هذا ما يُطبخ للقطاع بعد انتهاء الحرب
سربت أوساط عسكرية داخل جيش الاحتلال ومقربة منه، أن خطته ضمن القطاع تقضي بإقامة مساحات على حدود قطاع غزة تمنع فيها الحركة كلياً من قبل الفلسطينيين، على أن تكون هذه المناطق تحت رقابة قوات الاحتلال، وكل من يقترب منها، حتى لو كان عن طريق الخطأ، سيعتبره الجيش أنه قادم لإطلاق الصواريخ، وسيقوم فوراً بإطلاق النار تجاهه، ولذلك فقد ألقت طائراته بمنشورات خلال الأيام الماضية تطالب الفلسطينيين بعدم الاقتراب مسافة ألف متر من الحدود الشرقية لقطاع غزة.
فالتقدير الإسرائيلي أن الجيش ربما يعمد من مشروعه لإقامة هذه المنطقة الأمنية العازلة لإقامة قواعد عسكرية جنوبي القطاع وشماله لاستكمال توفير الشروط اللازمة لإصابة أي هدف “معادٍ” فيه، بزعم أن قوى المقاومة في مرحلة ما بعد الحرب الحالية قد تستأنف القصف على المستوطنات الإسرائيلية والقواعد العسكرية في غلاف غزة.
وعلى الصعيد الفلسطيني، من المتوقع أن “تقضم” المنطقة العازِلة على طول الحدود الشرقية والشمالية للقطاع ما يزيد عن 30% من الأراضي الزراعية الخصبة، بجانب مواصلة تجريفها، ورش المبيدات الكيماوية، وإغراقها بفتح السدود خلال فصل الشتاء، مما سيلحق خسائر كبيرة بالمزارعين.
وقد أثبتت السنوات الماضية أن الاحتلال يحرص على تجريف الأراضي الزراعية الواقعة على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة، بين الفينة والأخرى، لضمان عدم نموّ الأشجار، وتتعمد الآليات والجرافات العسكرية، التي تتوغل وسط إطلاق نار، إتلاف مئات الدونمات الزراعية، المزروعة بمحاصيل متنوعة، رغم أن الحديث يدور عن أن هذه الأراضي تعتبر السلّة الغذائية لأهالي غزة، مما سيترك تبعاته على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ومختلف النواحي الحياتية.
فقد نقلت شبكة “NBC” الأمريكية عن مسؤول أميركي، قوله إنّ حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو تريد تجريف شمال غزة وإنشاء منطقة أمنية عازلة، وهو ما يعني ضم أراض فلسطينية جديدة.
ولفت إلى أنّ الخلافات تحتدم مع حكومة نتنياهو التي لا تفعل ما هو مطلوب لتجنب مقتل المدنيين، مؤكدًا “أننا نعارض ضم أو اقتطاع أو تخفيض أراض في غزة. نرفض فكرة المنطقة العازلة في غزة ونعارض أي مخطط من شأنه تقويض حل الدولتين”.
وشدد المسؤول على “أننا ما زلنا نملك تأثيرًا على حكومة نتنياهو لكن الوقت يضيق” ،والجمعة الماضية، دعا جيش الاحتلال الإسرائيلي، جميع المدنيين في مدينة غزة إلى الإخلاء جنوبا خلال 24 ساعة.
وبالمقابل طلبت حركة “حماس” من الفلسطينيين الذين يعيشون في غزة، عدم مغادرة منازلهم، متهمة إسرائيل بالانخراط في حرب نفسية، من خلال إرسال رسائل تطلب من المدنيين الفلسطينيين، وموظفي المنظمات الدولية الإخلاء إلى جنوب القطاع.
من جانبها قالت الأمم المتحدة، إن أمراً عسكرياً إسرائيلياً بإجلاء كامل سكان شمال قطاع غزة مستحيل دون أن يترتب على ذلك عواقب إنسانية وخيمة.
هذا وأعرب مسؤولو إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عن قلقهم من الفكرة التي طرحها مسؤولون إسرائيليون سابقون لإقامة “منطقة عازلة” محصنة في شمال غزة لحماية إسرائيل من أي هجوم مستقبلي.
ونقلت شبكة “إن بي سي” الأمريكية عن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت قوله: “ما نريد القيام به هو الحفاظ على شريط أمني بعد الحرب، منطقة عازلة، لإبعادهم عن إسرائيل، بعمق كيلومتر واحد على سبيل المثال. وسيكون هناك نوع من الفترة الانتقالية، وبعدها سيكون هناك شكل من أشكال الحكم الذاتي الذي يناسبهم”.
وردا على سؤال عما إذا كانت المنطقة العازلة ستعني الاستيلاء على أراضي القطاع الفلسطيني، قال بينيت: “هناك ثمن يجب دفعه عندما تذهب وتقتل مدنيين أبرياء.. نحن لا نفعل ذلك لأننا نريد الاستيلاء على الأرض. وكما قلت، ليس لدينا رغبة في ذلك. لكن علينا أن نحمي شعبنا”.
وقال مسؤولون في إدارة بايدن إن المنطقة العازلة التي تسيطر عليها إسرائيل داخل غزة ستعني تقليص مساحة القطاع، وهو ما يعتبره البيت الأبيض غير مقبول.
وقالت الولايات المتحدة من حيث المبدأ إنه لا ينبغي أن يكون هناك تهجير فلسطيني من غزة، وقال مسؤول كبير آخر في الإدارة: “لسنا مقتنعين بأن هذا هو أفضل طريق للمضي قدما”.
وقالت محامية حقوق الإنسان والزميلة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي زها حسن، إن مثل هذا الاقتراح من شأنه أن ينتهك القانون الدولي و”سيعني فعلياً ضم أراضي غزة”، مضيفةً أن إنشاء منطقة أمنية على أراضي غزة يعني تهجير مجتمع فلسطيني يتكون معظمه من اللاجئين إلى “مساحة أصغر”، مما يعزز المخاوف في المنطقة من أن إسرائيل تخطط لطرد الفلسطينيين بشكل دائم من شمال غزة.
وقالت حسن، التي كانت عضوا في الوفد الفلسطيني إلى محادثات السلام الاستكشافية في عامي 2011 و2012: “إنه ليس قانونيا ولا مقبولا أخلاقيا”.
إلى ذلك أفادت شبكة “إن بي سي” الإخبارية الأميركية -نقلا عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين- بأن الخلافات تتزايد بين إدارة الرئيس جو بايدن وحكومة نتنياهو بشأن الحرب على قطاع غزة وتصور مستقبله السياسي.
وذكرت الشبكة أن هذا الخلاف يتعلق بقضايا حاسمة طويلة الأمد بشأن من سيحكم قطاع غزة بعد الحرب، ودور السلطة الفلسطينية في هذا الصدد، إضافة إلى إحياء الجهود الدبلوماسية لحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية.
وقالت إن هذا الخلاف سيتفاقم خلال الأشهر المقبلة، وإن مسؤولي الإدارة الأميركية قلقون من فكرة طرحها الطرف الإسرائيلي تتعلق بإنشاء مناطق عازلة شديدة التحصين شمال القطاع لحماية إسرائيل من أي هجوم مستقبلي.
وقال مسؤولون في الإدارة الأميركية إن “إقامة منطقة عازلة في غزة يعني تقليص مساحة القطاع، وهو ما نعتبره أمرا غير مقبول”.
فهل سيفعلها نتنياهو، أم هناك من سيمنعه؟
رأي اليوم
إضافة تعليق جديد