مدينة حليم بركات الملونة والحياة على هامش الوجود
في ندوة أقامها «مركز الحوار العربي» في واشنطن مؤخراً، تحدث الروائي وعالم الاجتماع الدكتور حليم بركات حول كتابه الجديد: «المدينة الملونة»، وهي رواية تاريخية تركز على مدينة بيروت في الخمسينات.
«المدينة الملونة» مفكرة عمر ويوميات مرحلة ربط فيها الدكتور حليم بركات بين التجربة الذاتية وتجارب بيروت العامة في الخمسينات من القرن العشرين. وقد منحه قلمه حرية خيالية شبيهة بحرية بساط الريح، تأخده إلى كل مكان. فالرواية هي تاريخ وجداني وطني لسيرته وسيرة بيروت في مرحلة ما بعد الاستقلال وخلال ما يزيد على عقد من الزمن، بل وسيرة جيل عربي عاش مع النكبات والخيبة المريرة وكان، من ناحية ثانية، اتساع الأمل والحلم بالانضمام إلى حركة سياسية.
جاء حليم بركات وهو طفل إلى بيروت من قريته الكفرون السورية هو وأخوه وأخته، وكانت أمه تقدمته وعثرت على عمل وعلى غرفة. أما هو فكان يعمل في الصيف في مصبغة في شارع المكحول، وفي بقية الفصول يسعى إلى أن يكون جزءاً من مدينة، من صورة بيروت التذكارية، عاش فيها فيما بعد في الخمسينات هو وأدونيس ومحمد الماغوط ونذير العظمة وصادق العظمة وسواهم. وكان هؤلاء عند فكر أنطون سعادة، وكانوا رفاقاً لغسان تويني وأنيس صايغ وسعيد تقي الدين، وحلموا حلماً متعدد الرؤى:
عالم لا يرفع فيه المواطن راية الطائفة والقبيلة والعشيرة، بل عالم الانصهار الوطني والقومي.
وينتهي المطاف بحليم بركات إلى رحاب سيرة المدينة مقترنة بسيرته الذاتية مسائلا المسارات التي اجتازها في زمن الفتوة منتصف القرن العشرين، مطلاً عليها من شرفة القرن الواحد والعشرين، في ما ينيف على خمسمئة صفحة موظفاً اليوميات والرسائل ومقتطفات من مقالات وقصائد نثرية وغير نثرية، وهو حريص على ان يُدخل تنويعات شكلية توسع من نطاق النص ليلامس فضاء المجالات المتصلة بحياته الخاصة.
يقول الناقد الأدبي محمد براده إن رواية «المدينة الملونة» تطفح بتأملات وأفكار كثيفة، متنوعة، وتحتضن قصائد وأغاني وذكريات شجية... ومواجهة الزمن الذي أصبحنا فيه، كما يقول بركات، كوطن وأمة نعيش على هامش الوجود بعد أن كنا نحلم أن نقترب من مركزه فتبدو «المدينة الملونة» اقرب ما تكون إلى نشيد ذي نفس ملحمي. هكذا تقول صحيفة الأخبار «إن حليم بركات أرْخ بلغة ذاتية وحميمة للنكسات والهزائم ومدن الأحلام المجهضة».
المصدر: البيان
إضافة تعليق جديد