«مفاوضات معقّدة» في صفقة الأسرى مع حزب اللّه
بدا أن إسرائيل تمهد لإفشال صفقة محتملة لتبادل الأسرى، بعدما سربت أمس أن «حزب الله» بات يطالب بإطلاق سراح المئات من المعتقلين الفلسطينيين، في مقابل الإفراج عن الجنديين الإسرائيليين الأسيرين.
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «حزب الله عاد الى مطلبه الأساسي، بأن تفرج إسرائيل ليس فقط عن عدد من السجناء اللبنانيين، وإنما أيضا عن المئات من السجناء الفلسطينيين، في مقابل الجنديين المخطوفين إيهود غولدفاسر وإلداد ريغيف».
اضافت الصحيفة ان موفد رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت لشؤون الاسرى، عوفر ديكل، أبلغ بهذا الشرط الجديد خلال لقاء مع الوسيط الالماني غيرهارد كونراد في برلين الأسبوع الماضي. وتابعت ان اولمرت بحث المطلب الجديد، خلال مناقشات امنية اجراها امس مع ممثلين عن مختلف الأجهزة الاستخباراتية والدفاعية المنخرطة في مفاوضات التبادل.
وشارك في «الاجتماع الخاص» كما وصفته الصحيفة، بالإضافة الى اولمرت، وزير الدفاع ايهود باراك ورئيس الاركان غابي اشكنازي ورئيسا الموساد مئير دغان و«الشاباك» يوفال ديسكين، وديكل.
وأشارت «يديعوت» الى ان اولمرت «رفض بشدة الطلب المتجدد. اسرائيل اعلنت تكراراً إنها لن تفكر في إدخال سجناء فلسطينيين في صفقة لإطلاق سراح ريغيف وغولدفاسر تحت أي ظرف». ورأت ان «حزب الله» يصر على هذا الشرط، بهدف «تعزيز مكانته في العالم العربي كنصير للقضية الفلسطينية... بعد العنف الطائفي في لبنان، الذي سبب تآكلاً كبيراً في سلطته».
وذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» انه طُرح خلال هذا «الاجتماع الخاص»، إمكان الإعلان
رسمياً عن مقتل الجنديين، في ظل عدم معرفة مكانهما أو أين دفنا، وذلك لتفادي مقايضتهما بأسرى أحياء.
ونقلت صحيفة «هآرتس»، من جهتها، عن مسؤول رفيع المستوى في مكتب اولمرت، ان المجلس الوزاري المصغر سيجتمع بعد غد الاربعاء، لكن الصفقة مع «حزب الله» لن تكون على جدول اعماله. وقال المسؤول «حتى ولو اجري تصويت هذا الاسبوع، فسيتطلب الامر اسابيع الى ان تستكمل الصفقة».
ونقلت الصحيفة عن مصادر حكومية على اطلاع على المفاوضات مع «حزب الله»، ان «اسرائيل لا تزال تطالب بمعلومات واضحة عن حالة الجنديين، قبل المصادقة على التبادل. اذا كانا ميتين، وهي فرضية تستند الى إصابة الجنديين خلال عملية الخطف، فستطلق اسرائيل خمسة ارهابيين، يرجح ان يكونوا اعضاء في حزب الله اسروا خلال حرب لبنان الثانية، والإرهابي سمير القنطار، في مقابل جثتين». وأوضحت مصادر حكومية ان غالبية الوزراء الإسرائيليين، دعموا الصفقة وإن كان الجنديان ميتين.
وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي قد ذكرت ان مسؤولين في أجهزة الاستخبارات اوصوا أمام الحكومة، بالإعلان أن الجنديين «شهيدان غير معروف مكان دفنهما»، وذلك استناداً إلى أدلة استخباراتية تشير إلى وجود «أكثر من احتمال كبير» بأن الاثنين ليسا على قيد الحياة.
