بـان يقـدم تقريـره حـول تنفيـذ الـ1559.
قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إنه على الرغم من التقدم المرضي الذي تحقق نحو تنفيذ القرار 1559، فإن «تواجد الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ما يزال يمثل تهديداً لاستقرار هذا البلد والمنطقة ويمثل تحدياً لحاجة حكومة لبنان وقواته المسلحة ممارسة احتكار استخدام القوة في كل أراضي لبنان. وبالتالي ما زال من المطلوب تنفيذ القرار 1559 للعام 2004 بالكامل». كما زعم أن دولاً عديدة زودته بمعلومات «تعضد المزاعم الخاصة باستمرار تهريب الأسلحة عبر الحدود البرية»، وكذلك قيام «حزب الله بتطوير وتوسيع ترسانته وقدراته العسكرية بما في ذلك أسلحة متطورة بعيدة المدى»، رغم تأكيده في الوقت نفسه أن الأمم المتحدة لا يمكنها التحقق من دقة هذه المعلومات بشكل مستقل.
وأضاف بان كي مون في تقريره الدوري الذي يصدر مرة كل ستة أشهر بشأن تنفيذ القرار 1559، والذي يعدّه مبعوثه الخاص إلى لبنان تيري رود لارسن، أن المناخ السياسي بقي مستقراً بشكل عام في لبنان على مدى الشهور الستة الماضية، ولكنه أعرب عن قلقه من التصعيد الكلامي الذي تشهده المنطقة مؤخراً، وذلك في إشارة إلى التصريحات المتبادلة بين سوريا وإسرائيل، قائلاً إن ذلك انعكس على الوضع في لبنان من خلال تبادل الانتقادات بين القادة السياسيين.
واستعرض التقرير الحادي عشر حول تنفيذ قرار مجلس الأمن 1559 الذي صدر في ايلول 2004، وأدى عملياً إلى انسحاب القوات السورية من لبنان، التطورات التي شهدها البلد منذ نهاية تشرين الاول الماضي، بداية بتكليف الرئيس ميشال سليمان لرئيس الوزراء سعد الحريري بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية بعد خمسة اشهر من الانتخابات البرلمانية، وكيف أن هذا التطور «استفاد من التقارب السوري السعودي». كما تناول قيام الرئيس سليمان بزيارة سوريا في 12 تشرين الثاني من العام الماضي واتفاقه مع الرئيس السوري بشار الأسد «على العمل سوياً لمواصلة دعم الوحدة العربية والاستقرار في المنطقة. كما اتفقا على استمرار التعاون بين بلديهما وتنفيذ قرار القمة التي عقداها في آب 2008».
كما لفت التقرير الانتباه للزيارة التي قام بها الحريري لدمشق في 19 كانون الأول الماضي والمباحثات المطولة التي عقدها مع الأسد، قائلاً بأن تلك الزيارة كانت «تاريخية على عدة مستويات وخاصة أنها الأولى التي يقوم بها رئيس وزراء لبناني منذ الزيارة القصيرة لرئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة لدمشق في تموز 2005. وأكدت التصريحات الصادرة من الطرفين الرغبة في فتح صفحة جديدة. كما مثلت القمة علامة بارزة في تطبيع العلاقات بين البلدين، وكان رد الفعل ايجابياً بشكل عام في لبنان. كما ضخت الزيارة زخماً إيجابياً في المشهد السياسي اللبناني».
وأشار التقرير الى مواصلة إسرائيل احتلالها لشمال قرية الغجر «في خرق لسيادة لبنان وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة». وأضاف أن الجهود الدبلوماسية، لم تؤد كذلك إلى تحقيق أية نتائج في ما يتعلق بحل الخلاف حول مزارع شبعا المحتلة من قبل إسرائيل. كما تناول استمرار قيام الطائرات الإسرائيلية بخرق الأجواء اللبنانية «والتي تؤدي لزيادة التوتر وقد تخلق حادثة قد تتصاعد بسرعة»، معرباً عن أسفه لاستمرار هذه الخروقات.
وقال بان كي مون كذلك إنه «لحظ باهتمام قلق لبنان من العمليات التي تقوم بها شبكة تجسس اسرائيلية مزعومة داخل البلد. وتقوم الجهات الأمنية بمواصلة التحقيقات في هذا الشأن وقامت بمزيد من الاعتقالات».
وأشار التقرير إلى أن منع تدفق الأسلحة إلى الجماعات المسلحة في لبنان هو «أمر اساسي لضمان سيادة لبنان وأمن كل مواطنيه». وفي هذا الصدد أشار إلى أن «عدة دول أعضاء (في الأمم المتحدة) واصلت تزويدي بمعلومات يبدو أنها تعدّ المزاعم الخاصة باستمرار تهريب الأسلحة عبر الحدود البرية. ويقرّ المسؤولون الحكوميون في لبنان بالطبيعة الوعرة للحدود واحتمال وقوع عمليات تهريب للأسلحة. وأنا آخذ هذه التقارير بجدية ولكن الأمم المتحدة لا تملك الوسائل للتحقق من صحتها بشكل مستقل. ولقد أثرت هذا الأمر مع عدة قادة إقليميين وطلبت مساعدتهم في هذا الصدد. يجب على الدول الالتزام بالحظر المفروض على الأسلحة. وهذا عامل أساسي من أجل استقرار لبنان والمنطقة».
