الفصائل الفلسطينية تتفق على حكومة وفاق انتقالية

19-03-2009

الفصائل الفلسطينية تتفق على حكومة وفاق انتقالية

تواصلت الاجتماعات الفلسطينية في القاهرة، أمس، في إطار نوع من الأخذ والعطاء، والتقدم والتراجع، بانتظار نتائج المباحثات الجارية بين مصر والولايات المتحدة، وعدد من الدول العربية. وبحسب التقديرات السائدة فإن الحوار سينتهي في الغالب مساء اليوم أو صباح غد، حيث ستعود باقي الوفود إلى مقراتها في فلسطين أو الخارج. ومع ذلك، فإن الأجواء على وجه العموم تتسم بدرجة من الإيجابية التي تدفع العديد من المشاركين إلى التفاؤل بقرب التوصل لاتفاق. 
وقالت مصادر أنه بعد مداولات شاقة، فإن لجنة الصياغة اتفقت من حيث المبدأ على أن تجمل نقاط التوافق في وثيقة تسمى وثيقة «الوحدة والتوافق الوطني». وتبدأ هذه الوثيقة بمقدمة تشيد بالدعوة المصرية الكريمة للحوار على أرض الكنانة، وأنه تم التوصل إلى اتفاق على هذه الوثيقة التي ستستند إليها فصائل العمل الوطني وأن اللجان اتفقت على نقاط. وستعرض الوثيقة نقاط الاتفاق الكثيرة التي توصلت إليها اللجان الفرعية في عملها.
وكانت لجنة الصياغة قد شهدت الكثير من الخلافات حول البيان الختامي بما في ذلك حول اعتبار منظمة التحرير ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني حيث لا تريد حماس ذلك، وحول إدراج حق الشعب الفلسطيني في المقاومة حيث تصر فتح على ربط هذا الحق بالمفاوضات أيضا. وهذا ما دفع الجميع في النهاية إلى الاتفاق على وضع مقدمة من عدة أسطر، لا تثير خلافات، والانتقال فوراً إلى ما أجملته اللجان.
ومع ذلك، فإن البيان الختامي ووثيقة الوحدة والتوافق تنتظران الاتفاق على ثلاث مسائل جوهرية تدور حولها خلافات وهي البرنامج الحكومي والقيادة المؤقتة والانتخابات النسبية. ويتوقع المراقبون أن تحسم هذه الخلافات مع عودة مدير المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان من العاصمة الأميركية اليوم.
وأشارت مصادر فلسطينية إلى أن الاتفاق متوقع أن يتم في اللحظة الأخيرة. وهناك أقاويل بأن مصر، وفي حال التوصل لاتفاق كهذا، ستدعو إلى القاهرة كلا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل للتوقيع على الاتفاق في مؤتمر علني. وتضاربت الأنباء حول الموعد المقدر لهذا المؤتمر: يوم الأحد 22 من الشهر الحالي أم الثلاثين منه.
وينتظر المتفاوضون، وخصوصاً من فتح وحماس، ما بات يعرف بـ«الجملة السياسية» التي يمكن لمدير المخابرات العامة المصرية اللواء عمر سليمان الذي التقى أمس وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التوصل إليها مع الإدارة الأميركية. وتتركز هذه الجملة حول الحدود القصوى التي يمكن للأسرة الدولية أن تتقبل بها حكومة توافق فلسطيني وفي أي صيغة سياسية.
ويشرح المصريون للعالم حاجة الفلسطينيين إلى الاتفاق من أجل إعادة إعمار غزة، ومواجهة متطلبات ما بعد الحرب، وصعوبة تقبل الاشتراطات الدولية السابقة. وهذا يعني أن هناك مطالبة مصرية بتخفيف الاشتراطات الدولية على الفلسطينيين لتسهيل التوصل لاتفاق، بعدما تبدت حدود مرونة طرفي السلطة حماس وفتح. وقد لعب الدور الحاسم في هذا التوجه قناعة جميع الأطراف الفلسطينية والعربية بأن عدم الاتفاق ينذر بانفجار وصدامات يتحمل الجميع مسؤوليتها وعواقبها.
