الأسد في طهران: أكثر من مجرّد تعزية
بعد نحو أسبوع على إعلانه نيّته زيارة طهران لتقديم واجب العزاء بالرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، والوفد المرافق له، جراء سقوط مروحية كانت تقلّهم، وصل الرئيس ، بشار الأسد، والوفد الذي يرافقه إلى العاصمة الإيرانية، وقام بزيارة لقائد الثورة الإسلامية، علي الخامنئي، مقدّماً واجب العزاء له، كما التقى الرئيس الإيراني المكلّف، محمد مخبر، وقدّم له التعازي أيضاً.
وخلال اللقاء الذي جمع الأسد والخامنئي، أكد الأول أن «الرئيس رئيسي كان يحمل في عقله ووجدانه مصلحة الشعب الإيراني الصديق، ويحمل أيضاً في قلبه مكانة رفيعة لسوريا وشعبها، مستمراً في النهج الثابت الذي يجمع البلدين والشعبين الصديقين».
وتابع أن «وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان قاد ديبلوماسية نشطة بين إيران وسوريا، وله بصمة في إرساء الاستقرار في المنطقة»، مشدداً على أن «هذه الحادثة الأليمة لن تؤثر على نهج إيران ودعمها للمقاومة ومساندتها للشعب الفلسطيني، وأن العلاقات بين سوريا وإيران قوية وراسخة لخدمة الشعبين في البلدين، وكذلك لاستقرار المنطقة كلها».
زيارة الرئيس السوري كانت ستبدو طبيعية في سياق العلاقات المتينة التي تربط طهران ودمشق، غير أن حجم الشائعات الكبير الذي انتشر عبر بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي أعطى هذه الزيارة طابعاً خاصاً، وخصوصاً أن الأسد تغيّب – لأسباب ربطتها بعض المصادر بإصابة عقيلته أسماء الأسد باللوكيميا ومساندته لها في فترة العلاج الأولى – عن المشاركة في مراسم دفن الرئيس الإيراني ورفاقه.
وقد شارك في هذه المراسم وفد سوري رفيع، ضمّ كلاً من رئيس الحكومة حسين عرنوس، ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، محمد سامر الخليل، ومستشار شؤون الأمن الوطني في الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية، اللواء علي مملوك.
وعلى الرغم من توجيه الرئيس السوري رسالة تعزية فور الإعلان عن وفاة رئيسي ومرافقيه، وإعلان الحداد في سوريا ثلاثة أيام، استغلت بعض المنابر غياب الأسد عن مراسم الدفن للحديث عن فتور العلاقات بين البلدين، وهو ما لم يتوقف حتى بعد إعلان الأسد نيته زيارة طهران خلال اتصال هاتفي بالرئيس الإيراني المكلف لتقديم واجب العزاء
إذ أكد خلال الاتصال، الذي نشرت تفاصيله عبر وسائل الإعلام الرسمية للبلدين، حرصه الشديد على الوجود مع الشعب الإيراني ولقاء الخامنئي وتقديم العزاء شخصياً، قائلاً: «سأسافر إلى إيران في أول فرصة لتقديم التعازي وتعزيز العلاقات السياسية بين البلدين».
وفي وقت لا تعدّ فيه الحملات الإعلامية التي تحاول التأثير على العلاقات بين البلدين مستجدة، كونها ترتبط، في كثير من الأحيان، بأجندة سياسية تحاول ربط الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على سوريا بوجود المستشارين الإيرانيين في البلاد، شهدت الفترة الأخيرة تصعيداً غير مسبوق في استهداف هذه العلاقات.
وقد أتى ذلك خصوصاً بعد اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية على الفلسطينيين في غزة، وما تبعها من موجات تصعيد عسكرية وسياسية متواصلة في المنطقة، وصلت إلى حدّ شن عدوان إسرائيلي على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، ردّت عليه طهران بقصف استهدف قواعد عسكرية للاحتلال، انطلقت منها الطائرات التي نفّذت العدوان.
وتربط دمشق وطهران علاقات استراتيجية بعيدة المدى، نظراً إلى أن الثانية أدّت دوراً بارزاً في تزويد الأولى بالنفط بعد سيطرة الولايات المتحدة الأميركية على منابع النفط السورية، فضلاً عن مساهمة شركات إيرانية عديدة في تنفيذ مشاريع إعادة تأهيل بنى تحتية في قطاعات عدة، من بينها قطاع الكهرباء، الذي تولت شركات إيرانية صيانة محطات توليد عديدة فيه، وإنشاء محطات أخرى. وقد ساهم هذا الدور في تجاوز بعض من آثار العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على سوريا.
الأخبار
إضافة تعليق جديد