لبنان: سليمان يتدخّل ولقاء قريب مع عون
انخفض منسوب التفاؤل بإنجاز التأليف الحكومي في لبنان سريعا، وبدأ البعض، من هنا أو هناك، يتقصى عن وجود «حلقات غير لبنانية»، بعدما كان لسان حال الجميع أن العقد القائمة تقنية ولبنانية وليست سياسية أو خارجية.
غير أن انخفاض المنسوب التفاؤلي، خاصة بعد التصريح الأخير لرئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة من القصر الجمهوري، أحدث دينامية جديدة، وتتمثل في دخول رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على خط الاتصالات لازالة العقد التي تعترض حكومة العهد الأولى، نظرا لما يمكن أن تستبطنه أي محاولة لتأخير الولادة الحكومية، وخاصة على مستوى الشارع اللبناني الذي ينتظر اكتمال نصاب المؤسسات حتى يعاد الاعتبار الى قضايا الناس الحياتية والمعيشية.
وفضلا عن دخول رئيس الجمهورية، ثمة حديث بدأ يدور بين جهات داخلية وأخرى خارجية حول الفائدة من عودة الراعي القطري الى بيروت لاستكمال تنفيذ بنود اتفاق الدوحة، في ضوء حالة المراوحة التي بدأت ترتسم معالمها داخليا، من دون أن يحسم القطريون موقفهم، علما بأنهم لم يقطعوا خطوط الاتصال بينهم وبين عدد من القيادات اللبنانية الأساسية. فيما تحدثت مصادر دبلوماسية في واشنطن عن احتمال توجه موفد أميركي الى العاصمة اللبنانية هذا الأسبوع من أجل قراءة مرحلة ما بعد اتفاق الدوحة.
واللافت للانتباه أن الاقتراح الذي طرحه رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون، غداة تدشين خطوط الاتصال بينه وبين رئيس الجمهورية، أدى الى تحريك جزئي للوضع الحكومي، خاصة أن اقتراحه القاضي بأن يعطى رئيس الجمهورية الحق بتسمية وزيرين مسيحي ومسلم، تعاملت معه الموالاة والمعارضة بجدية، حيث أكدت مصادر الرئيس المكلف انها تدرس الاقتراح بإيجابية، لكنها تحتاج الى توضيحات حول موقف رئيس الجمهورية منه وكذلك موقف المعارضة بالاضافة الى معرفة سبل ترجمته عمليا، وما هو المقصود تحديدا حول حق رئيس الجمهورية بتسمية وزير مسلم، وهل يكون وزيرا سنيا أم شيعيا؟.
وسجلت مصادر مواكبة للمشاورات الهادفة للتأليف الحكومي، حصول اتصالين، امس، بين الرئيس سليمان والعماد عون، وذلك بعد اتصال أول حصل قبل 48 ساعة، وهو الأمر الذي اعتبر «تطورا ايجابيا» في مسار العلاقة السياسية بين الاثنين، يمهد للقاء وشيك جدا بينهما في القصر الجمهوري، ويقطع الطريق على كل محاولات وضع اقتراحات العماد عون في وجه رئيس الجمهورية، علما بأن نواب جبيل في تكتل التغيير والاصلاح وليد خوري وشامل موزايا وعباس هاشم زاروا سليمان في دارته في عمشيت أمس، وقدموا اليه التهاني مجددا بانتخابه، وأبلغوه أن هدف اقتراح العماد عون هو تعزيز الخيار التوافقي الذي يمثله رئيس الجمهورية بوصفه رئيسا لكل اللبنانيين وليس لطائفة معينة، وبالتالي يجب أن تكون خياراته في الحكومة معبرة عن صورة انتخابه من دون أن يتم ذلك لا على حساب المسيحيين ولا المسلمين، بل هو توافق يحمله ويتحمله ويتقاسمه كل اللبنانيين تعبيرا عن تمسكهم بخيارات رئيس الجمهورية الوطنية والتي عبر عنها خطاب القسم الرئاسي.
وبينما تحدثت بعض المصادر المتابعة عن مخرج قيد النقاش يتمثل في عرض حقيبة العدل على العماد عون، بوصفها حقيبة «سوبر سيادية»، قالت مصادر في المعارضة ان السلتين اللتين أرسلهما الرئيس السنيورة للعماد عون، لم تتضمنا اسماء أربع وزارات، بينها وزارتان اساسيتان وهما العدلية والاتصالات «وهذا أمر سيكون قيد البحث لاحقا، خصوصا أن المعارضة طالبت تحديدا بوزارة الاتصالات باعتبارها وزارة سيادية في الجو والبحر والبر»، على حد ما وصفها الرئيس بري، وأضافت أنه لن يكون مسموحا بعد الآن «تطويب وزارات لهذه الجهة أو تلك أو تحريمها على أطراف سياسية معينة».
وأعربت مصادر معارضة عن استيائها من موقف الرئيس السنيورة وتخييره المعارضة بين حقيبتي الخارجية والمالية. ووضعت موقفه «في خانة تعطيل تشكيل الحكومة وليس تسهيلها، ولا سيما انه ينطوي على محاولة لاحداث صدوع في جسم المعارضة وكسر العماد عون». واشارت المصادر نفسها الى ان الرئيس بري الذي سبق واطلق قبل نهاية الاسبوع مواقف تستعجل تأليف الحكومة واعلانها قبل امس الاحد، عاتب الرئيس السنيورة خلال مشاركته في حفل زفاف كريمته، أمس الأول، في «البيال» على هذا الموقف.
ونقلت مصادر مطلعة على موقف الرئيس سليمان توقعه حصول تطور ايجابي خلال الـ 24 ساعة المقبلة يمهد لحل الازمة الحكومية خلال ايام قليلة.
إضافة تعليق جديد