ثلث نساء لبنان يتعرضن للعنف
يطال العنف باشكاله المعنوية والجسدية نحو ثلث نساء لبنان وتتطلب مواجهته جهودا كبيرة خصوصا في مجال مساندة الدولة وتعديل قوانين الاحوال الشخصية, وفق ما تؤكد المنظمات الاهلية المختصة لمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المراة الذي يصادف الاحد 25-11-2007.
وتقول رئيسة الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة لورا صفير "بالمعنى العام للعنف ثلث النساء اللبنانيات معنفات", بحسب التقديرات في غياب احصاءات رسمية.
والعنف في راي الجمعيات الناشطة في مجال مكافحة العنف ضد النساء, على انواع منه المعنوي, بما فيه الاقتصادي, والجسدي بما فيه الجنسي.
وتلخص لورا صفير ابرز المشاكل بقولها "لا تساعدنا الدولة كفاية وهي تعاملنا كاننا شركة تجارية ولا تؤمن لنا حماية خاصة اذا اراد الرجل الانتقام منا لمساندة زوجته او شقيقته او ابنته".
وتشدد هذه الجمعيات على اهمية توفر "ملجأ آمن" بالمفهوم الغربي ليستقبل المعنفات مع اطفالهن ويؤمن لهن الحماية والمساعدة المادية.
وتقول صفير "لا توجد مراكز للايواء والحماية. نستعين ببعض المؤسسات الاجتماعية وخصوصا الدينية المسيحية", مضيفة ان على الدولة ان تتحمل مسؤولية هذه المساعدة لان "كلفتها مرتفعة".
وتقول منسقة المشاريع في منظمة "كفى" برشا مومنة ان "المجتمع بات يتقبل موضوع الحديث عن العنف ضد المرأة بشكل افضل. وتعاطي وسائل الاعلام معه اصبح اكثر سهولة عبر ازدياد المسلسلات الاجتماعية والحلقات الحوارية" في شأنه.
وتوضح لورا صفير ان جمعيتها التي تاسست عام 1977 تهدف اولا الى "كسر جدار الصمت بالتشجيع على التعبير لان الموضوع من المحرمات".
وتقول منى ب. (40 عاما) التي تعرضت على مدى سنوات للضرب على يد زوجها الذي انجبت منه ابنتين, "لم يكن احد يجرؤ على الوقوف معي. حتى اهلي كانوا يعيدونني الى منزل زوجي في كل مرة يضربني فيها, خوفا من المجتمع الذي يحمل المرأة مسؤولية اي
خلل في العلاقة الزوجية".
وتمكنت من الحصول على الطلاق اخيرا بعد لجوئها الى مؤسسة دينية تولت الدفاع عنها.
وتؤكد صفير ان "العمل جار على التوعية الاجتماعية. ونسعى الى تعديل قوانين الاحوال الشخصية المجحفة في حق المراة في كل الاديان والى تعديل قوانين العقوبات التي لا تفرض عقوبات رادعة خصوصا في حالات الاغتصاب وجرائم الشرف".
وتعتبر رئيسة اللجنة الاهلية لمتابعة قضايا المرأة امان شعراني ان جرائم الشرف تمثل "اقصى اعمال العنف عبر سلب الحياة". وهناك مادة في قانون العقوبات تعطي جرائم الشرف ظروفا تخفيفية. وتقول شعراني "نريد اعتبارها جريمة قتل عادية".
يذكر بان المرجع الديني الشيعي العلامة محمد حسين فضل الله افتى مؤخرا بحرمة جرائم الشرف باعتبارها "عملا منكرا محرما من الناحية الشرعية".
وشددت شعراني على ضرورة "استحداث قانون لتشديد العقوبة في حالات الاغتصاب التي تنص حاليا على السجن ثلاث سنوات".
وبدأ نشاط الجمعيات المختصة بمكافحة العنف ضد النساء في لبنان في الاعوام العشرة الاخيرة, ويشمل هذا النشاط مراكز استماع وارشاد وخطا ساخنا وخدمات مساعدات اجتماعيات يوفرن مساندة نفسية وقضائية.
وتوضح صفير ان العنف يطال النساء من كل الفئات الاجتماعية "بين المثقفين والاغنياء والفئات الشعبية".
وتنسق الجمعيات مع وزارة الشؤون الاجتماعية في مشاريع "تدريب المساعدات الاجتماعيات" الى جانب مشاريع اخرى تمول غالبيتها منظمات دولية او اجنبية.
ويمول مجلس الانماء والاعمار الحكومي حاليا مشاريع "تمكين اقتصادي واجتماعي للمعنفات" تسمح بتوفير مهنة لهن, منها مشروع تدريب على مهنة التجميل او صناعة الحلويات والمعجنات, لمساعدتهن على الاستقلالية.
وتشير منى الى انها غالبا ما كانت تنام من دون طعام مع ابنتيها لان زوجها لم يكن يجلب الطعام الى البيت, وبدأت احوالها تتحسن بعد ان تعلمت مهنة الخياطة.
وتعمل منظمة كفى على "الحد من اسباب ونتائج العنف والاستغلال الموجه ضد النساء والاطفال من خلال حملات المناصرة والتثقيف والتوعية وتقديم الخدمات الاجتماعية والقانونية والنفسية للضحايا", كما تقول مومنة.
وتضيف "لا تاتي المرأة او الطفلة لتروي قصتها الا بعد ان تصل الى مرحلة لا تطاق. القانون لا يساعد. فاذا اشتكت المرأة مثلا يمكن للزوج ان يطلقها ويحرمها اولادها وهي غالبا لا تتمتع باستقلال مادي".
وتخضع امور الزواج والطلاق في لبنان لقانون الاحوال الشخصية الخاص بكل طائفة.
ولمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المراة الذي اعلنته الامم المتحدة عام 1999, نظمت "كفى" معرضا بعنوان "نشر الغسيل", متنقلا في ارجاء لبنان انطلق من الجامعة الاميركية في بيروت.
على حبل غسيل نصب في المعرض, طبعت لين يديها الصغيرتين بالوان مختلفة على قميص كتبت في وسطها كلمة "ستوب" (كفى). ولم تذكر لين عمرها, الا ان المعرض مليء بعشرات القمصان المماثلة لنساء اردن ان يقدمن شهادات حية على العنف الممارس ضدهن.
المصدر: ا ف ب
إضافة تعليق جديد