السوريون: انفلونزا الطيور أرحم من تجارنا
ثلاثين عاما وحتى الآن كل الدعم والمساندة للقطاع الزراعي( الحيواني) وقد تجلى هذا الدعم بتقديم التسهيلات وتأمين المستلزمات والإعفاء من الضرائب...
وقد نشأت مداجن القطاع الخاص وكانت ذات ملكيات صغيرة وبسيطة وبرؤوس اموال قليلة كما هو معروف للجميع لانه في ذلك الوقت لايوجد اشخاص يملكون رؤوس اموال كافية وكبيرة... وفي السبعينيات بدأت المداجن الصغيرة بالظهور وقامت الدولة بتقديم الاعلاف عن طريق مؤسسة الاعلاف وقد أمن ذلك بعضا من الربح حتى ابتدأت هذه المداجن بالتوسع ولكن بقي نمط التربية نفسه وهو نمط بدائي متخلف ـ اي تربية أرضية ـ ذو نظام مفتوح اي له نوافذ والاسقف غالبا من التوتياء وهذا يعني ان تتأثر المداجن بكافة التقلبات الجوية من برد وحر وبهذه الحالة كذلك يكون البيض المنتج غير نظيف نتيجة لذلك بسبب تلوثه بالزرق الحيواني وهذا غير مقبول في اغلب الاسواق الخارجية على عكس ما اتبعته بعض الدول العربية الخليجية، حيث كانت الملكيات كبيرة والمداجن كلها مجهزة بالاقفاص وهي معزولة عن اي ظروف جوية وهذا مكنها من تصدير منتجاتها الى كافة دول العالم... ومع مرور الأيام استطاع بلدنا تحقيق الاكتفاء الذاتي.. ولكن في العام /2003/ صدر القانون رقم/24/ المتضمن تحقيق ضريبة على (50%) من الأرباح السنوية الصافية لمنشآت الدواجن؛ وهذا الاجراء زاد من هموم المربين على حد قولهم حيث لم تدعم الدولة هذا القطاع المهم الذي يتعرض من وقت لاخر للاصابة بالأمراض والجائحات وانخفاض العائد المادي بسبب خضوع منتجاته لسياسة العرض والطلب.
- حسن ديوب استوقفناه في سوق اليرموك في دمشق بعدان اشترى فروجاً وتوقعنا ان يرفض الحديث الينا حول اسعار الفروج واللحوم، كما رفض اخرون من قبله لانه لاجدوى من الحديث او الشكوى عن ذلك على حد قول أكثر من مواطن طلبنا محاورتهم لكنهم رفضوا ذلك حتى احدهم قال: لايصلح العطار ما افسده الزمن.... المهم تحدث الينا ابو سافر ديوب قائلا: أنا اب لـ/5/ اولاد ووالدي ووالدتي واختي ولا استطيع ان اشتري لهم لحم الغنم لانه اكثر من حلم هذه الايام بالنسبة لي وللكثيرين من العائلات الفقيرة بل وحتى متوسطة الدخل... كنت اشتري لهم من لحم الفروج عندما كان سعره مناسباً انذاك، فسعر الكيلو الواحد من الفروج الحي قبل انتشار الاصابة من الدول المجاورة بـ 42 ـ 45/ بينما اليوم فقد زاد الضعف... واضاف قائلا:ً لا اخفيك سراً لم يدخل اللحم الى بيتي منذ شهرين... واليوم كما ترى احببت ان افرح اولادي وأمي وأبي بهذا الفرخ الذي لايكفيهم حتى( شم) وعندما سألته وكيف تدبر أمورك مع أولادك ؟تكلم وبحرقة: والله من اسبوع امر كل يوم من هنا واقول سوف اشتري لهم لحم فروج ولكن عندما ارى السعر /85/ ل.س للكيلو الواحد اتراجع لان هذا الكيلو بعد التنظيف ماذا يبقى منه؟... واضاف ابو سامر قائلاً: سوف احكي لكم حادثة ولكن ليست للنشر..ولكنه عاد ووافق... ذات يوم اخذني صديقي ابو فارس لشراء كيلو او اثنين من لحم الجمل لانه ارخص وفعلاً ذهبنا واشتريت المقسوم واحضرته لزوجتي وقلت لها بأنه لحم عجل... ولكن زوجتي اكتشفت السر عندما ظلت اللحمة تطبخ على النار اكثر من ثلاث ساعات دون ان تنضج عندها قلت لها مبرراً يمكن هذا العجل كبير في السن... ولكن الاولاد اصيبوا باسهال حاد بعد تناوله عندها اخبرتهم الحقيقة... فماذا أفعل لحم الخروف (نار) ولحمة الفروج (كمان نار) ولحم الجمل لايناسب معدات اولادي... وختم حديثه بان مرض انفلونزا الطيور ارحم من تحكم تجارنا الجائر.
واثناء جولتنا لفت انتباهنا سيدة في العقد السادس من العمر تقف امام دكان كبير لبيع البيض بالجملة والمفرق في محلة التضامن وتفاصله لشراء البيض المكسور... وبعد ان اشتريت البيض المكسور سألناها: لماذا تشترين هذه الكمية من البيض المكسر بشكل كامل وليس مشعوراً على الاقل اقل خطراً.. وماهو السر؟... فردت لاسر ولا اي شيء انه للأكل مثل كل البيض ولكن كيف يؤكل وهو مكسر وقد دخل الهواء اليه وبات مسمماً وخطراً كما يقول بعض الناصحين من الاطباء.. فردت بهدوء لاخطر ولا اي شيء منذ سنين وانا اشتريه من هذا المحل ومن غيره ليس لأطهو منه قالب كاتو كما يفعل بائعو الحلوى وانما اضعه في البراد واقليه أول بأول لاولادي ...
