لبنان في قضبة السفارة الأمريكية
لم تنته فصول التسلل الأميركي إلى الحدود اللبنانية السورية، وكشفت الوقائع المتصلة بها اختراقات أمنية خطيرة، تقوم بها السفارة الأميركية للأرجاء اللبنانية، متجاوزة الحد الأدنى من الأصول القانونية والدبلوماسية التي تنبغي مراعاتها في دولة ذات سيادة.
وإذا كانت فضيحة الاتفاقية الأمنية الملتبسة الغايات والأهداف الأميركية قد شكلت معبرا للاستباحة الأمنية للسيادة الوطنية من نافذة مؤسسة قوى الامن الداخلي، فإن زيارة الوفد الأمني الى نقطة المصنع الحدودية، أماطت اللثام عن وجود معابر أخرى، تتسلل السفارة الأميركية من خلالها الى حد الخشية من أن تكون الدولة كلها قد أصبحت في قبضة الأمن الأميركي مع ما يعنيه ذلك من تبعات ومخاطر على أمن اللبنانيين وسلامتهم، فيما ترددت معلومات أمس عن قيام الوفد الأميركي نفسه بزيارة مخيم نهر البارد وبمؤازرة أمنية لبنانية.
وتؤكد المعطيات المتوافرة، أن زيارة الوفد الأمني الاميركي تمت في غفلة من السلطات اللبنانية الرسمية، التي نفت عبر الوزارات المعنية علمها بها، ولكن تبيّن انها نسقت مباشرة ما بين السفارة الاميركية والمدير العام للجمارك بالإنابة شفيق مرعي، ومن خلال مراسلات مباشرة ارسلتها السفارة خلافا للاصول الى مدير الجمارك، ومن دون مخاطبة الوزارة المعنية سواء الخارجية كما تقتضي الأصول، او المالية على اعتبار الجمارك واحدة من المؤسسات التابعة لها.
على ان ما يلفت الانتباه، هو ان الرسالة التي تلقاها مرعي قبل نحو اسبوعين لم ترد من السفيرة الاميركية ميشيل سيسون، بل من ضابط الامن الاقليمي في السفارة بوب بوير، ويفيد فيها بأن وفدا اميركيا من مكتب الامن الدبلوماسي في وزارة الخارجية الاميركية سيزور لبنان. وطلب تحديد موعد معه بهدف مناقشته في برنامج التدريب على مكافحة الإرهاب والعلاقة مع مديرية الجمارك اللبنانية، لتحديد مواد وكراسات التدريب اللازمة، وتحديد التجهيزات الناقصة. بالاضافة الى تحديد مواعيد مع ضابطين برتبة عقيد وضابط برتبة مقدم وضباط وموظفي الجمارك في المصنع، ووفق برنامج زمني محدد يبدأ الثلاثاء 27 نيسان وينتهي الاربعاء في 28 منه.
وقد سارع مرعي الى مراسلة المجلس الاعلى للجمارك بهذا الموضوع، وبناء على تلك المراسلة تم إجراء المقتضى بإبلاغ الضابطة الجمركية في بيروت وإقليم شــتورة والجمرك ـ المصنع .
وفيما ثابرت السفارة الاميركية على التخفيف من وطأة استباحتها للسيادة اللبنانية، ووضع زيارة الوفد في سياق تقديم المساعدة للبنان، وإغنائه بالخبرات التي يتطلبها في مجال مكافحة الارهاب، فإن مصدرا أمنيا لبنانيا أكد أن السفارة الأميركية نسقت مع أكثر من جهاز لبناني لكن تحت عنوان تقديم المساعدات وليس تفتيش المنشآت بالتزامن مع الحملة الأميركية ـ الاسرائيلية ضد لبنان وسوريا في موضوع صواريخ «السكود».
وتزامن ما استجد على صعيد الاختراق الامني الاميركي، مع المتابعة الداخلية لموضوع التهديدات الاسرائيلية المتتالية للبنان وسوريا ولفت في هذا السياق ما اعلنه رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني من ان للتهديدات اسبابا أخرى خارجة عمّا يدّعون. وما يقولونه عن بعض القضايا التي نعتقد بأن لها سلبيات تختلف عما يقولون ويضمرون». فيما اعتبر رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان ان إثارة موضوع السكود هي لقسمة اللبنانيين ومؤكدا ان أي اعتداء اسرائيلي على لبنان سيكون مؤلما لاسرائيل وسيدّفعها ثمنا كبيرا. ولاقاه في هذا الموقف قائد الجيش العماد جان قهوجي بالتأكيد من البقاع الغربي ان الجيش سـيتصدى لأي عدوان، بكل التضحيات.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد