احتيال في سوق الانترنت: خسائر بالملايين والزبائن هم الضحايا
رغم التشدد والدقة اللذين اتبعتهما المؤسسة العامة للاتصالات في تحديد شروط التراخيص الممنوحة لمزودي خدمة النت كما تقول فقد حدثت جملة من التجاوزات الكبيرة والخروقات التي خسر من ورائها كثير من العاملين والموزعين والمواطنين على حد سواء الكثير من المال.
- يعتبر النموذج المطروح من قبل المؤسسة العامة للاتصالات والذي يتضمن تحذيراً شديد اللهجة للمستثمرين من عملية إغراق السوق والقيام بالمنافسة غير الشريفة التي ستنعكس سلباً على جميع الشركات وعلى الخدمة ككل، هو نموذج يُفترض أن يكون عملياً وخاصة أن ماتم طرحه بالنموذج يجعل من المرخص له شريكاً للمؤسسة العامة للاتصالات وليس مجرد تاجر والشراكة تعني ماتعنيه في عملية التنمية وتطوير الخدمة، إلا أن المخالفات حدثت بالجملة وتوالت عمليات النصب من قبل بعض المستثمرين ليقع النصب والاحتيال بالدرجة الأولى على المستثمرين الثانويين والذين علقوا بدورهم مع الزبائن بجملة من المشكلات لدرجة وصلت فيها قيمة البطاقات التي طرحتها بعض الشركات في السوق المحلية حداً أكبر بكثير من القيمة المالية لكتلة الضمان المتفق عليها مع المؤسسة العامة للاتصالات، وتدرجت المشكلات حتى وصلت الحال لوجود بطاقات انترنت بملايين الليرات السورية اشتراها الموزعون وتفاجؤوا من قبل زبائنهم بأنها غير مفعلة فوقعوا بين مطرقة المستثمر الأساسي وسندان المواطن، فلا هذا استفاد من الخدمة ولا ذاك وافق على إعادة البطاقات غير المفعلة ولا ثمنها، والمستهلك الذي هو أولاً و أخيراً الحلقة الأضعف في العمليات الاحتيالية التي قامت بها بعض الشركات لم يجد أمامه بُدّاً من تقليص عملية شرائه لهذه البطاقات إلى الحد الأدنى.
- مع الأسف فقد انتبهت المؤسسة العامة للاتصالات لما يجري في السوق المحلية من نصب واحتيال بعد فوات الأوان، فما فعلته بعض الشركات كشف عن نقاط ضعف في آلية تعامل المؤسسة مع العملية برمتها باعتبارها هي الجهة المنوط بها تنظيم وتدقيق ومتابعة عمل الشركات المستثمرة وملاحقتها لتطبيق ماسبق ووعدت به أثناء إبرام عقود الاتفاق مع مؤسسة الاتصالات.
- السؤال الكبير الذي نطرحه في هذا السياق ما الذي يضمن للمستهلك الحماية من نصب شركة أو احتيال أخرى؟ وهل ستطول هذه الحماية في حال تم التفكير بها آلاف العاملين الصغار في السوق المحلية.
- توجد في السوق السورية عشر شركات وهي شركات مزودي خدمة النت الحصرية، إضافة إلى مؤسسة الاتصالات ومع إلغاء إحدى شركات مزودي خدمة النت وهي تيرا باتت هناك عشر شركات بما فيها المؤسسة، ووصلت الحال بالشركات المزودة للخدمة إلى طباعة كميات هائلة من البطاقات وبماركات متنوعة وأشكال مختلفة يشتريها المستهلك بشغف نظراً للعروض القوية التي تأتي معها، والتي وصلت إلى نسبة 100٪ للمستهلك و200٪ للموزع، وما أن يقع المستهلك والموزع بالفخ ويشتريا من هذه البطاقات الفاقدة للصلاحية حتى يجداها لا تعمل، ما أساء لسمعة العاملين بهذه المهنة وهم كما يقول المثل ياغافل إلك الله بعضهم اشترى بطاقات بمليون وبثلاثة على أمل أن تحقق أرباحاً جيدة وحتى إذا ما نفدت البطاقات يبقى هؤلاء لديهم كميات منها يربحون بها وإذا بهم يغرقون بديون لن يخرجوا منها أبداً لسبب بسيط هو أن المؤسسة العامة للاتصالات تركت هذه الشركات تعمل ماتريد ومنحتها ثقة عمياء على أساس أنها وقعت عقوداً ولابدّ أنها ستفي بها غير مدركة أن من يصوغ قانوناً يجب أن يحميه.
- شركات الانترنت التي تعمل بدقة ويثق المواطن بها آثرت التعليق على الموضوع دون ذكر اسم لأنها اعتبرت أن المؤسسة قصرت كثيراً بالرقابة وتراخت بالتعامل معها وتقاعست عن معاقبتها، عندما بدأت بمسلسل التجاوزات بل تركتها حتى غاصت بالخطأ وأكدوا جميعاً على غرابة قيام بعض الشركات الفاقدة للمصداقية بطباعة بطاقات انترنت ذات نوعيات وعناوين عديدة لتباع بأقل من 35 ل.س في حين أنها ذات فئة المئة ليرة، ما أفقد الشركات التي تعمل بمصداقية لفترة من الزمن قدرتها على مجاراة هذه الأسعار المتدنية من جهة، والعدول عن الشراء من جهة أخرى لأن هذه البطاقة الرخيصة ثبت أنها لاتعمل.
السيد هيثم جبر وهو موزع قال: هل من المعقول أن مزود خدمة انترنت يتوقف عن العمل فجأة؟ ماذا سأفعل ببطاقات قيمتها مليون ونصف المليون ل.س اشتريتها وأنا موزع فرع لاتربطني بمؤسسة الاتصالات أي اتفاقية كل مافعلته أنني وثقت بشركة أبرمت معها مؤسسة الاتصالات اتفاقية تعني لي المصداقية ومافعلته فعله الكثيرون مثلي وربما تكون خسارتي أقل من غيري.
- أما السيد أحمد صقر وهو موزع أيضاً فقال: لقد أصيب سوق النت بالشلل وفقدان المصداقية وبتنا نضرب أخماساً بأسداس لاندري ماذا نفعل فمؤسسة الاتصالات كانت تتجاهل قيام بعض الشركات وأصحاب التراخيص بإعطاء رخصهم واستثماراتهم لتجار آخرين، حيث اعتقد هؤلاء أن استثمار أموالهم بسوق النت سيعود عليهم بأرباح أكثر، ثم إنني كموزع بطاقات من يحميني ويحمي المواطن من الغش والاحتيال؟ لقد ضاعت تحويشة العمر، مليونان وربع المليون ليرة اعتقدت أنني سأحولها إلى أربعة.
- ليس أمامي إلا القضاء لأسترد حقوقي وهيهات أن يعيد القضاء الحقوق وخاصة في حالة عدم وجود أي مستندات قانونية بحوزتي فكلنا نبيع ونشتري عبر الدفع سلفاً وإلا فلن يعطينا أحد شيئاً.
- السيد رؤوف العيد معاون مدير المؤسسة العامة للاتصالات ذكر أن مسألة متابعة الشركات فيما تقوم به من تجاوزات يحتاج إلى ضابطة عدلية وإلا فكيف ستقوم المؤسسة بضبط كل هذه الشركات وإلزامها بما سبقت وتعهدت به، كما أن هناك صعوبة كبيرة في معرفة أن هناك كميات كبيرة من نوع معين لبطاقات الانترنت قد تم ضخها في السوق المحلية قبل أن يمضي وقت نسمع فيه شكاوى المواطنين الذين هم في نهاية المطاف المشعر الأساسي لأي خطأ، طبعاً هذا لايعفي المؤسسة من مسؤولياتها لكن العملية تكاملية ونحن جميعاً في خندق واحد للحد من أي تجاوزات قد تحصل في سوق النت.
- وتابع العيد: نحن نركز في كل العقود التي نبرمها مع الشركات الطالبة للخدمة أن تحترم الزبون في تعاملها وتيسر له احتياجاته في تأمين بطاقات لخطوط انترنت ذات فعالية كما أننا نقوم بأخذ كفالة تصل إلى خمسة ملايين ليرة سورية من كل مرخص يودعها في مؤسسة الاتصالات لضمان حسن استخدامه لما سبق وقامت المؤسسة به من إعطاء ترخيص نظامي له للعمل في سوق النت، حتى إننا جعلنا المبلغ في الآونة الأخيرة يصل إلى 10 ملايين للضغط على على الشركات وإلزامها بتقديم الأفضل وإلا خسرت مبلغ التأمين، وحتى تطلب الترخيص شركات مقتدرة وذات مصداقية عالية لأنها ستدرك الخسارة الكبيرة التي ستتعرض لها فيما لو لم تنفذ شروط الترخيص التي ألزمتها به المؤسسة.
- وأضاف العيد: لعل ماحدث بمبلغ التأمين أن أصحاب التراخيص أرادوا بسرعة استرداده بطرق ملتوية فقام مزودو خدمة النت بارتكاب جملة من الأخطاء ما انعكس سلباً على السوق.
أما فيما يتعلق بوجود عدة مستثمرين لنفس الترخيص فهذا أمر يتعلق بصاحب الترخيص الذي اتفقت معه المؤسسة حصرياً، ولايجوز له بأي شكل من الأشكال منح هذا الترخيص لغيره دون الرجوع للمؤسسة وإعلامها بذلك حتى تقوم مؤسسة الاتصالات بالإجراءات القانونية مع مستثمر جديد، وأريد أن أؤكد في هذا السياق أن نموذج الترخيص عالي الدقة ولايخول المستثمر إجراء أي تعديلات أو تجاوزات ولكن مع الأسف فالذي يحصل على أرض الواقع ظهر لنا أنه مخالف لما يُكتب على الورق ولم يبقَ إلا أن نضع رقيباً لكل شخص لعلنا نضبط العملية في نهاية المطاف.