ردت الجدة ام صالح كما سمت نفسها لم أستطع ان اشتري صحن البيض عندما كان بـ/ 65/ ل.س أيام زمان فكيف لي ان اشتريه اليوم وهو بـ /160/ ل.س انا يا بني مسؤولة عن اطعام/ 9/ ارواح وكلهم مستهلكون وصغار في السن لقد توفي ابني الكبير في مرض وترك لي كومة لحم... وانت كما تشاهد الاسعار ارتفعت ثلاثة اضعاف منذ فترة قصيرة ،فهل من المعقول ان يرتفع صحن البيض ضعفين خلال شهرين وقد يزداد اكثر في الايام القادمة نحن لانستطيع شراء لحم الغنم ولا العجل ولاحتى الفروج ولاحتى مايسمى بالبيض النباتي وانما فقط استطيع شراء هذا البيض المكسر كما ترى لسد افواه هؤلاء الايتام... وانا لست الحالة الفريدة في شراء هذا البيض المكسر اذا تأخرت قليلاً اخذته ام جابر... المهم الله حامينا نحن الفقراء .
لجنة مربي الدواجن خاطبت وزير الزراعة بعدة مذكرات تتضمن الاولى وصف تعرض منتجات الدواجن في القطر لأزمة تسويقية حادة نتيجة لإحجام الاخوة المواطنين عن تناولها ومازاد في ذلك هو التفسير المغلوط للقرارات حول الاجراءات المتشددة التي اتخذتها وزارة الزراعة والصحة والادارة المحلية لمنع نقل الفروج الحي والدجاج المنسق بين المحافظات او اغلاق اسواق محلات بيع الفروج الحي... &mo09-18-06/lo001-1.jpg وتناشده التدخل العاجل لاعادة فتح الاسواق المغلقة والسماح بحرية نقل الفروج في كافة المحافظات.. بينما تتضمن المذكرة الثانية عدة اقتراحات تمنى فيها مربو الدواجن من وزير الزراعة الايعاز للمحافظين بفتح محلات بيع الفروج الحي والمسالخ والسماح بنقل منتجات الدواجن بين المحافظات والاستمرار بالمراقبة من قبل الجهات المختصة وايلاء موضوع الدعاية والاعلام الأهمية الخاصة بخلو القطر من انفلونزا الطيور لاعادة الثقة للمستهلك بمنتجات الدواجن واعفاء مربي الدواجن من كافة الضرائب المفروضة من قبل وزارة المالية والرسوم الجمركية على استيراد الأعلاف وخاصة مواد الكسبة وإلغاء الضميمة المفروضة على الذرة الصفراء من قبل مؤسسة الاعلاف والسعي مع الجهات ذات العلاقة لتعويض المربين عن خسائرهم أسوة &بمزارعي الحمضيات واصحاب البيوت البلاستيكية وتشكيل لجنة خاصة لتقدير حجم هذه الخسائر ومنح قروض طويلة الأجل وبدون فائدة للمشاريع المرخصة ليتسنى لأصحابها الاستمرار في عملية التربية بينما تتضمن المذكرة الثالثة الطلب من وزير الزراعة اعادة النظر بالقانون رقم /24/ لعام/ 2003 الفقرة 29 واعفاء المداجن من جميع الضرائب اسوة بمربي الأغنام واعادة النظر بالرسوم الجمركية الضميمة المفروضة على الأعلاف كونها مواد اولية مستوردة تدخل في صلب عملية الانتاج مثل كسبة فول الصويا والذرة الصفراء والمساعدة في صدور قانون الاتحاد النوعي لمنتجي ومربي الدواجن لانه لو كان موجوداً لاستطاع التخفيف من الاعباء من خلال وجود صندوق ازمات وشراء الفائض... ووقف جميع التراخيص المقدمة إلى مديرية الانتاج الحيواني لإنشاء مداجن جديدة والنظر في المداجن غير المرخصة وتسوية وضعها كونها خارج إطار الأمن الحيوي الصحي، وهذا أمر خطير جداً وإعادة النظر بسقف القروض الزراعية الممنوحة للمداجن وإعفاء المنشآت (المداجن) من جميع الرسوم المفروضة.
وزير الزراعة يستجيب لاستغاثات لجنة مربي الدواجن ويخاطب وزير الادارة المحلية والبيئة بالكتاب رقم/ 5646/ تاريخ 13/ 11/ 2005 يعرض فيه تعرض مربي الدواجن الى خسائر كبيرة جداً بسبب عزوف المواطنين عن استهلاك لحوم الدواجن رغم سلامتها ويعود ذلك الى الخوف من مرض انفلونزا الطيور وزاد في خوفهم اغلاق محلات ذبح الدواجن ومنع نقلها بين المحافظات وهذا ما ادى الى خسائر قياسية وهذا سيترتب عليه انهيار صناعة الدواجن في سورية بشكل كامل وهي كذلك توفر فرص عمل لعشرات الآلاف من الاسر. "
عارف العلي
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد