مساعٍ تركيّة لإحياء الدستوريّة: الفوضى تجتاح مناطق نفوذ أنقرة
شهد شمال سوريا، الذي يخضع لسيطرة تركيا والفصائل السورية المعارضة المتحالفة معها، موجة جديدة من التوتر والاضطرابات بعد فترة من الهدوء النسبي، تزامنت مع مساعي أنقرة للتقارب مع دمشق.
هذا التوتر تزايد في عدة مناطق، من بينها أقصى الشمال السوري حيث نظمت احتجاجات أمام سجن “الراعي” للمطالبة بالكشف عن مصير قيادات فصائلية محتجزة، وفي مدينة الباب بريف حلب الشمالي الشرقي التي شهدت أعمال عنف أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى.
هذه الموجة الجديدة من الفوضى لم تكن موجهة بشكل رئيسي ضد تركيا كما في السابق، بل ضد الفصائل نفسها. وتشير مصادر ميدانية إلى أن الأسباب تتراوح بين استياء السكان من سيطرة هذه الفصائل وإجراءاتها الأمنية المكثفة التي تأتي تنفيذاً لأوامر تركية، وبين الصراع على النفوذ بين تلك الفصائل.
على سبيل المثال، تعرض فصيل “أحرار الشرقية” المدعوم من تركيا لانتقادات بعد شنّه هجوماً على مدينة الباب، في ظل تنافس بين الفصائل للسيطرة على معبر “أبو الزندين”، الذي يُعتبر مصدر دخل كبيراً، مما دفع بعض الفصائل إلى محاولة الإبقاء على الوضع الراهن لاستمرار عمليات التهريب.
في الوقت نفسه، شهدت مدينة أعزاز الحدودية مع تركيا انفجار شاحنة على المدخل الغربي للمدينة، مما أسفر عن مقتل وإصابة نحو 20 شخصاً، وفقاً للتقديرات الأولية.
وتضاربت الأنباء حول سبب الانفجار، بين احتمالات أن الشاحنة كانت مفخخة أو أنها كانت محملة بالأسلحة والذخائر وانفجرت نتيجة حادث ما.
فور وقوع الانفجار، ردت الفصائل بقصف مكثف على مواقع “قسد” في ريف حلب الشمالي، بينما استهدفت الطائرات المسيرة التركية مواقع أخرى في منطقة “جبل عبد العزيز” بالحسكة، في إطار حملة عسكرية متواصلة.
هذه التطورات تزامنت مع معارك عنيفة بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) ومقاتلي العشائر العربية في ريف دير الزور. وطلبت “قسد” دعماً من الولايات المتحدة، التي شنت غارات جوية على مواقع المقاتلين العشائريين في محاولة لإنهاء الهجوم.
في إطار موازٍ، كثّف الجيش السوري هجماته بواسطة الطائرات المسيرة الانتحارية على مواقع “جهادية” في ريف إدلب، وذلك ضمن ما وصفه مصدر ميداني بعمليات نوعية تهدف إلى تدمير قدرات المسلحين.
وأضاف المصدر أن سلاح المدفعية استهدف أيضاً مواقع أخرى في منطقة النيرب بريف إدلب، مما أسفر عن مقتل أربعة مسلحين قرب قاعدة عسكرية تركية في الريف الشرقي لإدلب.
على الجانب السياسي، بدأت تركيا التحضير لإعادة إحياء مسار “اللجنة الدستورية” بعد زيارة المبعوث الروسي الخاص لسوريا، ألكسندر لافرنتييف، إلى أنقرة. خلال هذه الزيارة، عقد لافرنتييف اجتماعات مع المسؤولين الأتراك، من بينهم نائب وزير الخارجية نوح يلماز، حيث نوقشت إمكانية إعادة تفعيل هذا المسار الأممي ونقل الاجتماعات إلى العاصمة العراقية بغداد. وفي السياق ذاته، اجتمع وزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، مع وفد من المعارضة السورية، حيث أكد مجدداً دعم تركيا للجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي شامل للأزمة السورية، استناداً إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254، في إشارة إلى مسار “اللجنة الدستورية”.
الاخبار
إضافة تعليق جديد