- السيد نور الدين صباغ المدير التجاري في مؤسسة الاتصالات قال: إن المؤسسة الآن بصدد إصدار تعليمات جديدة على ضوء الواقع الراهن للحد من التجاوزات والأخطاء التي حصلت في الآونة الأخيرة، وأدت لمشكلات عديدة كان ضحيتها المواطن والموزعون الصغار، أما من جهة إغراق السوق ببطاقات ذات فعالية منتهية فهو أمر نستهجنه ونستغربه لأن ما فعلته المؤسسة العامة للاتصالات يجعل المستثمر شريكاً لها في العملية التنموية لزيادة حجم الفائدة للزبون والارتقاء بخدمة النت حتى تكون متاحة للجميع بأسهل السبل.
ومع الأسف هناك بعض المزودين للخدمة ليس لديهم نية حسنة في التعامل، نحن لسنا ضدهم بالربح ولكن ألا يستطيع هؤلاء الربح دون غش واحتيال أليس ذلك أقصر الطرق لأن يفقد المزود فرصة عمل مهمة ستفيده وتفيد المئات من العاملين معه.
- أضاف السيد صباغ: عندما أبرم البعض اتفاقات مع المؤسسة تركت الأخيرة هؤلاء يعملون دون أن تتدخل في عملهم لكنها حددت لهم أن مستحقات المؤسسة سيتم استيفاؤها من خلال استهلاك الحزمة والبوابات الموجودة عند المؤسسة وليس من خلال البطاقات، إذا كانت «دي إس إيل» وسعر البوابة 600 ليرة سورية أودايل أب وسعر البوابة 400 ليرة ويتم إعطاء المرخص على سعر الميغا باوندس 18300 ليرة على كل ميغا أي نحن نبيعه حزمة.
- من يحمي المستهلك ومن يحمي الموزعين الصغار من أساليب احتيال وخداع جديدة قد يتعرضون لها، صحيح أن الموزع خسائره أكبر بكثير من المستهلك لكن المستهلك في نهاية المطاف قد قامت هذه العملية برمتها من أجله وليكون راضياً وغير فاقد للثقة بسوق النت في وقت باتت هذه الخدمة في كل العالم ميسرة ومؤمنة بشكل سهل لكل مواطن.
في هذا الاتجاه أكد السيد عبد الرؤوف العيد أن المؤسسة أعدت مجموعة من الإجراءات الصارمة والتي تبدأ حسب التجارة من مبدأ العرض والطلب حيث إن السوق هي نفسها ستقوم بتنحية من يستهين بالعملية ويبيح لنفسه الخطأ وإن قدرة أي شركة على كسب الزبون هي مصداقيتها وعملها الدقيق والفعال وليس بالالتفاف على الموزع والمستهلك وأنا أنصح الموزعين الصغار الذين يستجرون بمبالغ كبيرة ألا يرفعوا الأرقام لهذه الدرجة، ومن جهة ثانية أن يبرموا عقوداً بينهم وبين الشركات، عندما يقول فلان أنا اشتريت بمليون ومليونين ألا يستحق هذا المبلغ أن يكون هناك عقد اتفاق شبيه بالاتفاق الذي صاغته المؤسسة مع المزودين الرئيسيين.
- السيد محمد بغدادي رئيس قسم خدمة الزبائن بالمؤسسة العامة للاتصالات قال:
للمحافظة على مصلحة المتضررين من موزعين ومواطنين أعادت المؤسسة الترخيص لشركة تيرانت في 2/5/2010 ولمدة مؤقتة هي سنة تجريبية وفي حال أوفت الشركة بالتزاماتها سيُعاد ترخيصها وتبقى الأمور سليمة لتعمل كباقي مزودات الخدمة، ولاشك أن المؤسسة استفادت من الأمور الحاصلة خلال الفترة الماضية ونحن الآن بصدد إعداد ضوابط جديدة وشروط أكثر صرامة ودقة تبدأ بفرض غرامات مالية كبيرة نعكف في مجلس الإدارة على تحديد قيمتها حالياً لأن من ضمن الشروط السابقة كان هناك عبارة عادية غير ملزمة تقول: يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بحال المخالفة وهي كلمة مطاطة وذات معنىأجوف وستتضمن المخالفات إلغاء الترخيص مباشرة عندما تكون هناك أخطاء شديدة ودفع غرامات متدرجة عند المخالفات الأقل خطورة.
موسى الشماس
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد