تبدلات الهوية السورية
فتحت حديثي مع سائق التكسي بنكتة على النساء لأرى تبدلات العقل الذكوري في المجتمع، ضحك ثم بادرني بالسؤال الذي يسأله غالبية السواقين وغير السائقين من السوريين: من وين الأخ ؟! قلت هل أنت شرطي ؟ ابتسم وقال شو عرفك ! قلت من طريقة سلامك على شرطي إشارة المرور.. ولكن بماذا أنفعك إذا قلت من أين أنا ! هذا سؤال جوابه مضلل ، فإذا قلت لك من جبل العرب ستسبغ علي تصورك عن أهل الجبل، وإذا قلت لك من الساحل ستسبغ علي تصورك عن أهل الساحل، وإذا قلت من سلمية كذلك ستكون الصورة جاهزة في ذاكرتك ، بينما يمكنك أن ترى أن الأخوة في البيت الواحد لايتشابهون في تفكيرهم وميولهم وسلوكهم، وإذا قلت لك من أين أنا فسوف تكون نظرتك عني مضللة بالحكايات والفبركات المناطقية والطائفية والقومية المتراكمة عبر تاريخنا الطويل، وغالبا فإن سؤالك البريء قد يحيلنا إلى تصورات عدوانية يحدد فيها السائل موقفه منك كصديق أو عدو، وأنصحك أن تنظر في عقل الرجل لكي تراه جيدا، وتفيد من هذا الوقت الذي يقضيه معك ..
على السوريين أن يأخذوا عظة الحرب حيث تصارعت فيها حكاياتهم القومية والمناطقية والدينية، وتبعثرت البلاد بين أرجل الحكايات المتناطحة.. وعليهم أن يصوغوا أسئلة مابعد الحرب عن الوطن والمواطنة وإلا فإننا سنستمر باجترار أيامنا وآلامنا ونفاقنا الذي يغطي عنصريتنا النائمة كخلايا سرطانية..
في نهاية الطريق وبعد الموعظة الحسنة لم يرض السائق أن يأخذ الأجرة وقال بأن أجرته هي حديثي معه، وبالطبع أهديته شيئا أحمله كي أعوضه من دون أن أكسر قسمه بالله تعالى وجددت عزمي على البدء بكتابي الجديد حول "تبدلات الهوية السورية"
نبيل صالح
إضافة تعليق جديد