ووضعت أجهزة الاستخبارات توصيتها قبل أسابيع، وعلى ضوء ذلك أوصى جهاز الأمن الإسرائيلي أمام الحكومة بعدم الموافقة على صفقة تبادل يتم من خلالها إطلاق سراح القنطار ومواصلة اعتباره «بطاقة مساومة» لدى إسرائيل. وأشارت توصية جهاز الأمن إلى أن إطلاق سراح القنطار وإعادته إلى لبنان، من شأنه أن يشكل خطراً على سلامة الجندي الإسرائيلي الأسير في غزة جلعاد شاليت، لأن الإفراج عن القنطار سيجعل حركة حماس تدرك أن إسرائيل مستعدة لدفع ثمن غال، حتى في مقابل جنود موتى.
ودخل مصير شاليت بقوة على صفقة التبادل بين إسرائيل و«حزب الله»، بعدما أمرت المحكمة العليا الاسرائيلية امس بأن تبقى معابر غزة مغلقة حتى ظهر اليوم، كما اوصت بأن يلتقي والد شاليت اليوم رئيس الطاقم السياسي الأمني في وزارة الدفاع الاسرائيلية عاموس جلعاد، الذي توصل الى اتفاق التهدئة مع المصريين، وذلك لاستيضاحه حقيقة الاتفاق. وعليه سيبقى الحصار مفروضاً على القطاع، الى ما بعد هذا اللقاء.
وكان محامو أسرة شاليت قد رفعوا التماساً الى المحكمة العليا، لمنع تنفيذ أي اتفاق يقضي بفتح المعابر في غزة أو تخفيف الحــصار، الى ان «يفرج الذين يحتجزون شـــاليت عنه أو تقدم ضمانات بالإفراج عنــه».
وفي إشارة الى الطيار الاسرائيلي رون اراد، المفقود في لبنان منذ عام ,1986 يقول الالتماس إن «كل جهود اسرائيل للإفراج عن رون اراد لم تفضِ الى شيء، وذلك يعود في جزء منه الى الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، التي لم تستفد من عوامل القوة التي كانت تمتلكها»، داعياً اصحاب القرار الى التعلم من «الدروس السابقة واستخلاص النتائج الضرورية» لإطلاق سراح شاليت.
وقال والد شاليت، نعوم، «اعتباراً من الوقت الذي نفقد فيه أي وسيلة ضغط، فإن حماس ستطيل المفاوضات (حول إطلاق سراح شاليت) لمدة عامين إضافيين او حتى خمس سنوات او عشر سنوات. ويمكن ألاّ نرى أبداً جلعاد».
وشمل الالتماس، الموجه ضد كل من اولمرت وباراك ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني، رسالة مكتوبة بخط اليد من شاليت تلقتها الاسرة قبل اسبوعين. وقال شاليت في الرسالة، المؤرخة في «حزيران 2008»، إنه يعاني من صعوبات طبية ونفسية ومن حالة اكتئاب. أضاف «لا ازال افكر وأحلم باليوم الذي يطلق سراحي فيه، وأراكم مجدداً. لا أزال آمل ان ذلك اليوم قريب، لكنني ادرك ان الامر لا يتوقف عليَّ او عليكم»، موضحاً «اطلب من الحكومة ألاّ تهمل المفاوضات للإفراج عني».
وأرفق بالالتماس، الذي رفعته عائلته شاليت الى المحكمة العليا، رسالة وجهتها تامي زوجة اراد، الى اولمرت، تقول فيها إن «الأخطاء التي ارتكبت مع رون، يجب ألاّ تتكرر مع جلعاد... من خبرات سابقة، ثمة وسيلة واحدة فقط لإعادة اسير وهو على قيد الحياة: ان ندفع في مقابل إطلاق سراحه. ومع مرور الزمن، يرتفع السعر وتتضاءل الفرص، لأننا ننتهي بأن ندفع الثمن لأسرى قتلى ايضاً».
وكان الادعاء العام في إسرائيل قد رد على الالتماس، مشدداً على ان المفاوضات التي ستجرى قريباً حول صفقة محتملة لتبادل الأسرى تشمل شاليت، «لم تكن لتبدأ لو لم ننجز اتفاق التهدئة»، مضيفاً انه «يتعين على المحكمة الموقرة ألاّ تحوز سلطة ان تأمر الدولة بانتهاك اتفاقات دبلوماسية قــائمة مع كيان أجنبي».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد