جدل حول حماية المنتج الوطني من الإغراق

13-11-2007

جدل حول حماية المنتج الوطني من الإغراق

آراء متباينة يتناقلها الصناعيون حول حماية المنتج الوطني من الإغراق بينما يذهب بعض الاقتصاديين الى القول ان وراء هذا المطلب ليس الحماية انما هو الاحتكار , وبالفعل أخذ هذا الموضوع حيزا على ارض الواقع حيث رفع بعض الصناعيين شكاوى عدة إلى الجهات المعنية عن طريق غرف الصناعة بحجة أن السلع الصينية وغيرها من المنتجات تغرق الأسواق والحقيقة أن قانون حماية المنتج الوطني بشكل عام حسم هذا الموضوع وحدد بأن تكون المنافسة شريفة بحيث سمح باستيراد السلع على أن تباع بما يعادل كلفتها وأعلى منها.‏

هنا يظهر الاحتكار بديلاً من الحماية والحجة الإغراق فماذا يقول أصحاب الاختصاص؟.‏

الدكتور فؤاد شكري مدير عام هيئة المواصفات والمقاييس يرى أن حماية المنتج الوطني موضوع هام لجميع المنتجين ومسؤولية الحكومة حماية المنتج الوطني وقال: أنا مع الحماية لبعض المنتجات ولكن لفترة محددة ومدروسة حتى يستطيع المنتج الوطني أن يقف على قدميه وينافس في السوق وحالة الحماية الشديدة لايمكننا الاستمرار والتعامل معها. وخاصة في ظل اتفاقية التجارة العربية الحرة واستعداداً للانضمام لمنظمة التجارة العالمية والشراكة مع الاتحاد الأوروبي. ولفت شكري النظر إلى أن الحماية في المرحلة الانتقالية يجب ألا تطول, لأن حماية المنتج الوطني يجب أن تكون لمنتجات موجودة حالياً. أما الصناعات الناشئة فهي غير موجودة لدينا والحماية هنا لفترة قصيرة ومن غير المعقول أن تبقى الحكومة تحمي المنتجات الوطنية وخاصة أننا ننتقل من اقتصاد مركزي مخطط إلى اقتصاد السوق الاجتماعي.‏

الدكتور نزار فلوح مدير عام المؤسسة الكيميائية ضد الإغراق والاحتكارات ومع حماية الصناعة الوطنية مهما تكن لأن الصناعة الوطنية منتجوها وطنيون ومن يعمل بها أبناء البلد.ويؤكد أن الحماية ليست للصناعة الرديئة بل للصناعة عالية الجودة وكلما كانت مواصفات المنتج عالية الجودة كانت الفرصة لرواج تلك الصناعة واثبات ذاتها أكبر وبدون حماية المنتج الجيد يسوق نفسه وحتى ولو كان له مثيل ولا خوف عليه مع الاحتكار .الدكتور شفيق الأشقر الأمين العام للاتحاد العربي للأسمدة يقول: علينا أن ندرك تماماً أن هناك الكثير من الصناعيين ذوي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ما زالون يفكرون بطريقة القرن العشرين والعالم تحول إلى قرية صغيرة, وليدرك المنتج والمصنع أنه ليس وحده بهذا العالم, وأصبحنا نعيش في ظل انفتاح الأسواق على بعضها.‏

ولا بد من صمود الصناعات الوطنية التي أقيمت في بلد ما لعقود طويلة, أنا شخصياً مع هذا الكلام ولكن أدعمه بطريقة أخرى من خلال تقديم الخدمات الأفضل من تخفيض كلف المدخلات وخدمات الكهرباء والمياه ودعم الحكومة للصناعيين وتمويلهم وإفساح المجال لعمليات التصدير وتوفير المعرفة على ما يجري من تطورات في الصناعة العالمية وبرأيي الشخصي هذه العوامل هي التي تدعم التنافسية للصناعة.‏

وأضاف الأشقر: أما بالنسبة لموضوع الحماية فهو مرفوض تماماً وغير مقبول حتى لو أعطينا المنتج أي نوع من أنواع الحماية لأن ثقافة المستهلك مبنية الآن على الجودة, وصحيح أن التسعيرة والسعر مناسبان ولكن هناك فئات من المجتمع تنظر إلى الجودة وفئات إلى السعر وهنا لابد من نشر ثقافة الجودة بدلاً من ثقافة الاحتكار والابتعاد عن إجبار المستهلك أن يشتري أي سلعة مهما كانت سىئة أو جيدة, الخيارات الآن واسعة, لننس الاحتكار ونركز على دعم الصناعات الوطنية من خلال الخدمات المساعدة والمساندة للبقاء وترك الجودة تفرض نفسها.‏

بعض الصناعيين أعطوا رأيهم بالموضوع ولكن طلبوا عدم ذكر أسمائهم, رأوا أن هناك شركات في القطاع العام تعمل في مجال المنتجات الاستهلاكية يقابلها شركات في القطاع الخاص تعمل في المجال ذاته والمعادلة هنا أن الانتاج يتعدد ويصبح المستهلك أمام أعداد كبيرة من المنتجات المماثلة, وفيما يتعلق بالمنافسة في ظل انفتاح الأسواق يرى الصناعيون أنه لا يمكنهم المنافسة في جميع المنتجات وفي ظل سياسة الحماية قامت مصانع على مبدأ إحلال المستوردات ونتيجتها أن الصناعي لا يستطيع أن يجابه النوعية أو السعر والآن يريد الصناعيون وقتاً لتجهيز أنفسهم, وسلم البعض بأن الدولة لا يمكنها أن تبقى تمارس دور الحماية, وهناك من يقول: نحن ضد الحماية ولماذا الخوف من موت الشركات فطالما نحن نذهب إلى الصناعات التقليدية ونترك الابتكار سوف تموت هذه الصناعة. وانصبت بعض الآراء على أنه لا يمكن للصناعات المحلية أن تنهض إلا إذا توصلنا إلى الابتكار وهذا يتطلب نقل المعرفة وتبديل الديناميكية والقوة لدينا بأن مصانعنا صغيرة.‏

بعد الاطلاع على آراء المهتمين حول موضوع الحماية, لا بد لنا من استقراء رأي الباحثين الاقتصاديين والصناعيين حول هذا الموضوع.‏

د. محمد توفيق سماق: باحث اقتصادي :أنا لست مع الحماية قبل انفتاح للأسواق كونها تعود على الكسل, وبرأيي أن أنسب حماية هي إنتاج السلع بمواصفات جيدة وأسعار منافسة.‏

وأضاف : بغض النظر عن انفتاح الأسواق, فأنا ضد الحماية الإدارية فكيف بالأحرى في ظل الانفتاح, وأشار الدكتور سماق إلى أن الإغراق كمفهوم علمي هو أن تباع السلعة من السوق الخارجية, بأسعار أقل من السوق الداخلية, وأغلب الظن ولست جازماً بأن ما يتحدث عنه الصناعيون ليس الإغراق بمفهومه العلمي وكما هو متعارف عليه في إطار منظمة التجارة العالمية والمقصود هو ازدياد حجم الواردات من سلع معينة وهذا لا يتحول إلى إغراق إلا بتوافر الشرط الذي أشرت إليه سابقاً.‏

د. حيان سلمان (باحث اقتصادي) قال:‏

موضوع الإغراق والحماية متقاطعان, فالحماية يجب أن تكون على أسس اقتصادية صحيحة, وألا يسمح لسلع المواد الأخرى أن تباع بأقل من تكلفتها بالسوق الداخلية أو ما تباع بأسواق أخرى مشابهة.‏

والسلعة يجب أن تحمي نفسها بنفسها من خلال مؤشرين هما النوعية والسعر. وضمن هذا الاتجاه, المطلوب حماية إنتاجنا الوطني وتقديم السلعة بنوعية جيدة وأسعار مناسبة للمستهلك فهو الحكم الأساسي, لإثبات قدرتها على المنافسة الداخلية والخارجية, وخاصة في ظل انفتاح الأسواق. والحماية موضوع داخلي يتم من خلال آلية وكيفية إنتاج السلعة, أما الإغراق فهو أحد أشكال الحرب الاقتصادية وتصرف غير شرعي مرفوض حتى من منظمة التجارة العالمية. وهنا سوف يدخل موضوع المنافسة التي يمكن أن تكون احتكارية يسيطر فيها أقوى المنتجين على فعاليات السوق (العرض والطلب). وممكن أن تكون شفافة تفتح السوق أمام من يقدم السلعة الجيدة ذات السعر الرخيص أو المقبول. بحيث كما ذكرنا سابقاً يكون المستهلك الحكم الأول والأخير ومن أحد مقومات اقتصاد السوق الاجتماعي ضرورة ضرب الاحتكارات وعدم السماح لها بالسيطرة على انسياب السلع.‏

عدنان دخاخني: صناعي وعضو مجلس الشعب رأى أن الطفرة الكبيرة التي تشهدها أسواقنا نتيجة انسياب السلع القادمة من الدول العربية التي لنا معها اتفاقيات تجارة حرة, لها تأثير سلبي على المنتجات الوطنية -وحسب كلامه- الإغراق هنا مقصود خاصة عندما تأتينا سلع رخيصة رسومها الجمركية تكاد تكون معدومة وبذلك نكون قد كبدنا الدولة خسائر كبيرة. ونتيجة ماذكر فقدت بدأت المصانع تشكو عدم قدرتها على تصريف المنتجات المحلية مقابل المنتجات التي ترد إلى أسواقنا ذات الأسعار الرمزية وليست الحقيقية والنوعية الرديئة, التي لا تناسب مستهلكنا السوري. وأشار دخاخني إلى أن المستهلك السوري ما زالت لديه عقدة المنتج الأجنبي, لذلك لابد من إعادة النظر بالاتفاقيات الموقعة مع تلك الدول بهدف حماية المنتج الوطني, لما لذلك من آثار سلبية على موضوع العمالة في مصانعنا الوطنية, وهذه قضية اجتماعية, لابد من أخذها بعين الاعتبار. لذلك نعمل من خلال قانون مكافحة الإغراق على حماية منتجنا الوطني, بحيث تكون لدينا سلع جيدة النوعية وبأسعار مقبولة ومنافسة.‏

سوسن خليفة -ميساء العلي

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...