صفقة الأسرى تُحسم الأحد في الكنيست
تراجع رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت عن نيته عرقلة تنفيذ صفقة تبادل الأسرى مع حزب الله خضوعاً لمواقف عدد من قادة الأجهزة الأمنية. وأبلغ أولمرت، أمس، زوجة الجندي الأسير إيهود غولدفاسر التي هددت باسم عائلتي الجنديين برفع القضية إلى المحكمة العليا، أن الصفقة ستحسم في اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأحد المقبل.
وشنت وسائل الإعلام الإسرائيلية حملة شديدة ضد تعامل أولمرت وحكومته مع قضية الأسرى، وأثر ذلك على الوعي الجماعي للجنود الإسرائيليين.
وهددت عائلتا الجنديين في رسالة موجهة لرئيس الحكومة ووزير الدفاع ايهود باراك باللجوء للقضاء إذا لم يقرر أولمرت عرض الصفقة على اللجنة الوزارية خلال 48 ساعة. وطلبتا من الحاخامين الأكبرين لإسرائيل والحاخام الأكبر للجيش الإسرائيلي عدم المشاركة في لعبة سياسية ترمي إلى تقويض صفقة تبادل معقولة، وعدم اتخاذ أية إجراءات لتغيير وضعية الجنديين المخطوفين ما يؤثر على الصفقة.
واستدعت رئاسة الحكومة على عجل زوجة أحد الجنديين كرنيت غولدفاسر للقاء أولمرت. وخرجت من الاجتماع لتعلن أن رئيس الحكومة أبلغها أن الصفقة ستعرض مع كل توابعها وتحفظاتها على الحكومة الأحد. وحسب التقديرات فإن الحكومة الإسرائيلية ستقرّ الصفقة بأغلبية كبيرة في اجتماعها المقبل. وفي كل الأحوال فإن الأمر يتطلب أياماً قد تكون بدايتها ونهايتها في اجتماع الحكومة الأحد، وقد يكون اجتماع الحكومة الخطوة الأولى في عملية أطول.
وكان قرار أولمرت بدء إجراءات الإعلان عن مقتل الجنديين قد دفع إلى إثارة جلبة كبيرة في صفوف الجيش. وقال مصدر مطلع على المفاوضات، للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، «إنهم يستغلون المعلومات الاستخباراتية. ولم تتلق إسرائيل أية معلومات جديدة ومهمة، فمئير داغان، يوفال ديسكين ويورام تورفوفيتش يريدون تقويض صفقة تبادل الأسرى، وهم يضغطون على رئيس الحكومة من أجل عدم تنفيذ الصفقة، ولكنه هو الذي سيتحمل مسؤولية عدم تنفيذها. فالإعلان عن مقتل المخطوفين يعني الحكم بالموت على الصفقة، وهذه لا مبالاة لا أحد يعلم أسبابها. فوزير الدفاع ورئيس الأركان ورئيس شعبة الاستخبارات سبق وأعلنوا تأييدهم للصفقة كما تبلورت».
وأشارت القناة العاشرة إلى أن باراك فهم، خلال جولة له على وحدات الجيش الإسرائيلي قبالة قطاع غزة، أمس، أن للقول الذي شاع مؤخراً أنه يجب عدم استعادة الجنود «بأي ثمن» أثراً مدمراً على نفوس الجنود، ولهذا ســارع لإطلاق رسالة تقول إن «علينا مسؤولية إعادة المخطوفين إلى الوطن حتى إذا كانــوا أمواتاً. وإجراءات الإعلان عن مقتل الجــنديين حتى إذا نضجت لا ينبغي لها أن توقف بأي شكل المداولات حول الصفقة».
ومعروف أنه منذ 3 حزيران الحالي، وبعد تحليل المعلومات المتوفرة منذ عملية الأسر، وحتى ذلك اليوم أوصت لجنة رؤساء الأجهزة الاستخباراتية بتسليم المعلومات للحاخام الأكبر في الجيش لتقرير ما إذا كان الجنود على قيد الحياة. وفي ذلك اليوم اجتمعت لجنة رؤساء الأجهزة الأمنية، حيث عرض كل من رؤساء الشاباك والموساد والاستخبارات العسكرية استنتاجات جهازه بشأن مصير الجنديين، وكان هناك إجماع على أنهما ليسا على قيد الحياة. ورغم ذلك فإن إجراءات الإعلان عن مقتلهما لم تبدأ إلا بعد أن أعلن مبعوث اولمرت لشؤون الأسرى عوفر ديكل أنه أبرم الصفقة التي يمكن اعتبارها صفقة «نهاية الموسم».
بعد إبرام الصفقة برز الاعتراض في صفوف الأجهزة الاستخباراتية، خصوصاً الشاباك والموساد. فقد رفض أولمرت في البداية نقل الملف للحاخام العسكري الأكبر، ولكن الحال اختلف لأسباب غير مفهومة، الاثنين الماضي، حين غيّر رئيس الحكومة رأيه وأمر رئيس الأركان ببدء إجراءات الإعلان عن مقتل الجنديين.
