التلوث بالضجيج ومكافحته
يشكل الضجيج في هذه الأيام، التي يستعد فيها الطلاب لتقديم امتحان الشهادتين الاعدادية والثانوية، وكذلك طلاب الجامعات وطلاب المراحل الانتقالية، ليحصدوا جهد عام كامل من الدراسة هاجساً كبيراً، إذ ان هذا النوع من التلوث يؤثر على وضع الطلاب النفسي، ويجعلهم يعانون من توتر وعدم قدرة على التركيز في دراستهم، ويكون استيعابهم للدروس أقل.
قانون البيئة رقم 50 لعام 2003 عرّف حماية البيئة بأنها مجموعة النظم والإجراءات، التي تكفل استمرار توازن البيـئة وتكاملها الإنمائي، وتحافظ على بيئة سليمة صالحة للاستمتاع بالحياة والاستفادة من الموارد والممتلكات على خير وجه.
ويأتي تلوث البيئة من مصادر متعددة وله أشكال مختلفة، من هذه الأشكال التلوث بالضجيج، فقد نصت المادة 26 من القانون بأن تحدد مصادر الضجيج ومواصفات الحد الأعلى لتلك المصادر، وبيان كيفية تجنبها او التقليل منها إلى الحد الأدنى المسموح به بيئياً، بمقتضى تعليمات يصدرها مجلس حماية البيئة، وكل من يخالف هذه الأحكام يعاقب بالغرامة من عشرة آلاف ليرة سورية إلى خمسين ألف ليرة سورية وبالحبس لمدة لا تزيد عن شهر، او بإحدى هاتين العقوبتين.
والضجيج البيئي المزعج، الذي يتعرض له الإنسان يؤثر على صحته النفسية والعصبية ويسبب له الضيق والقلق، مما يعتبر انتهاكاً لراحة الإنسان وحقه في التمتع بالهدوء.
- كانت المدن السورية قبل عقود من المدن الهادئة إلا من صوت الباعة الجوالين والأصوات المنطلقة من بعض الصناعات اليدوية والقليل من السيارات، التي تعبر الطرقات بين الفينة والأخرى، ولكن هذا الواقع تبدل تبدلاً جذرياً، وغدت معظم المناطق الحضرية وحتى التجمعات الريفية مرتفعة فيها مستويات الضجيج، التي تجاوزت كثيراً الحدود المسموح بها، وقد بينت أحدث الدراسات، التي قامت بها هيئة الطاقة الذرية حول الضجيج، ان متوسط مستويات الضجيج في معظم مناطق دمشق تتراوح بين 70 و80 ديسبل - A، والأمر نفسه في مدينة حلب، وحتى في المناطق السكنية، التي يجب ألا تزيد مستويات الضجيج فيها نهاراً عن 55 ديسبل - A، وكانت مستويات الضجيج مرتفعة أسوة في البيوت السكنية او المستشفيات، حيث ان مستويات الضجيج في المستشفيات أعلى من الحدود المسموح بها بمعدل أكثر من 30 ديسبل - A، والأمر نفسه في المناطق التجارية والصناعية سواء في مدينة دمشق او حلب.
ان ما يزيد من خطورة الضجيج الاختلافات الكبيرة في مستوياته بين لحظة وأخرى، إذ قد تصل الفروقات أحياناً إلى 30 ديسبل، وهذا ناجم عن الأصوات المفاجئة الناتجة من أبواق السيارات ومن مرور الدراجات النارية والحافلات والشاحنات وغيرها، كما تبقى مستويات الضجيج مرتفعة حتى بعد التاسعة مساء.
لقد أضحى من الضروري اعتماد حدود قصوى لمستويات الضجيج ليصار للعمل بها للحد من هذه الظاهرة المزعجة، خاصة بعد صدور القانون رقم 50، واستكمالاً للوائحه التنفيذية، حيث نصت الفقرة /1/ من المادة /26/ على ان تحدد مصادر الضجيج ومواصفات الحد الأعلى لكل المصادر، وبيان كيفية تجنبها والتقليل منها إلى الحد الأدنى المسموح به بيئياً بمقتضى تعليمات يصدرها مجلس حماية البيئة.
الإجراءات المقترحة
- تعميق نشر الوعي حول الضجيج واخطاره على الصحة العامة، وخاصة على صحة الأطفال ونموهم الجسدي والفكري.
- التخفيف من الضجيج داخل المدارس والمشافي بزراعة باحات ومحيط المدارس وطرقات وباحات المشافي بحزام من الأشجار.
- متابعة تطبيق قانون السير، الذي ينص على منع الضجيج الصادر عن السيارات واستعمال منبهات السيارات.
- إلزام أصحاب الصناعات التي يصدر عنها ضجيج بوضع الأجهزة الصادة للضجيج على أرضيات عازلة او مواد عازلة للصوت.
- إحاطة المدن بحزام أخضر وزيادة مساحة الحدائق والمنتزهات وزراعة الشوارع والمنصفات والأرصفة بالأشجار.
- نقل الصناعات المضرة بالصحة والبيئة، التي ينتج عنها ضجيج إلى خارج الحدود الإدارية للمدن وإنشاء مناطق خاصة لها.
محمود شبلي
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد