الأتراك ينجحون في إجهاض مشروع اعتراف أمريكا بمذبحة الأرمن
مرة أخرى انتهى الجدل بين تركيا والولايات المتحدة حول الاعتراف بما يسمى “المذابح العثمانية للأرمن” عام ،1915 وتحميل تركيا وريثة الإمبراطورية العثمانية المسؤولية القانونية وما قد يصاحب ذلك من دفع تعويضات للأرمن. بعد ما انتهى نفس الجدل بنفس السيناريو مرات عديدة من قبل بعد أن أثير من جانب فرنسا أو الولايات المتحدة الأمريكية.
وكالعادة نجحت الدبلوماسية التركية هذه المرة في إجهاض مشروع قانون بمجلس النواب الأمريكي يعترف بما يسمى “المذابح التركية” للأرمن عام 1915 واعتبارها جريمة إبادة جماعية، فقد كانت ردة فعل تركيا على المشروع عنيفة وحاسمة حيث استدعت سفيرها في واشنطن للتشاور وألغت زيارة وزيرين تركيين لواشنطن وهددت بآثار وخيمة على العلاقات الوطيدة بين البلدين في حالة إقرار المجلس ثم الكونجرس بمجلسيه “النواب والشيوخ” لمشروع القانون.
مثل هذا المشروع لو كان تم إقراره وتمريره لكانت تركيا مدانة بارتكاب المذابح وتحملت ما يترتب على ذلك من آثار أخلاقية وقانونية ومدنية منها الالتزام بدفع تعويضات وإلحاق تشويه بسمعتها الدولية وربما عدم الاستعانة بقوات منها في عمليات حفظ السلام الدولية.
أدت ردة فعل الحكومة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان إلى سحب (15) عضوا بمجلس النواب توقيعاتهم من مشروع القانون فتقلص عدد الموقعين على المشروع إلى 211 نائبا أي اقل 7 أصوات من النصاب القانوني لإقرار المشروع.
العامل الثاني الذي دفع إلى تجميد مشروع القانون هو رفض الإدارة الأمريكية له حيث عارض الرئيس الأمريكي جورج بوش وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع روبرت جيتس المشروع باعتباره يهدد العلاقات مع دولة حليفة عضو بحلف شمال الأطلسي (الناتو) والمصالح الأمريكية.
هناك سبب آخر أدى إلى هذه المعارضة من الإدارة الأمريكية. يقول المستشار حسن أحمد عمر خبير القانون الدولي إن هذا السبب يتعلق بتوسط الصهيونية في هذا المذابح المفترضة. ويضيف: أن زعماء يهوداً أعربوا وقتها عن استعدادهم لمساعدة الدولة العثمانية على القضاء على الأرمن مقابل وعد بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين والسماح بالهجرات اليهودية إلى فلسطين، باعتبار أن فلسطين آنذاك ولاية عثمانية.
ويضيف: أن ذلك ليس اتهاماً بل اعتراف ورد في مذكرات الزعيم الصهيوني تيودور هيرتزل حيث بعث رسالة إلى السلطان العثماني يؤكد فيها استعداده وقدرته على وقف الحملات الدعائية في أوروبا ضده وعلى إسكات الرأي العام الأوروبي المناوئ له بسبب سياسته تجاه الأرمن مقابل السماح لليهود بإقامة دولة لهم في فلسطين.
ويشير حسن أحمد عمر إلى أنه لهذا السبب وليس من أجل عيون تركيا تتعاطف “إسرائيل” مع أنقرة وتتصدى لأي محاولة تؤكد حدوث هذه المذبحة للأرمن، مشيراً إلى دعم اللوبي اليهودي قبل أربع سنوات موقف تركيا في مواجهة محاولة الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) إصدار قرار مشابه لقرار الكونجرس الذي لن يرى النور ليس من أجل مصلحة أمريكية بل من أجل مصلحة “إسرائيل” والصهيونية.
المصدر: الخليج
إضافة تعليق جديد