١٥٠ هجوما لداعش خلال العام : الأسباب والنتائج؟
أيهم مرعي:
لم يكن هجوم خلايا تنظيم “داعش” على حافلة لإحدى تشكيلات القوات الرديفة للجيش السوري، والذي راح ضحيته 22 شهيداً من فصيل “لواء القدس”، الهجوم الأعنف للتنظيم في العام 2024، إذ سبقته هجمات عديدة على المدنيين والعسكريين، ولا سيما في موسم جمع الكمأة، وذلك في تطور مسبوق في مستوى هجمات التنظيم وطريقتها وتأثيرها، بعد أن كانت تراجعت منذ العام 2020، قبل أن تعود للتصاعد من جديد منذ مطلع العام الحالي، الذي سجل أكثر من 150 هجوماً نحو ثلثيها في مناطق سيطرة الجيش السوري والقوات الرديفة والحليفة له.
ويعدّ هذا الرقم خلال فترة زمنية لم تتجاوز الخمسة أشهر، رقماً ملحوظاً يدل على امتلاك التنظيم دعماً افتقده خلال الفترة الماضية، مادياً وعسكرياً ولوجستياً، ما يعني أنه يخطط لمزيد من الهجمات، وربما تطويرها إلى مرحلة استعادة السيطرة على بقع جغرافية قريبة من البادية، في محاولة لتحقيق عودة عسكرية، وهو أمر يعدّه الجيش السوري خطاً أحمر، لذلك عمل أخيراً على تصعيد استهدافاته الجوية على تحركات التنظيم ومراقبة نشاط خلاياه، وتوجيه ضربات استباقية له.
وهنا، تُقدرُ مصادر ميدانية، أن “معظم هجمات تنظيم داعش الإرهابي في البادية التي يسيطر عليها الجيش السوري تنطلق من مزارع الطبقة شرقاً، ومن منطقة الـ55 كم المحاذية لقاعدة التنف على مثلث الحدود السورية مع الأردن والعراق”، معتبرة أن “مواقع الهجمات تكشف عن دعم أميركي عسكري واستخباري لهذه الخلايا لتركها على قيد الحياة، واستغلالها في ضرب الاستقرار في مناطق سيطرة الحكومة السورية، وخاصة على طريق دمشق_ بغداد”.
وترى المصادر، أن “واشنطن تستفيد من محافظة التنظيم على قدرات هجومية، لـلحفاظ على ذريعة ملاحقة خلايا التنظيم، كسبب رئيسي لوجودها في سوريا”.
أسباب التصعيد
إلى جانب وجود مصلحة أميركية مشتركة مع “داعش” في تصعيد هجماتها في مناطق سيطرة الجيش السوري، تسعى قيادة التنظيم إلى استعادة جزء من قوتها العسكرية، من خلال دفع عناصرها إلى شن هجمات في مناطق متفرقة، مع التركيز على مناطق سيطرة الحكومة السورية، لإبراز قدرة قيادة التنظيم الجديدة على استعادة ولو جزءاً من قدرات التنظيم السابقة، بعد فترة الضعف الذي عاشته في الفترة ما بين أعوام 2019 وحتى العام 2023 والتي خسر فيها التنظيم، أربعة من زعمائه، ليتسلم العراقي أبو حفص الهاشمي القرشي، قيادة التنظيم في آب/أغسطس 2023.
والظاهر أن أبا حفص عمل على تحفيز مقاتليه على معاودة نشاطهم وهجماتهم بشكل أكبر، لإثبات وجود التنظيم وقدرته على البقاء، رغم أنه لم يخرج بأي إصدار مرئي أو صوتي يتحدث عن ذلك. وربما حث الزعيم الجديد مقاتليه على تصعيد عملياتهم المنفردة، والتي باتت تعرف في عقيدة التنظيم بـ” الذئاب المنفردة”، لما لها من دور في ضرب أهداف سريعة، وكذلك قد تمهد للانتقال إلى مرحلة السيطرة على قرى أو بلدات على الحدود، في محاولة لعودة التنظيم على الأرض ميدانياً.
وتقول مصادر مطلعة على تركيبة وبنية الجماعات الجهادية في سوريا لـ”الميادين نت” إن “التنظيم عانى بعد مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي في العام 2019، من خلافات ضمن مجلس الشورى، لوجود توجه ثابت بأن يكون زعيم التنظيم من الجنسية العراقية، وخاصة من الجنسيات شرق آسيوية، بيد أن الزعيم الجديد يبدو أنه نجح في ردم هذه الخلافات أو تقليصها على الأقل”، مشيراً إلى أنه ” عمل على تصعيد العمليات العسكرية، لإثبات أحقيته في زعامة التنظيم، وقدرة قيادة التنظيم على قيادة دفته في هذه المرحلة”.
هل من نتائج؟
رغم التصعيد الملحوظ في هجمات خلايا تنظيم “داعش” في البادية السورية، والتي تحوّلت إلى حدث شبه يومي، فإن التنظيم فشل في تطوير قدراته الهجومية، رغم امتلاكه أدوات لم يكن يملكها في الفترة السابقة، كالآليات والصواريخ الموجهة، والتي تكشف عن دعم يتلقاه التنظيم في الغالب من الأميركيين، أصحاب المصلحة الوحيدة في بقائه على قيد الحياة.
ومع ذلك، لم ينجح التنظيم في السيطرة ولا حتى على شبر واحد من المناطق المحررة منه، مع فشل محاولة واسعة له للسيطرة على بلدتين في ريفي الرقة ودير الزور، بعد إحباط الجيش السوري هذه المحاولات.
كما لعب كل من الطيران السوري والروسي دوراً مهماً في منع التنظيم من بناء قدرات هجومية، والاستفادة من الدعم المقدم له من “التحالف”، من خلال ضرب أوكاره وملاحقة خلاياه في بوادي الرقة ودير الزور وحمص، ما أفقده جزءاً واسعاً من قدراته.
وتوحي المعطيات الميدانية بتوجه لتمشيط كامل البادية لتطهيرها من أي خلايا للتنظيم، رغم وجود معلومات أن غالبية الخلايا تتنقل بين مناطق وجود الاحتلال الأميركي شرق البلاد وجنوبها، وتنسحب في اتجاهها بعد تنفيذ المهمات الموكلة إليها، ما يجعل مهمة القضاء على نشاطه نهائياً مرتبطة بانسحاب أو إخراج القوات الأميركية من المناطق التي تحتلها في سوريا.
الميادين
إضافة تعليق جديد