وعرض التلفزيون الإسرائيلي، أمس، وصفاً للحوار الذي جرى في مداولات، الاثنين الماضي، والتي شكلت نقطة التحول. وأشار المراسل السياسي للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إلى وجود خلاف شديد بين أولمرت وديكل. وقال إن ديكل الذي يعارض خطوة الإعلان عن مقتل الجنديين اعتبر في المداولات أن الإعلان عن مقتلهما يعني «وقف المفاوضات» بشأنهما. وأوضح المراسل أن أولمرت لم يعرب عن رأيه في الصفقة، ولكنه عملياً بدأ في تقويضها بإصداره أوامر بدء إجراءات الإعلان عن مقتلهما، وهكذا بدا واضحاً أن أولمرت يقف عملياً ضد موقف ديكل. ويبرر أولمرت موقفه بشأن الصفقة بأنه لا يريد اتخاذ قرار شخصي، وإنما يريد أن تحسم الحكومة في المسألة.
أما القناة العاشرة فذكرت أن نقطة التحول جرت الاثنين في المداولات التي عقدها أولمرت مع رؤساء الأجهزة الأمنية، وحضرها باراك ورؤساء الأركان غابي أشكنازي والاستخبارات العسكرية عاموس يدلين والموساد مئير داغان و«الشاباك» يوفال ديسكين والطاقم السياسي الأمني في وزارة الدفاع عاموس جلعاد ورئيس ديوان أولمرت، يورام تورفوفيتش وديكل.
وبعد أن عرض ديكل تقريره عن الصفقة، معتبراً أنها أرخص صفقة تبادل، واقتبس عن استطلاع للرأي أيّد فيه الجمهور الإسرائيلي الصفقة، دار الحوار في المداولات على النحو التالي:
تورفوفيتش عمل على أن يؤدي دور محامي الشيطان، فقال: في بيروت سيحتفلون بعميد الأسرى اللبنانيين سمير قنطار في الشوارع، بينما سنحصل على توابيت موتى.
انضم للاعتراض داغان، فقال: إذا أعطيناهم القنطار فلن نحصل البتة على أية معلومات عن رون آراد.
وبعدها أضاف ديسكين: بعد هذه الصفقة لن تبذل حماس أي جهد للمحافظة على حياة الجندي جلعاد شاليت، لأننا ندفع أسرى أحياء مقابل جنود أموات.
أشكنازي قال: اتفق مع الجانب الإشكالي الذي أثير هنا، ولكن علينا التزاماً بأن نعيد الجنديين. وأعلن تأييده للصفقة.
رئيس الحكومة ظل حذراً من إبداء موقف، لكنه في نهاية الاجتماع طلب من رئيس الأركان الشروع بإجراءات الإعلان عن مقتل الجنديين.
وأشار التلفزيون الإسرائيلي إلى أن أولمرت غير رأيه مرة أخرى بشأن الصفقة، رغم حرصه على ألا يبدي رأياً علنياً. ولكنه عمل فعلياً من أجل إفشالها. وأوضح المراسل العسكري للقناة العاشرة أن أولمرت ذُعر من ردود الفعل الإعلامية والعسكرية والسياسية على إعاقة الصفقة، ولذلك سارع إلى الإعلان أن اجتماع الحكومة الأحد هو من سيقرر مصير الصفقة.
أما المعلق في القناة الثانية أمنون أبراموفيتش فأوضح أنه طوال سبعة أشهر جرت مفاوضات حول العقبة الرئيسية في الصفقة، وهي الإفراج عن فلسطينيين. وفي النهاية جرى حل هذه المسألة بالطريقة الأفضل لإسرائيل، والتي تنص على أن الدولة العبرية، وهي وحدها، ستقرر عدد الفلسطينيين المراد الإفراج عنهم وأسماء من سيفرج عنهم، وهي صيغة رائعة لأنها تظاهرية. وقال إن الإعلان عن مقتل الجنديين لا يعني شيئاً، لأن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أبلغ المفاوضين: وماذا في ذلك؟ ألن تفاوض إسرائيل من أجل استرداد الجثث؟ وأوضح أنه منذ بدء المفاوضات أعطت إسرائيل الانطباع بأن القنطار ضمن الصفقة، ولكن بعد إقرار ذلك في الحكومة.
وخلص أبراموفيتش إلى أن الاعتبارات وراء هذا التقلب في موقف رئيس الحكومة الإسرائيلي حزبي بحت. وانتقد الخديعة التي حاولت الإيحاء بأن حزب الله هو من تراجع عن الصفقة وأنه اشترط الإفراج عن فلسطينيين، أو أنه وصلت معلومات جديدة، موضحاً أنها ألاعيب داخلية.
من جانبه حاول وزير الدفاع، أمس، تهدئة الخواطر وأعاد التأكيد على أن الجيش الإسرائيلي ملزم بإعادة جنوده حتى لو لم يكونوا على قيد الحياة. واعتبر أن الإعلان عن مقتل الجنديين لا ينبغي له أن يوقف الصفقة أو يعرقلها. ويمكن القول إن المؤسسة العسكرية تلقت منذ الأيام الأولى لعملية أسر الجنديين تقارير طبية واستخباراتية تفيد بشكل قاطع أن أحد الجنديين ليس على قيد الحياة، وأن فرصة الآخر في أن يكون حياً ضعيفة جداً.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إقرأ أيضاً:
فضائح عربية ودولية على المواقع الإسرائيلية
إضافة تعليق جديد