن إمكانية نشوب فتنة طائفية. واعتبر العيطة تقرير القناة عن الطوائف في سوريا «أمرا فيه نوع من التحريض، فالشعب السوري شعب وطني بدليل اتحاده في الثورة السورية الكبرى (..) واستقبل أهل الشام ما يقارب مليون ونصف مليون من شيعة الجنوب اللبناني أثناء عدوان تموز2006، حتى إن صور السيد حسن نصر الله ترفع في قلب العاصمة السورية، وهذا دليل على أن الشعب السوري شعب وطني، يتوزع سكانه في كل المدن بكل أطيافهم من دون التمركز في منطقة أو مدينة، على أساس طائفة أو عرق».
سامر محمد اسماعيل
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد