دعم أرجنتيني لعضوية سوريا في «ميركوسور»
أكد الرئيس بشار الأسد، في بوينس ايريس امس، رغبة دمشق في تحقيق السلام، مشيراً إلى أن ما يجري في المنطقة يسير عكس هذا التوجه، منوّهاً بالعدوان الإسرائيلي على لبنان وغزة، فيما اكدت نظيرته الأرجنتينية كريستينا كيرشنر تأييد بلادها لسوريا في استعادة الجولان السوري المحتل، وفقاً لمبادرة السلام العربية.
وقالت المستشارة الرئاسية السورية بثينة شعبان إن الجانبين متفقان على المسائل كافة التي تمّ بحثها. وكشفت أن الجانب الأرجنتيني أبدى دعمه لدخول سوريا منظمة «الميركوسور» الأمر الذي يمكن أن يسهم في دفع الروابط التجارية بين سوريا ودول قارة أميركا اللاتينية.
وكان الرئيسان عقدا اجتماعاً يقارب الساعة، قبل أن ينتقلا إلى مأدبة غداء أقامتها كيرشنر على شرف الأسد. ووقع الجانبان اتفاقيات حول التعاون والمساعدة المتبادلة في الأمور الجمركية بين إدارتي الجمارك في البلدين، ومذكرة تفاهم في مجال النقل داخل المدن بين حكومتي البلدين، وأخرى للتعاون بين وكالتي «سانا» و«تيلا»، وبرنامجاً تنفيذياً للاتفاق الثقافي للأعوام 2010ـ2011ـ2012 بين حكومتي البلدين. وقام الأسد بزيارتين إلى مجلسي الشيوخ والنواب، كما التقى بالجالية السـورية في الأرجنتين، وكان لافتاً دعوة 40 شخصا من الجالية اللبنانية.
وقال الأسد إن العالم يحتاج بشكل كبير الانفتاح الذي تشهده أميركا اللاتينية، منوّهاً بحالة التعايش الديني في سوريا، وبأن أية حالة مناقضة لذلك هي حالة شاذة سببها «الأخطاء السياسية».
واعتبر الأسد أن وجود الجاليات والطباع المتشابهة بين سوريا وأميركا اللاتينية يقصران المسافات، ليضيف أن عامل الاستقلالية التي تتمتع به بعض دول أميركا الجنوبية هو الذي يحفز على التعاون المشترك. وأشار إلى أن معاناة القارة من الاستعمار يساعدها على فهم ما تعانيه منطقة الشرق الأوسط.
وقال «كنتم بحاجة للسلام لأنكم عرفتم الاضطراب ونحن نحتاج له في سوريا بشكل كبير»، مضيفاً أن «سوريا عملت من أجل السلام في الشرق الأوسط، وأطلق العرب مبادرة للسلام لإنهاء الصراع وفقاً لقرارات مجلس الأمن، وهناك دعم دولي لهذا التوجه»، ولكنه حسم قائلاً «إننا لا نرى هذا السلام قريباً»، مشيراً إلى العدوان الإسرائيلي على لبنان في العام 2006، والعدوان على غزة والحصار غير الإنساني لمليون ونصف المليون فلسطيني في القطاع.
وقدّم الأسد مقاربة لكيفية النظر لما جرى، حين تساءل كيف كان سيكون موقف أهل أميركا اللاتينية، لو أن من استقبلوهم من المهاجرين حاولوا طردهم وقتلهم بعد أن استقبلوا بالترحاب في أراضي القارة؟
وقال إن سوريا تعمل مع دول العالم من أجل السلام وفقاً لقرارات مجلس الأمن والمبادرة العربية للسلام، مشيراً لموقف كيرشنر المؤيد لحق ســوريا في استــعادة الجولان، وعلى دعم دمشــق في الوقت ذاته للأرجنــتين في استعادتها لجزر المالفيناس (الفوكلاند). وأضاف أن «السلام الشامل لا يتحقق فقط وفقاً للمسار السوري، وإنما يجب أن يحدث على المسار الفلسطيني»، مؤكداً «ضرورة رفع الحصار عن غزة».
وأبدى الأسد دعمه لمبادرة البرازيل في الملف النووي الإيراني، موضحاً أن «شرح الموقف السياسي خلال اجتماعه مع كيرشنر لم يتطلب الكثير من الوقت، والمهم الآن هو ربط مصالحنا»، مشيراً «إلى الرابط الروحي الذي تؤمنه الجالية».
من جهتها، قالت كيرشنر إن «بلاد الأرجنتين هي حصيلة توافد المهاجرين وعشق لـ(شراب) المتة و(رقصة) التانغو وكرة القدم»، مشيرة الى أن 60 في المئة من إنتاج الأرجنتين من هذه المادة (المتة) يصدر الى سوريا، وأن ثمة مصنعاً سورياً في المنطقة المنتجة لهذه العشبة في منطقة ميسيوماس»، ولكنها أضافت «لا نريد أن نبقى نعتمد فقط على المتة».
وكشفت أن وفداً مهماً من الأرجنتين سيذهب الى سوريا وآخر سيأتي من دمشق لبحث توسيع الآفاق الاقتصادية، مشيرة إلى حاجة ما اسمته بدول جنوب الجنوب للتعاون مع بعضها بعضاً بعكس النظرية الاقتصادية الرائجة التي تتعمد فيها الدول الكبرى التعامل مع دول الجنوب كزبائن تشتري بسعر غال وتبيع بسعر رخيص.
واعلنت أن «الاتفاقيات التي وقعت مع سوريا لا تكفي، ولا بد من العمل لتحقيق المزيد من الانجازات»، شاكرة دمشق على موقفها في المحافل الدولية من قضية الجزر. وقالت «ندعم إعادة هضبة الجولان لسوريا، ونحن مقتنعون تماماً بأن حل مشكلة الشرق الأوسط هو حل اساسي للسلام والأمن العالميين، وليس فقط للشرق الأوسط». وأضافت «الأرجنتين تريد أن تكون فاعلة في الشرق الأوسط، ونحن نثمن المبادرة العربية القائمة على مبدأ الأرض مقابل السلام وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة، وكذلك حق إسرائيل في العيش ضمن حدودها المعترف بها دولياً وليس الحدود التي اغتصبتها».
من جهتها، قالت شعبان إن وجهات النظر بين الجانبين كانت متطابقة في المواضيع كافة التي بحثت، مشيرة الى أن كيرشنر وافقت على انضمام سوريا الى منظمة «الميركوسور» بما يعنيه ذلك من فتــح للآفاق الاقتصادية بين سوريا ودول أميــركا الجنوبية. وقالت، رداً على سؤال ، إن هذا الأمر «مهم جداً لأن المنظمة تفتح الأبواب لعــلاقات اقتصادية متميزة بين سوريا ودول أميركا الجــنوبية»، مضيفة «طبعاً حــصلنا على دعم الارجنتين التي تترأس منظمة الميركوسور حالياً، وأيضاً على دعم البرازيل التي ستترأس المنظمة العام المقبل».
وتابعت شعبان أن «كيرشنر مؤيدة لحق سوريا في استعادة الجولان، وتدعم وجود دولة فلسطينية، وهي أيضاً ضد الاحتلال والظلم الواقع على الشعب الفلسطيني، ومع دور مهم بين أميركا الجنوبية والعالم العربي ومن المشجعات لعلاقة بين اميركا الجنوبية والعالم العربي». وأشارت الى أن الارجنتين «ضد وجود الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، وقد قدمت مبادرة لمنع انتشار الأسلحة النووية في العالم في مؤتمر واشنطن حول الأسلحة النووية والذي ستستضيفه العام المقبل».
وأوضحت شعبان أن دمشق لمست أن «الورقة السورية (لإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل) باتت جزءاً من تفكير العالم» في هذا الإطار. ووصفت أجواء اللقاءات بأنها «إيجابية وصريحة وتضمّنت «حواراً صريحاً وشفافاً»، مشيرة إلى أنها «تناولت جميع القضايا، وكانت وجهات النظر متطابقة بشأنها ولا سيما القضايا التي ترتبط بمنطقتنا». وقالت إن الطرفين لديهما «الحماس والتوق ذاتهما لعلاقات متميزة بين البلدين، ولا سيما بوجود اشخاص يتحدرون من اصل سوري وبين العالم العربي وأميركا الجنويية. وستكون هناك متابعة بين الوزارات المعنية لهذه الاتفاقيات التي وقعت».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد