صاروخ مجدل شمس.. هل يفجّر حرباً شاملة؟
عاد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي إلى “تل أبيب” من زيارته الطويلة نسبيًا إلى الولايات المتحدة قبل ساعات من الموعد المقرر، وذلك إثر حادثة مقتل وإصابة العشرات من سكان قرية مجدل شمس المحتلة.
بعد عودته، سارع أعضاء الحكومة الإسرائيلية بإطلاق التهديدات ضد المقاومة، بينما حملت المعارضة رئيس الوزراء نتنياهو وحكومته مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية على الجبهة الشمالية، متهمة إياهم بالفشل في التعامل مع جميع الجبهات.
وقد أشار بيني غانتس، عضو مجلس الحرب السابق، بوضوح إلى ضرورة إنهاء الحرب في غزة والتفاوض على صفقة تبادل أسرى، والتوجه نحو الجبهة اللبنانية.
وجاءت التصريحات متفاوتة بين الدعوة لعملية محدودة ضد المقاومة دون الدخول في حرب شاملة، وبين المطالبة بشن حرب شاملة على لبنان واستهداف السيد حسن نصر الله.
تُطرح تساؤلات الآن حول مسار التطورات الميدانية على الجبهة اللبنانية في الساعات المقبلة.
تعاني مؤسسة صنع القرار في إسرائيل من ارتباك غير مسبوق منذ أحداث السابع من أكتوبر، حيث تتداخل الحسابات المهنية مع السياسية والحزبية والشخصية لرئيس الوزراء نتنياهو وائتلافه اليميني المتطرف.
هذا المزيج يعقد تقدير الموقف الإسرائيلي تجاه جبهات المقاومة وتشير التطورات في الأشهر الأخيرة إلى أن حسابات نتنياهو الشخصية تلعب دورًا محوريًا في اتخاذ القرارات على المستويين العسكري والسياسي.
بعد أحداث السابع من أكتوبر، فقدت إسرائيل الركائز الرئيسية في عقيدتها العسكرية مثل الردع والإنذار والحسم والدفاع، التي طورتها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أساسًا لمواجهة دول وجيوش تقليدية.
هذه العقيدة لم تتكيف مع طبيعة المواجهة مع فصائل المقاومة التي تتمتع بقدرات عسكرية متطورة تتيح لها القدرة على الهجوم والدفاع.
تبنت إسرائيل منذ انسحابها من غزة في عام 2005 وحرب لبنان عام 2006 استراتيجية “المعركة بين الحروب”، والتي صاغها رئيس الأركان الأسبق غادي آيزنكوت، متبنية مبدأ الاحتواء تجاه جبهتي غزة ولبنان.
ومع تراجع احتمال نشوب حروب كبرى مع دول المواجهة منذ اتفاقية كامب ديفيد والتطبيع المتزايد في المنطقة، ركزت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية على تطوير الجيش ليكون أصغر وأكثر ذكاءً، مع تقليص القوة البشرية، ولكن حرب غزة الأخيرة أثبتت الحاجة إلى مزيد من القوات بسبب الخسائر الكبيرة.
إن الاعتبارات المهنية، بما في ذلك الاستنزاف الذي تعرض له الجيش الإسرائيلي وعدم جاهزيته للحرب على جبهتين، إضافة إلى الخشية من تداعيات حرب واسعة وتأثيراتها الاقتصادية، وعدم دعم الإدارة الأمريكية لتوسيع الصراع، كلها عوامل تعيق الجيش من الانجرار إلى حرب واسعة في هذا التوقيت.
لكن انهيار ركائز الردع والإنذار والحسم والدفاع قد يدفع الجيش إلى تنفيذ هجوم مباغت على لبنان بعد الانتهاء من الحرب في غزة، ورفع مستوى الجاهزية والحصول على الدعم الأمريكي.
تسعى المؤسسة الأمنية حاليًا لإنهاء الحرب في غزة وعقد صفقة تبادل للأسرى، مع تجنب حرب استنزاف طويلة، والعمل على رفع مستوى الاستعداد على الجبهة الشمالية.
كما تهدف إلى استغلال حادثة مجدل شمس لتعزيز الضغط على المقاومة اللبنانية للتراجع عن الحدود وعدم الربط بين موقفها العسكري والسياسي مع غزة.
فيما يتعلق بالجبهة اللبنانية، من المرجح أن يسعى نتنياهو إلى الحفاظ على مستوى من التصعيد المدروس، دون الانزلاق إلى حرب شاملة، مع الاعتماد على دعم إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في حال فوزه بالانتخابات القادمة، وهو رهان يشمل مواجهة أكبر مع إيران أيضاً.
الميادين
إضافة تعليق جديد