الاحتلال يرفض سحب قواته والعراقيون يشيعون 125 قتيلا
سار العراقيون، أمس، في جنازات 125 شخصاً، قتلوا امس الاول في سلسلة هجمات وتفجيرات، بعضها انتحاري، في أسوأ يوم دموي يمرّ على العراق منذ مطلع العام الحالي، فيما اعلن مسؤولون اميركيون في واشنطن وبغداد إن المخاوف من تزايد العنف وعدم الاستقرار السياسي دفعت قيادة قوات الاحتلال الأميركية الى إعادة النظر في خطة سحب 50 ألفاً من القوات المقاتلة.
وأشار المسؤولون إلى أن عملية الخفض الأساسية لن تنطلق قبل حزيران المقبل على الأقل، بتأخير شهر عن موعدها، ولكن من دون تخطي الموعد الذي وضعه قائد قوات الاحتلال الأميركي في العراق الجنرال راي اوديرنو نهاية آب المقبل.
وقال احد المسؤولين في بغداد «من وجهة نظر عسكرية، فان أفضل طريقة بالنسبة لنا من اجل المحافظة على الأمن هو الإبقاء على اكبر عدد ممكن من القوات على الأرض، من اجل إعادة نشرهم بسرعة عند الحاجة». وأضاف «إن الأمر الأفضل، بسبب الوضع السياسي غير المستقر، بالنسبة له (اوديرنو) الانتظار أطول مدة يستطيعها».
وقال مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية «عاد التركيز هناك (البنتاغون) على العراق مجدداً»، موضحاً أن كل الخيارات ممكنة ضمنها تأخير عملية سحب القوات، مضيفاً «نحتاج للخروج من هناك بطريقة لائقة وليس التمسك بموعد».
وقال اللواء الأميركي رالف بيكر، أحد ثلاثة نواب لقائد قوات الاحتلال وسط العراق، إن موجة الهجمات أظهرت أن تنظيم القاعدة يحتفظ بقدرته على إثارة العنف في أنحاء العراق وأنه لا ينبغي للقوات العراقية التخلي عن حذرها. وأضاف «بالنظر إلى توقيت الهجمات في بغداد والأنبار، بالإضافة إلى النشاطات التي جرت في الشمال والجنوب، استطيع القول بشكل واضح انه جهد منسق». وأعرب عن دهشته من التفجيرات التي وقعت في البصرة. وقال «نادراً ما نرى مثل هذا النشاط في البصرة».
في هذا الوقت سار العراقيون في جنازات طويلة إلى النجف لدفن قتلاهم. وحمل أقارب القتلى، الذين ارتفع عددهم إلى 125، جثامين أشخاص قتلوا في تفجيرات وهجمات وقعت في بغداد والبصرة والحلة ومناطق أخرى إلى داخل المقام قبل أن يتم دفنها في المقبرة المجاورة، وسط إجراءات أمنية مشددة.
وذكرت «رويترز» إن عدد الجرحى بلغ حوالى 600 شخص. وقالت مصادر أمنية إن 60 هجوما وقعت أمس الأول في 10 مدن وقرى، 11 منها استهدف حواجز أمنية في بغداد، لكن أعنفها التفجيرات التي وقعت في الحلة والبصرة وواسط. وأعلنت قيادة عمليات بغداد اعتقال ثلاثة مسلحين أطلقوا النار على حاجز تفتيش في حي الحارثية غرب بغداد و«ضبط أسلحة كاتمة للصوت بحوزتهم». وأصيب 6 أشخاص في انفجار سيارة استهدف دورية للشرطة في الفلوجة.
وقال نائب وزير الداخلية العراقي الرائد حسين علي كمال لـ«اسوشييتد برس»، «إنها رسالة من أولئك الذين اجتمعوا في سوريا مؤخراً وحلفائهم ليقولوا إن بإمكانهم شن مثل هذه الهجمات» في إشارة إلى اجتماع عقد مؤخراً لأعضاء في حزب البعث والمقاومة العراقية في دمشق مؤخراً.
في هذا الوقت قال رئيس القائمة العراقية اياد علاوي، في مقابلة مع صحيفة «الغارديان» البريطانية نشرتها أمس، «إن الجماعات السياسية في العراق تخلت عن جهود تشكيل حكومة موحدة، وارتدّت باتجاه الطائفية بتشجيع من إيران».
وأضاف علاوي «ما لم تتحرك الولايات المتحدة وحلفاؤها لحماية الديموقراطية الوليدة في العراق، فإن الصراع سيتجدّد ويمكن أن ينتشر في جميع أنحاء المنطقة وقد يصل إلى العالم بأسره، ولا يقتصر على الدول المجاورة». وتابع «إن تصاعد أعمال العنف الطائفي في العراق أصبحت وشيكة ما لم يتمكن القادة السياسيون من إقناع الجمهور الذي ازداد تشككاً، بأن التعهدات التي قطعوها خلال مرحلة الانتخابات بتشكيل وحدة وطنية لم تكن محاولات جوفاء للتشبث بالسلطة».
وقال «هناك بعض الدول، وإيران خاصة، تتدخل في شؤون العراق. وهذا التدخل تكثف في الأشهر الثلاثة الماضية، ويجب أن يتوقف، لأن هذه الدول ملزمة بالسماح للأمور بأن تأخذ مجراها والتوقف عن التدخل في العراق». وحذّر من مضاعفات انسحاب القوات الأميركية قبل استقرار الأوضاع.
وبعد يوم من اجتماعه بزعيم «ائتلاف دولة القانون» رئيس الحكومة نوري المالكي، زار زعيم «المجلس الأعلى الإسلامي العراقي» عمار الحكيم، علاوي، «حيث تمّ تبادل وجهات النظر في ما يجب أن يكون عليه المستقبل القريب في تشكيل الحكومة العراقية».
وقال علاوي «تشرفنا بزيارة السيد، والذي كان واضحاً وشفافاً في طروحاته، مؤكداً أن الحوار البناء والهادف والصريح والانفتاح السياسي مع كل الأطراف هو المدخل الصحيح لبناء عراق يتسع لكل العراقيين، وان أي تحالف لأي من القوى السياسية سيكون محوراً يصبّ في العمل الوطني العراقي بشكل عام»، مؤكداً على «العلاقات الإيجابية بين القائمة العراقية والمجلس الإسلامي».
من جانبه، أوضح الحكيم أن «هذا اللقاء يأتي ضمن سلسلة من لقاءات التواصل التي تسعى إلى تنقية الأجواء والتقارب في وجهات النظر، كما عبرنا عن الرغبة الأكيدة للتحالف الرصين بين الائتلاف الوطني وائتلاف دولة القانون في بناء حكومة الشراكة الوطنية، ولا يمكن أن نمضي قدماً بمعزل عن هذه الشراكة».
من جهة ثانية، ذكرت صحيفة «البينة الجديدة» أن المالكي أوفد وزير النفط حسين الشهرستاني ومدير مكتبه طارق النجم إلى طهران سراً مؤخراً «لترطيب الأجواء وإزالة الجفاء بين الجانبين». وأشارت إلى أن الزيارة تهدف إلى كسب موافقة إيران في «حال ترشيح الشهرستاني لمنصب رئاسة الوزراء».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد