ذكرى تقهقر العام 2000: فشل إسرائيل في البقاء والحزام والانسحاب
لمناسبة الذكرى العاشرة للانسحاب من الجنوب اللبناني أكثرت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أمس، من إجراء المقابلــات مع قادة عسكريين أو تقديم تقارير لمعلقين. وأشار العديد من القــادة العسكــريين إلى تعاظم القوة العسكرية لـ«حزب الله» وتزايـد المخاطــر على الجبــهة الداخلية.
وفي مقابلة مع القناة الأولى في التلفزيون الإسرائيلي لمناسبة الذكرى العاشرة لانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب عام 2000، قال نائب رئيس الأركان الجنرال بني غينتس إن «قوة حزب الله تعاظمت بشكل جوهري منذ الانسحاب من لبنان».
وعلى خلفية التصريحات والتهديدات المتبادلة مؤخراً، قال غينتس إنه يؤمن بأن لا مصلحة لأحد في تصعيد الوضع على الجبهة الشمالية، ومع ذلك شدد على أن «الجيش مستعد وجاهز» للحرب في هذه الجبهة إذا تطلب الوضع ذلك. وقال، في إشارة طمأنة للجمهور الإسرائيلي، إلى أنه «رغم التوتر في منطقة الشمال، فإنني أنصح بالسرور لشيوع الهدوء، ولكن لا ينبغي الركون للأمر». وشدد على أن الخطر قائم على الجبهة الخلفية الإسرائيلية وهو «خطر محسوس وجدي جداً، وإذا وقع شيء، لا سمح الله، فإن المواجهة لن تكون ترفاً».
وفي إشارة للمناورة الأخــيرة للجيش الإسرائيلي على الجبهة الشمالية، كتب المعلق السياسي عوفر شيلح في «معاريف» إنها كانت مناورة كبيرة تمت تحت ستار من السرية بسبب مشــاركة قوات احتياطية فيها. وجرى في المناورة التدرب على احتلال منطقة قــروية في الجنوب اللبناني تحوي ما يسمى بـ«المحميات الطبيــعية» التي يستخــدمها «حزب الله».
وكتب عن تفكير عدد من المشاركين في المناورة ممن سبق لهم وخاضوا حرب لبنان الثانية، فهؤلاء كانوا ممن تدربوا على الحرب وليس كما أشيع أن القوات الاحتياطية لم تتدرب ولذلك كان مناسباً للقيادة العسكرية القول إن القوات لم تكن مدربة. ومع ذلك فإن رئيس الأركان الحالي غابي أشكنازي ركز أساساً على أن التدريب «متخصص المهمات»، أي تدريب الوحدات النظامية والاحتياطية بشكل أساسي على المهام التي ستكلف بها.
واعتبر المراسل العسكري لـ«هآرتس» عاموس هارئيل أن «حزب الله» استفاد بعد الانسحاب من الجنوب من ضبط إسرائيل لنفسها والهدوء النسبي القائم لإنشاء مواقع له على طول الحدود، وهي ما خدمته في حرب لبنان الثانية، وهو أيضاً استفاد بطريقة أخرى بعد حرب لبنان الثانية و«لكن بعواقب أوخم» حيث سلح نفسه بما لا يقل عن 45 ألف صاروخ بعضها يغطي كل إسرائيل التي تلتزم الصمت.
وأشار إلى أنه رغم التصريحات الحربية فإن إسرائيل تجنبت أي فعل شديد لمنع أعدائها من امتلاك أسلحة. وأوضح أن الأطراف جميعها تستعد الآن لجولة رابعة، حيث أن الخطر على إسرائيل لم يعد يتمثل في وحدات مقاومة وإنما في آلاف الصواريخ على الجبهة الداخلية. وألمح إلى أن الهدوء قائم بسبب اعتقاد العرب بأن إسرائيل تفقد عقلها، وبالتالي هي غير متوقعة.
ومع ذلك يتوقع بأنه رغم الهدوء لا يزال لبنان يتفرع عن «الجبهة الرئيسية»، وهي مصارعة المشروع النووي الإيراني، وهذا يعني أن السؤال المركزي حالياً هو كيف تتجنب إسرائيل الوقوع في أخطاء الماضي.
وكتب هارئيل أن اثنين، على الأقل، من قادة الجيش الإسرائيلي السابقين هما الجنرالان شموئيل زكاي وموشيه تامير أعربا عن خيبة أملهما من نتائج الانسحاب من لبنان. ووصف تامير، في كتابه «حرب من دون أوسمة»، الجيش الإسرائيلي في لبنان بجيش بطيء الاستيعاب شن حرب استنزاف لا يستطيع أن يكسبها. فالبقاء في لبنان، في نظره، كان «فشلاً منهجياً قاد الجيش إلى الانسحاب المتسرع من طرف واحد من دون اتفاق أمني أو سياسي». أما الجنرال غيورا عنبار، الذي خدم في جنوب لبنان فترة طويلة، فأعلن مراراً أن الحزام الأمني الذي أقيم في الجنوب كان نجاحاً تكتيكياً، لكنه نجاح لم يقد إلى نتائج إيجابية «بل إنه أحيانا قاد إلى انهيار منهجي».
وفي «إسرائيــل اليوم» كتــب الجنــرال المتــقاعد عوديد طيرا أن قوة «حزب الله» تعاظــمت منذ الحرب الأخيــرة وازدادت بشكل كبير قوته النارية ومدى هذه النــيران، بحيث بات تقــريباً قادراً على بلوغ كل نقطة في إسرائيل. وأشار إلى أن انتشار صواريخ «حزب الله» أصبح أعمق مما كان سابقاً، وهو تقريباً يملك كل ما تملك سوريا من سلاح. ويخلص من ذلك إلى أن الخطر الذي يمثله الحزب على إسرائيل بات مكثفاً على قلب إسرائيل وبنيــتها الاســتراتيجية، وكذلك الخطر على الجبهة الخلفية العســكرية بما يتضــمنه من قدرة تشـويش على حشد القـوات الاحتياطــية وتهــديد للقواعد الجويــة والمقرات اللوجستية.
وشدد طيرا على أن الخطر الإضافي هو أنه لم يعد بالوسع إزاحة هذا الخطر بسرعة وبالنيران فقط، ما يجبر إسرائيل على التقدم نحو احتلال مناطق واسعة في لبنان وتطهيرها من الصواريخ. وهذا يعني حرباً طويلة. ولذلك فإن طيرا يطالب بدلاً من المقاربة التي أعلنت الصحف أن قادة الجيش يطالبون بها، وهي العمل بطريقة سياسية لإخراج سوريا من الصراع، إلى مقاربة تدعو لردع دمشق استراتيجياً، عسكرياً وسياسياً. وهو يطالب صراحة بالتهديد بزعزعة نظام الحكم في سوريا لتجنب حرب في لبنان.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد