السلطة تدفع لبنان باتجاه مخاوفه والمعارضة مازالت تراقب
ضربت حكومة رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة بعرض الحائط كل التحذيرات والنصائح لها بعدم الانزلاق الى ملفات خلافية تهدد بانقسام البلاد، وقررت بدفع دولي واقليمي وداخلي خوض مواجهة مع «حزب الله»، تحت عنوان عدم شرعية شبكة الاتصالات الهاتفية والدعوة الى ازالتها، ولكن الأخطر من ذلك، هو انجرارها الى الكمين الذي نصبه لها النائب وليد جنبلاط، عبر اتخاذ «قضية الكاميرات غير المقنعة»، ذريعة لإزاحة قائد جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير من منصبه، وذلك باتخاذ قرار بإعادته الى ملاك الجيش اللبناني، الأمر الذي قد يفتح الباب في الساعات المقبلة، أمام وضع الملف الأمني بكل تداعياته وعناوينه أمام معطيات جديدة، فضلا عن احتمال انعكاس ذلك على مجمل الوضع السياسي العام في البلاد.
وجاءت قرارات الحكومة، امس، بعد جلسة ماراتونية استمرت حتى ما قبل الخامسة من فجر اليوم، عقدت في السرايا الكبيرة، هي الأطول في تاريخ الحكومات (نحو 11 ساعة)، خصصت لمناقشة جدول أعمال من أكثر من نحو 300 بند، لكن البنود التي استحوذت على الحيز الأوسع من المناقشات هي تلك التي تناولت قضايا من خارج جدول الأعمال مثل قضايا أمن المطار وشبكة الاتصالات الهاتفية للمقاومة وحادثة السعديات والوضع الأمني العام، بالاضافة الى قضية زيادة الأجور في ضوء القرار الذي اتخذه الاتحاد العمالي العام باعلان الاضراب التحذيري يوم غد.
وبينما كان متوقعا أن يحيل مجلس الوزراء قضية المطار الى القضاء المختص، على أن يصار الى تكليف الجيش بمتابعة قضية شبكة الاتصالات الهاتفية، بدا أن مجلس الوزراء، قرر اعتماد اسلوب صدامي، بانت معالمه واضحة من خلال المداخلة الافتتاحية لرئيس الحكومة التي تحدث فيها عن استمرار التهديدات لسيادة الدولة، متوقفا على وجه الخصوص عند ما اسماه استهداف مطار بيروت وتمديد «حزب الله» لشبكة هاتفية.
وقد قرر مجلس الوزراء في موضوع الشبكة الهاتفية التي «أقامها حزب الله على امتداد الأراضي اللبنانية»، كما جاء في البيان، أنها «غير قانونية وغير شرعية وتشكل اعتداء على سيادة الدولة والمال العام وقرر اطلاق الملاحقات بحق كل من يثبت تورطه فيها أحزاباً وشخصيات الخ».. ورفض المجلس «الادعاء أن حماية «حزب الله» تستوجب مثل هذه الشبكة كما رفض اعتبارها مكملة لسلاح «حزب الله». وقررت الحكومة تزويد الجامعة العربية والمجتمع الدولي بتفاصيل ما أسمته «الاعتداء» وكلفت الادارات المختصة بمعالجة ما أسمته «الوضع الشاذ» باعتبار أن ملكية هذه الشبكات هي للدولة.
وأقر مجلس الوزراء تصحيح الأجور عبر رفع الحد الأدنى الى 500 ألف ليرة لبنانية وصرف زيادة مقطوعة للعاملين في الادارات والمؤسسات العامة والبلديات بقيمة 200 الف ليرة شهريا و100 الف ليرة للمتقاعدين.
وقرر مجلس الوزراء تثبيت 673 استاذا في جميع كليات الجامعة اللبنانية ومعاهدها، كما قرر تثبيت ما يزيد عن 7500 عنصر متعاقد مع قوى الأمن الداخلي.
كما قررت الحكومة زيادة بدل ساعات التعليم بحيث تصبح الزيادة 3000 ليرة للابتدائي و4000 ليرة للمهني (الثانوي) و6000 ليرة للجامعي.
وقد سبقت جلسة مجلس الوزراء، مراسلات بين المعارضة والحكومة، عبر وسطاء مختلفين، حيث أبلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس الحكومة فؤاد السنيورة رسالة شديدة اللهجة باسمه وباسم الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله ورئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان بأن أية محاولة للمس بموقع العميد وفيق شقير في المديرية العامة لأمن المطار «تعني ملامسة المحرمات وليس فقط الخطوط الحمر».
وقد رفض الرئيس بري التعليق على المعلومات حول الرسالة الشديدة اللهجة التي ارسلت من قبله للموالاة، وقال ان الوضع الداخلي «سيئ للغاية وأعتقد أن مقاومة ما يجري لا تكون الا بالعودة للحوار، والا فان البلد معرض للدخول في دائرة المجهول».
أما «حزب الله»، فقد لخّص موقفه مما يجري بكلام لنائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم في حوار مع «المنار»، وقال فيه تعليقا على موضوع الكاميرات في محيط المطار، إن هذا «الموضوع تافه جدا». وردا على سؤال حول شبكة الاتصالات الهاتفية، أكد قاسم إنها «توأم لسلاح المقاومة وهي جزء من الحماية»، مشددا على استعداد الحزب لمواجهة أي عدوان اسرائيلي محتمل.
وبينما واصل النائب جنبلاط وبعض قادة الموالاة، حملتهم على «حزب الله»، خاصة في موضوع شبكة الاتصالات وكاميرا المطار(...)، رد رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون فقال بعد اجتماع التكتل إن شبكات كهذه تستعمل في اطار الدفاع عن لبنان، واشار الى استقدام الحكومة آلات بهدف التنصت على شبكات الهاتف، وحذر من أن هناك من يفكر بإبقاء الوضع على ما هو عليه حتى تجري الانتخابات النيابية وفق قانون عام .2000
ورد عون على كلام جنبلاط، بشأن بلوغ شبكة الاتصالات منطقة كسروان جبيل، فتساءل «هل أصبح جنبلاط اليوم يريد الدفاع عن جبيل؟ فليُرجع المسيحيين الى الجبل الذي هجرهم منه».
وحول ما يثار عن موضوع المطار، لفت عون الى أن البنايات المحيطة بالمطارة كفيلة بتأمين المراقبة اذا اراد «الحزب» ذلك، وهو بالتالي ليس بحاجة الى الكاميرات التي قيل إنها متواجدة حول المطار. وقال إن الخطوة التي اقدم عليها النائبان غسان مخيبر وغسان تويني، أمس، يجب أن تشكل قاعدة للبحث في قانون الانتخاب.
وتوجه عون بنداء الى أصحاب العمل للمشاركة في تظاهرة السابع من أيار بهدف اخراج الحكومة من السرايا «التي هي سبب نكبة لبنان».
ويذكر أن مجلس الوزراء ناقش معلومات تتعلق بامكان تحول الاضراب النقابي الى مناسبة للقيام بما اسمتها «التقارير الأمنية» أعمال شغب وقطع طرق. وقد تقرر تكليف الجيش وقوى الأمن بتعزيز الاجراءات لمنع أية محاولة للاخلال بالأمن.
واكد الاتحاد العمالي العام المضي في تنفيذ الاضراب العام غدا الاربعاء. وعقد المجلس التنفيذي للاتحاد اجتماعا، امس، اذاع بعده رئيسه غسان غصن بيانا، اصر فيه على تصحيح الحد الادنى ليصبح 960 الف ليرة، على ان تزاد عليه نسبة 10 في المئة كغلاء معيشة من اول العام الحالي حتى اليوم. ورفض مقايضة وقف الاضراب بزيادة هزيلة على الاجور.
ودعا الاتحاد العمالي، جميع الفئات العمالية في قطاعاتها ومناطقها كافة للمشاركة في الإضراب السلمي والديموقراطي، محذرا أرباب المؤسسات الخاصة من حسم اجر يوم الاضراب، ومهددا باضراب مفتوح في أي مؤسسة تلجأ الى ذلك.
وفي موازاة الوضع المعيشي المتردي برزت في الساعات الأخيرة، ازمة جديدة تتمثل في زيادة تقنين الكهرباء ووقف معملَي البداوي ومجموعة في صور نتيجة فقدان المازوت وتأخر الاعتمادات لاربع بواخر تنتظر امام الشاطئ اللبناني منذ اسابيع، بسبب تأخر الاعتمادات من قبل الدولة، مما يرتب رسوماً اضافية بدل انتظار لهذه البواخر، يصل الى حوالى 3 ملايين دولار تقريباً.
وقد سجلت أسعار المحروقات ارتفاعات كبيرة خلال شهر نيسان الماضي وحده، حيث زاد سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان 2100 ليرة لبنانية، ليصل الى 27900 ليرة، أي بزيادة نسبتها حوالى 8.2 في المئة، في مقابل 28700 ليرة لصفيحة البنزين 98 أوكتان، بزيادة بلغت أيضا 2100 ليرة، أو ما نسبته 7.9 في المئة.
كما ارتفع سعر المازوت 1700 ليرة، ليصل سعر الصفيحة الى 31800 ليرة، كما زاد سعر صفيحة الكاز 2700 ليرة، ليصل الى 32500 ليرة، بزيادة بلغت نسبتها 9.1 في المئة.
وواصلت أسعار المواد الغذائية ارتفاعها في شهر نيسان بالمقارنة مع آذار الماضي، وسجلت أسعار الحبوب ومشتقاتها ارتفاعات كبيرة، وخصوصا في اسعار الارز التي زادت بنسب تراوحت بين 12.5 و43 في المئة خلال شهر واحد، كما ارتفعت أسعار مشتقات الحبوب من الزيوت بنسب تعدت الـ11 في المئة.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد