مخاوف من عودة المحاكمات العسكرية لمعارضي النظام المصري
خلال خمسة أيام فقط أحالت السلطات المصرية اثنين من نشطاء المعارضة لمحاكم عسكرية، بدعوى دخولهم غزة عبر الأنفاق، في إجراء عزز مخاوف البعض من عودة المحاكمات العسكرية لنشطاء المعارضة من غير الإخوان المسلمين.
وقادة الإخوان هم أشهر المعارضين الذين تمت محاكمتهم عسكريا عبر سبع محاكمات، كان أخرها في أبريل/نيسان الماضي عندما قضت محكمة عسكرية على 25 قياديا من بينهم خيرت الشاطر -الرجل الثالث بالإخوان- بالسجن مددا وصلت إلى عشرة أعوام.
لكن تحويل مجدي أحمد حسين الأمين العام لحزب العمل (المجمد) والناشط الطلابي أحمد دومة للقضاء العسكري بعد اعتقالهما في معبر رفح أثناء عودتهما من غزة، بدعوى مغارتهما البلاد بطريقة غير شرعية، أثار التهكنات بعودة هذه المحاكمات كعصا أخيرة يلجأ لها النظام في التعامل مع خصومه.
ومما يعزز هذه المخاوف -بحسب مراقبين- اقتراب انتخابات البرلمان العام القادم، والتي تعهد مسؤولون حكوميون بألا يتكرر فيها "خطأ" حصول الإخوان على نسبة كبيرة كالتي يشغلونها حاليا (حوالي 20% من المقاعد).
يضاف إلى ذلك اقتراب انتخابات الرئاسة وتصاعد الحديث عن إمكانية إعلان الرئيس حسني مبارك (80 عاما) تنحيه نهاية العام الجاري لإفساح المجال لتولي نجله جمال الحكم، وهو إجراء قد يفجر مظاهرات وفوضى داخلية.
وتقول الجماعات الحقوقية إن على السلطات المصرية الكف عن إرسال المدنيين إلى المحاكم العسكرية التي لا يلقى فيها المتهمون ضمانات حماية كافية وليس من حقهم الاستئناف.
حافظ أبو سعدة -الأمين العام للمنظمة المصرية- أوضح أن محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية ترتبط بوجود حالة الطوارئ، مؤكدا أن استمرار تلك الحالة "يكشف وجود نية حكومية لاستخدام عصا المحاكمات العسكرية بوجه المعارضين".
وقال القانون قصر الإحالة للمحاكمة العسكرية في ثلاث حالات، هي أن يكون الشخص عسكريا، أو أن تقع الجريمة داخل منطقة عسكرية، أو يقع الضرر على معدّة أو منشأة عسكرية، لكن حالة الطوارئ فتحت بابا واسعا لإحالة كل المصريين، إذ أنه يجوز في ظلها إحالة كل الأشخاص للقضاء العسكري".
ورفض أبو سعدة القول إن "جرائم الحدود" تابعة للقضاء العسكري، وأوضح أنها تابعة للقضاء التقليدي والقانون الجنائي كما هو الحال في الجرائم التي تقع في المطارات مثلا، موضحا أن الحدود المصرية مع إسرائيل "تحرسها الشرطة وليس الجيش بموجب اتفاقية كامب ديفد، وبالتالي ليس مفهوما تحويل الأمر إلى قضاء عسكري".
ويرجع الناشط الحقوقي إحالة مجدي حسين وأحمد دومة لمحاكم عسكرية إلى "التوتر في تصرفات النظام المصري بعد الاتهامات التي طالت موقفه من عدوان غزة".
وتقول مصادر حقوقية إن مصر شهدت منذ التسعينيات 37 قضية تمت إحالتها إلى القضاء العسكري، بلغ عدد المتهمين فيها 1134، وكان نصيب جماعة الإخوان المسلمين لوحدها 180 متهما في سبع قضايا.
واتفق الدكتور عصام العريان القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين مع الرأي السابق بشأن ارتباط تحويل المدنيين للقضاء العسكري باستمرار حالة الطوارئ، "التي اعتبرت الحكومة في تفسيرها المغلوط للمادة 6 من قانون الأحكام العسكرية أنها تجيز لرئيس الجمهورية إحالة المدنيين للمحاكم العسكرية".
وقال العريان "المحاكمات العسكرية مستمرة منذ عشرين عاما، وشملت نشطاء إسلاميين وغير إسلاميين، وهي تعكس مرحلة توتر وخوف عاشها النظام الحاكم في كل مرة جرى فيها تحويل المدنيين لهذه المحاكم غير الدستورية".
وعن احتمال اشتداد الصراع التقليدي بين الإخوان والحكومة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، قال القيادي الإخواني إن "النخبة السياسية في مصر أيقنت أنه لن تكون هناك انتخابات حقيقية قادمة، ونحن الآن ننتظر المجهول".
وتوقع العريان استمرار المحاكمات العسكرية كأداة قمع للنظام بوجه معارضيه، لكنه حمل مسؤولية ذلك "للنخبة الثقافية والقانونية، التي صمتت عن إحالة الإصلاحيين سواء من الإخوان أو غيرهم للقضاء العسكري".
المصدر: الجزيرة نت
إضافة تعليق جديد