وشهد اليومان الأخيران توافقاً في مسائل عدة، وتراجعات عن مواقف أبديت خلال الجلسات السابقة. وهكذا بعدما كان النقاش في لجنة الانتخابات قد نحا باتجاه تحديد نسبة الحسم، وهل ستكون بحدود اثنين في المئة أم ثمانية في المئة، أو شيء في ما بينهما، فقد عاد إلى نقطة الصفر، وهي القانون القديم الذي ينص على المناصفة بين النسبي والدوائر.
وتصر حماس الآن على الدوائر، فيما تصر فتح على الانتخابات النسبية الكاملة. ومع ذلك فإن هناك من يؤكد أن الخلاف حول هذه النقطة ليس جوهريا بحد ذاته، إلا بقدر ما يعزز رغبة الداعين إلى حل رزمة وليس حل تجزئة. ومع ذلك، فإن تقدماً قد حصل على صعيد لجنة المنظمة، حيث أن هذا الموضوع ليس إشكالياً رغم أنه جزء أساسي من رزمة. وهذا التقدم هو أيضا عودة إلى تفاهم تم التوصل إليه قبل يومين، وعادت فتح وتراجعت عنه، ويتعلق بما جاء في اتفاق القاهرة حول تشكيل مرجعية من الأمناء العامين للفصائل.
وكانت فتح عارضت أية مرجعية قد تمس بصلاحية الرئيس محمود عباس فتمت إضافة عبارة تفيد بأن هذه المرجعية لا تمس بالرئيس أو صلاحيات السلطة.
وقالت مصادر قيادية مشاركة في الحوار في القاهرة إن مهمة لجنة الصياغة هو «التحايل» على اللغة، وذلك عبر ترجمة «التفاهمات» إلى لغة سياسية مقبولة من فتح ومن حماس. وهكذا فإن فتح، التي لا تزال تصر على أن تكون الحكومة الفلسطينية المقبلة «مستقلة» و«غير فصائلية»، لا تجد في حماس إصراراً على نقيض ذلك بل تشدداً في مناقشة طبيعة ومهام هذه الحكومة.
غير أنه في حمى البحث العربي والدولي عن مخرج للوضع الفلسطيني الداخلي ثمة من يشير إلى تعقيدات قد تظهر على وجه الخصوص من العنصر الإسرائيلي. وليس ثمة من يستخف بقدرة إسرائيل على التأثير سلبياً على الوضع الفلسطيني سواء بفعل استمرار الحصار أو باستخدام القوة. ومن الجائز أن التعقيدات التي رافقت الفشل في الاتفاق على موضوع تبادل الأسرى مع حركة حماس، قد تعرقل تنفيذ أي اتفاق يمكن التوصل إليه فلسطينياً. وبديهي أن هذا الأمر يتطلب اهتماماً خاصاً من جانب مصر التي ترعى الاتفاق الداخلي الفلسطيني.
وعلى مستوى الموقف العربي من الحوار، وقالت مصادر في دمشق أنّ ثمة تفاهماً سورياً سعودياً على نقاط مشتركة تدخل في إطار المصالحة العليا العربية، وهي تتلخص بتحقيق المصالحة الفلسطينية وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ودعم جهود مصر في هذا الإطار واعتماد المبادرة العربية كسبيل مشروط للسلام. وأشارت المصادر إلى أنّ لدى سوريا اتصالات مع جميع الفصائل الفلسطينية وتدفع باتجاه ترسيخ التفاهم بين هذه الفصائل. وتقول المصادر إن أجواء المصالحة العربية تحسنت في الفترة الأخيرة، ولكن ثمة حاجة لمزيد من الجهد خصوصاً على الخط القطري المصري. 


حلمي موسى  

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...