كيري يلتقي الأسد: الانخراط مع سوريا أولوية
جدد الجانبان السوري والأميركي، أمس، تأكيدهما على ضرورة مواصلة الحوار بين البلدين. وفيما أكد الرئيس السوري بشار الأسد على أهمية الدور الأميركي الداعم للسلام، عبر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جون كيري عن التزام بلاده بهذه العملية.
وبرز في كلام كيري، بعد اجتماعه مع الأسد في دمشق، إشارته إلى موضوع تهريب السلاح إلى «حزب الله»، بعد تأكيده أن سوريا «لاعب محوري» في تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، وأن الانخراط معها يشكل أولوية وعلى أعلى مستوى للإدارة الأميركية، موضحاً أن لدمشق وواشنطن مصلحة مشتركة في تبادل وجهات النظر والتصدي للاختلافات.
يأتي ذلك، في وقت تمّ ترحيل جلسة التصديق على تعيين السفير الأميركي الجديد لدى دمشق روبرت فورد إلى منتصف نيسان الحالي على الأقل، أي بعد عطلة الكونغرس الربيعية، بسبب اجراءات بيروقراطية.
وكان 13 سيناتوراً جمهورياً وقعوا على رسالة موجّهة إلى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في 24 آذار الماضي لتذكيرها بضرورة تقديم تقرير للكونغرس حول مدى التزام سوريا بقانون «إيران للحدّ من الانتشار النووي عام 2000»، قبل المصادقة على تعيين السفير الجديد، فيما وجه ثمانية أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ رسالة أخرى إلى كلينتون في الخامس من آذار الماضي، طالبوا فيها بإيضاحات لقرار تعيين فورد. وفي ردها على هاتين الرسالتين، اعتبرت وزارة الخــارجية الأميركية أنّ «انخراطاً اكـبر (مع ســوريا) لــيس تنازلاً، بـل وسيلة لإقنـاع كبار مسؤولي النظام السوري بشكل أكثر فعالية».
وبحث الأسد وكيري العلاقات الثنائية وآفاق السلام والمستجدات في المنطقة. وذكر بيان رئاسي أن الرئيس السوري جدّد «التأكيد على موقف سوريا الساعي لتحقيق السلام العادل والشامل، وعلى أهمية الدور الأميركي الداعم للدور التركي في عملية السلام»، محذراً «من خطورة الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن خطورة استمرار رفض إسرائيل للقبول بمتطلبات السلام».
كما جرى «التأكيد على ضرورة مواصلة الحوار البناء بين البلدين، المبني على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة للوصول إلى حلول ايجابية للقضايا ذات الاهتمام المشترك».
وفي الموضوع العراقي، أعرب الأسد وكيري عن «أملهما في أن تشكل الانتخابات العراقية انطلاقة جديدة لتحقيق أمن العراق واستقراره ووحدته».
وأعرب كيري، الذي عقد اجتماعاً مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم، عن أمله «في المزيد من التقدم في العلاقات بين سوريا وأميركا».
وقال كيري، في تصريح صحافي عقب اللقاء مع الأسد الذي استمرّ بحدود ثلاث ساعات، أن «قرار إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إرسال سفير إلى سوريا، وزيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية وليام بيرنز إلى دمشق مؤخراً دليل على أن الانخراط مع سوريا يشكل أولوية، وعلى أعلى مستوى، للإدارة الأميركية».
وأشار كيري إلى أنه ترأس منذ أسابيع جلسة لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي للاستماع إلى تعيين فورد سفيراً لدى دمشق. وقال «أبلغت الرئيس الأسد أن الرئيس أوباما، وأنا وكلينتون ملتزمون بتسريع عملية تعيين السفير في مجلس الشيوخ»، مشيرا إلى أن فورد سيكون ممثلاً جيداً لسياسات أوباما لدى الحكومة السورية.
ووصف مباحثاته مع الرئيس السوري بالإيجابية. وقال «أجريت مباحثات إيجابية مطولة وشاملة مع الأسد، وقد كنت من أنصار الانخراط السياسي مع سوريا، ومستمرّ في بذل الجهود من أجل تحسين العلاقات الثنائية بين بلدينا»، مؤكداً أن «سوريا لاعب محوري في تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، ولسوريا وأميركا مصلحة كبيرة ومشتركة في تبادل وجهات النظر والتصدي للاختلافات في الرؤى، وينبغي أن تكون كل الجهود منصبة على تحقيق السلام الشامل، كما ينبغي أن نتمكن من العمل معاً».
وأضاف» لقد أجريت والأسد مباحثات إيجابية للغاية حول التحديات الكبيرة التي تواجه المنطقة، واتفقنا على أن هناك عدداً من الوسائل التي من خلالها يمكن لبلدينا، وبلدان أخرى في المنطقة، أن تسهم في تغيير الأوضاع القائمة حالياً، وهدفنا هو التصدّي لبعض المشكلات العالقة التي تمّ استغلالها من قبل البعض، والتي من شأنها أن تحقق اختلافات كبيرة في حياة الناس».
وتابع «سنعمل على تسوية الخلافات من أجل دعم السلام والاستقرار والرخاء في هذه المنطقة»، موضحاً أن «هناك أشياء يمكن أن تقوم بها سوريا وأشياء يمكن أن تقوم بها الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا، بعضها بشكل أحادي وآخر بشكل ثنائي، لكن علينا جميعاً أن نعمل لاغتنام الفرص الحقيقية، فالوقت عدوّ للجميع».
وأشار كيري، قبل أن يتطرّق للموضوع اللبناني، إلى أن «عدد سكان سوريا ينمو بسرعة، وهناك عدد كبير من الشباب الباحثين عن عمل، وينبغي أن نؤمن الفرص المناسبة لهؤلاء». وقال «عبّر الأسد عن اهتمامه الكبير للتصدّي لهذه التحديات».
وأضاف «نحن لدينا مخاوف عميقة إزاء استمرار تدفق الأسلحة من خلال سوريا إلى حزب الله، وينبغي لهذا أن يتوقف من أجل تدعيم الاستقرار والأمن في المنطقة». وتابع «الولايات المتحدة تدعم الجهود السورية لتطوير العلاقات الدبلوماسية مع لبنان وكذلك العلاقات بين الشعبين السوري واللبناني».
وأشار إلى اجتماعه مع رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أمس الأول، قبيل الانتقال إلى دمشق. وقال»أعتقد أن التقدم المحرز بين سوريا ولبنان وآخرين يسهم بشكل كبير في التحول نحو السلام»، معرباً عن أمله في أن «تتمكن الزيارة المقبلة للحريري إلى دمشـق من تعميق هذا التقدم».
يشار إلى أن كيري يعد من أبرز المتحمّسين للحوار مع سوريا، وساهم في الفترة الماضية في تضييق الهوة بين الجانبين، وتسريع خطوات التطبيع بين دمشق وواشنطن.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إقرأ أيضاً:
إضافة تعليق جديد