ونقل التقرير عن القادة اللبنانيين التزامهم بتحسين مراقبة الحدود البرية لمنع تدفق الأسلحة المحظورة وكذلك الذخائر والأفراد. كما وصف الجهود التي اتخذتها الحكومة حتى الآن عبر قوة الحدود المشتركة بـ«المشجعة.» ولكنه طالب في الوقت نفسه «بزيادة هذه الجهود وجعلها أكثر انتظاماً»، ونوّه بقرار الحريري تعيين الوزير جان اوغاسبيان من أجل الإشراف على هذه العملية، وكذلك بالأثر الإيجابي لتطور العلاقة بين سوريا ولبنان في الإسراع نحو السيطرة على الحدود.
وفي ما يتعلق بحلّ ونزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، قال لارسن إن استمرار تواجد هذ الميليشيات يمثل «خرقاً خطيراً للقرار 1559». وبعد الإشارة لـ «حزب الله» على أنه «الميليشيا الأبرز في لبنان»، وإلى تواجد الجماعات الفلسطينية المسلحة خارج وداخل المخيمات، قال إنه لم يحدث أي تقدّم ملموس نحو نزع سلاح هذه «الميليشيات» خلال فترة التقرير. وتناول ذلك الجزء كذلك البرنامج السياسي الجديد لـ«حزب الله» وكيف أعلن تأييده «للمقاومة» وبشكل أوسع من هدف تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة. كما تناول قيام الأسد باستضافة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في دمشق في نهاية شباط 2010 ووصف السيد نصر الله لذلك اللقاء بـ«القمة» وتوجيهه الشكر لسوريا وإيران لدعمهما «حزب الله» وتقديمهما النموذج في هذا الصدد لبقية الدول العربية. وأضاف أن استمرار تمسك «حزب الله» بسلاحه خارج سيطرة الحكومة بقي موضوعاً أساسياً في المناقشات العامة في لبنان ومصدراً للخلاف سواء في الإعداد للبيان الحكومي أو خلال مسار اعتماد البيان عبر البرلمان.
كما أشار لارسن في تقريره إلى استمراره في تلقي «تقارير تؤكد أن حزب الله قد قام بتطوير وتوسيع ترسانته وقدراته العسكرية، بما في ذلك الأسلحة المتطورة البعيدة المدى بشكل كبير. ولم يقم حزب الله نفسه بنفي هذه التأكيدات ويواصل قادته الزعم في العلن بأن المنظمة تمتلك إمكانيات عسكرية كبيرة، يزعمون أنها لأغراض دفاعية. وإن الأمم المتحدة ليست في موقع يسمح لها بالتحقق من هذه التقارير المتعلقة بقدرات حزب الله العسكرية بشكل مستقل. ولكنني أتناول هذه التقارير بجدية كبيرة».
وأعاد لارسن تأكيده أن قضية نزع سلاح الجماعات المسلحة في لبنان لا يمكن حلّها سوى عبر مسار سياسي لبناني وتحديداً عبر الحوار الوطني الذي عقد جلستين خلال فترة التقرير الأولى في 9 آذار 2010 والثانية في 15 نيسان الحالي. ولكنه أشار إلى أن «الموقف الإقليمي المتوتر غطى على الحوار حول هذه القضية كما لم يجر نقاش ذو مضمون حول سلاح حزب الله رغم بقائه كقضية الحوار الرئيسية بين المشاركين»، بينما اتفق المتحاورون على اللقاء مجدداً في 3 حزيران 2010.
وفي ملاحظاته الختامية، أثنى لارسن على جهود الحريري ووصف الثقة التي حازتها حكومته «بالإنجاز الهام»، متمنياً أن تكون خطوة نحو تقوية سيادة لبنان واستقلاله السياسي ووحدة أراضيه. وأضاف أن لبنان يشهد حالياً «أطول فترة من الاستقرار الداخلي وكل اللبنانيين يجب أن يواصلوا العمل سوياً بروح من التعايش والديموقراطية لحماية الإنجازات التي حققوها منذ العام 2004 نحو تقوية سيادة واستقلال بلدهم ومؤسساته». ولكنه أكد في الوقت نفسه أن الموقف يبقى «هشاً» وأن هناك حاجة عاجلة «لاتخاذ إجراءات ملموسة من أجل الحفاظ على الزخم وتقدم لبنان نحو التأكيد الكامل لسيادته ووحدة أراضيه وفقاً لاتفاق الطائف والقرار 1559».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد